حكم الدعاء للميت عند القبر جهرا.. المفتى يجيب

  • 11/11/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، إنه مِن السُّنة أن يقف المشيِّعون للجنازة عند القبر ساعةً بعد دفن الميت والدعاء له؛ لِمَا رواه أبو داود والحاكم عن عثمان- رضي الله عنه- قال: «كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم- إذا فَرَغَ مِن دَفنِ المَيِّتِ وَقَفَ عليه فقالَ: «استَغفِرُوا لأَخِيكم وسَلُوا له التَّثبِيتَ؛ فإِنَّه الآنَ يُسأَلُ».واستشهد « علام» فى إجابته عن سؤال: « حكم الدعاء للميت عند القبر جهرا؟» بما روى مسلم عن عمرو بن العاص - رضي الله عنه- أنه قال: «إذا دَفَنتُمُونِي فَشُنُّوا عليَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُم أَقِيمُوا حَولَ قَبرِي قَدرَ ما تُنحَرُ جَزُورٌ ويُقسَمُ لَحمُها حتى أَستَأنِسَ بكم وأَنظُرَ ماذا أُراجِعُ به رُسُلَ رَبِّي»، وذلك إنما يكون بعد الدفن.وذكر ما قاله الإمام النووي في "الأذكار": [ويستحب أن يقعد عنده بعد الفراغ ساعة؛ قدر ما يُنحَر جَزُورٌ ويُقَسَّم لحمُها، ويشتغل القاعدون بتلاوة القرآن، والدعاء للميت، والوعظ، وحكايات أهل الخير، وأحوال الصالحين، قال الشافعي والأصحاب: يُستَحَبُّ أن يقرؤوا عنده شيئًا مِن القرآن، قالوا: فإن ختموا القرآنَ كلَّه كان حَسَنًا].وأكد المفتى أن الدعاء للميت والذِّكْر عند قبره يكون سرًّا أو جهرًا، وبأي صيغةٍ تشتمل عليه؛ فالأمر في ذلك واسعٌ، والتنازع مِن أجْل ذلك لا يرضاه الله ولا رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم-، بل هو مِن البدع المذمومة.وتابع أنه مِن البدعة تضييق ما وَسَّع الله ورسوله - صلى الله عليه وآله وسلم-، فإذا شَرَع اللهُ - سبحانه وتعالى- أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثرَ مِن وجهٍ فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته، ولا يصح تقييده بوجهٍ دون وجهٍ إلَّا بدليل.وأضاف أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- نهى عن الأغلوطات وكثرة المسائل، وبيَّن أن الله تعالى إذا سكت عن أمرٍ كان ذلك توسعةً ورحمةً على الأمة؛ فقال- صلى الله عليه وآله وسلم-: «إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ فَرَضَ فَرائِضَ فلا تُضَيِّعُوها، وحَرَّمَ حُرُماتٍ فلا تَنتَهِكُوها، وحَدَّ حُدُودًا فلا تَعتَدُوها، وسَكَتَ عن أَشياءَ رَحمةً لكم مِن غيرِ نِسيانٍ فلا تَبحَثُوا عنها»، رواه الدارقطني وغيره عن أبي ثَعلَبةَ الخُشَنِيِّ- رضي الله عنه-.وأشار إلى ما قاله العلَّامة التَّفتازاني في "شرح الأربعين النووية": [(فلا تبحثوا عنها) ولا تسألوا عن حالها؛ لأن السؤال عمَّا سكت اللهُ عنه يُفضِي إلى التكاليف الشاقة، بل يُحكَم بالبراءة الأصلية].وأوضح أن رسولُ الله- صلى الله عليه وآله وسلم- بيَّن فَداحةَ جُرمِ مَن ضَيَّق على المسلمين بسبب تَنقِيرِه وكثرة مَسألته فقال: «أَعظَمُ المُسلِمِينَ في المُسلِمِينَ جُرمًا رَجُلٌ سأَلَ عن شَيءٍ ونَقَّرَ عنه فحُرِّمَ على الناسِ مِن أَجلِ مَسأَلَتِه»، رواه مسلم من حديث عامِرِ بنِ سَعدٍ عن أَبِيه - رضي الله عنه-.واستدل بما روى عن أَبي هُرَيرةَ - رضي الله عنه- قالَ: خَطَبَنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم- فقالَ: «أيها الناسُ، قد فَرَضَ اللهُ عليكم الحَجَّ فحُجُّوا»، فقالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عامٍ يا رسولَ الله؟ فسَكَتَ حتى قالَها ثَلاثًا، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم-: «لو قُلتُ نعم لَوَجَبَت ولَمَا استَطَعتم»، ثُم قالَ: «ذَرُونِي ما تَرَكتُكم؛ فإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبلَكم بكَثرةِ سُؤالِهم واختِلافِهم على أَنبِيائِهم، فإذا أَمَرتُكم بشَيءٍ فَأتُوا مِنه ما استَطَعتم وإذا نَهَيتُكم عن شَيءٍ فدَعُوهُ»، متفق عليه.و أبان بما قاله العلَّامة المُناوي في "فَيض القدير شرح الجامع الصغير": [(ذَرُوني) أي: اتركوني مِن السؤال (ما تركتُكُم) أي: مدةَ تَركِي إياكم مِن الأمر بالشيء والنهي عنه، فلا تتعرضوا لي بكثرة البحث عمَّا لا يَعنِيكم في دِينكم مهما أنا تاركُكُم لا أقول لكم شيئًا؛ فقد يوافق ذلك إلزامًا وتشديدًا، وخُذُوا بظاهر ما أمرتكم ولا تستكشفوا كما فعل أهلُ الكتاب، ولا تُكثِرُوا مِن الاستقصاء فيما هو مبيَّنٌ بوجهٍ ظاهرٍ وإن صلح لغيره؛ لإمكان أن يكثر الجواب المرتب عليه فيُضاهِي قصةَ بقرةِ بني إسرائيل؛ شَدَّدُوا فشُدِّد عليهم، فخاف وقوعَ ذلك بأُمته صلى الله عليه وآله وسلم].واختتم أن الدعاء في الجَمْعِ أرجى للقبول وأيقظُ للقلب وأَجْمَعُ للهمة وأَدعى للتضرع والذلة بين يدي الله تعالى، خاصةً إذا كانت هناك موعظةٌ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَدُ اللهِ مع الجَماعةِ»، رواه الترمذي وحسَّنه والنسائي عن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما-.

مشاركة :