نابليون... «ابن المِعلم بونابرت» | مقالات

  • 5/13/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كدت بالأمس أخرج عارياً إلى الشارع مثل أرخميدس وأردد قائلاً: «نابليون ابن المعلم بونابرت اتهزم يا رجاله بالفرنساوي»، فقد دخلت منذ سنتين عقدي الرابع، أي اثنين وثلاثين عاماً بالتمام والكمال، وقد رأيت فيها «العفريت» مرتين، في وقت لم أرَ في حياتي فرنسيا واحداً لأتكلم معه أو يتكلم معي... في الواقع كل الفرنسيين والفرنسيات الذين شاهدتهم كانوا في «الأفلام» فقط وأحياناً في الأحلام... أجارنا الله وأجاركم من هكذا أحلام. وإذا لم يخب ظني «وهو دائماً ما يخيب» فأنت أيضاً أيها القارئ الهمام يا من تشكو الزحام وسرقة اللئام ربما لم تصادف في حياتك فرنسياً واحداً ما لم تكن واحداً من الطبقة المخملية المبطنة بالديباج والمغلفة بالحرير التي تقضي عطلتها في باريس وتمضي مساءها وتشرب قهوتها في الشانزيليزيه. وبعد هذه المقدمة الطويلة التي إن دلت فإنما تدل على أنني عاشق للتنظير والثرثرة. يسعدني و«يهنيني» أن أبلغك أن وزارة التربية قد قررت أن تعلم أولادنا الفرنسية في المرحلة المتوسطة، وهو نفس قرار الحكومة القاضي بتغريم كل من يقطف وردة في الحدائق 250 ديناراً... فلا نحن محتاجون للفرنسية ولا نحن نشاهد الورود أصلا في الحدائق أو الشوارع، ولكننا نشاهدها في ممرات المستشفيات. ولعلك تتفق معي أيها القارئ اللطيف أن تعليم الفرنسية لأولادنا مثل تجهيز غرفة الولادة لمن هي ليست حاملاً أصلاً، فيبدو أنه في الكويت ليست الوزارات وحدها التي تدار بالإنابة ولكن التعليم أيضاً... فنحن نتعلم الفرنسية بالإنابة عن شعوب أخرى تحتاجها أكثر منا. وقد يقول قائل إن العالم أصبح قرية صغيرة لذلك يجب أن نتعلم لغات سكانها، وهذا كلام لا غبار عليه...ولكن عليه كومة من الرمال حيث إن لي صديقاً دائماً ما أشاهده يأكل، ودائماً يردد أنه يستعين بالطعام على طاعة الله رغم أنني لم أشاهده ولو مرة واحدة في حياتي، يقدم طاعة لله، بل لا أراه دائماً إلا في طاعة السيد المسؤول. وكذلك وزارة التربية دائما تردد أنها تلبي حاجة سوق العمل، ولكنها في الواقع تلبي سياسات العولمة، وهذا فرق واضح فانتبه له يا رعاك الله. ورغم أن أولادنا أصلاً يعانون من مشكلة في دراسة اللغتين العربية والإنجليزية، إلا أن وزارة التربية قررت إضافة اللغة الفرنسية، فإذا كانت أثينا القديمة توفر السم لمواطنيها الراغبين في الانتحار فنرجو من الحكومة أن توزع مع التموين لتر بنزين لنشعل النار في أنفسنا كي نعيش عصر التنوير والاشتعال الثقافي الذي تريده الوزارة، كما أنه من العدل إذا كنتم ستعلمون أبناءنا لغة الفرنسيين فعليكم أن تعلموهم أصول ثورتهم، لذلك أقترح أنه مع بداية كل عام دراسي وفي طابور الصباح يتم إعدام خمسة مسؤولين بالمقصلة، وهي الطريقة نفسها التي تعامل بها الفرنسيون مع الفاسدين. وأقترح على وزارة التربية إن كانت صادقة في خدمة سوق العمل أن تعلم أولادنا لغات الفيليبين والهند وسيرلانكا...لأن تلك اللغات هي من نتعامل مع جناسيها يوميا.. فلماذا نتعلم الفرنسية رغم أننا لا نشاهد الفرنسيين إلا على الشواطئ في الأفلام؟، ولا نتعلم اللغات الآسيوية رغم أن مواطنيها يعيشون معنا في البيوت؟، ثم إن مستقبل الصين والهند ودول نمور آسيا وأسودها وأفيالها هو من سيسود العالم وهذه هي حاجة السوق الحقيقية. الأكيد أن هذه المحاولة فاشلة أولا، وعابثة أخيراً، فهي فاشلة كما فشلت من قبلها كل تجارب التربية، ولذلك نرجو من الوزارة أن ترفق مع كل مشروع تقدمه للمواطنين أسباب فشله وليس معايير نجاحه، وهي محاولة عابثة لأنها تعلمنا كيفية التواصل مع «سيمون دي بوفوار»، ولا تعلمنا كيفية التواصل مع «راجو بن كومار». ومما يؤرق مضجعي ويبلل وسائدي وسريري أن السادة المسؤولين لا يشركون المعلمين في خططهم التربوية، وعندما سألت أحدهم عن هذا قال لي إن «الشرك» حرام ولذلك فنحن لا نشرك أحداً معنا في القرار. قصة قصيرة: قُرئ اسم وزير التربية والتعليم الجديد في الصحف والمجلات..الكل كان محتفياً به، التلفزيونات.. والمقابلات..والتصريحات..فاستغربت كثيراً!... ليس من شخص الوزير، ولكن حين رأيته يسمع لأول مرة في حياته بوجود مؤسسة للتربية والتعليم!! كاتب كويتي moh1alatwan@

مشاركة :