رغم أهمية وزارة الصحة البالغة في حياة الناس، إلاّ أنها لم تحقق الأهداف المطلوبة منها، مما جعلها أكثر وزارات الدولة تغييرا في الوزراء، حيث تعاقب عليها العديد من الوزراء في فترات متقاربة، دون أن يستطيع أي منهم انتشالها من وضعها المؤلم الذي تمر به. فنجد المستشفيات في المدن الكبيرة تكتظ بالمراجعين؛ بسبب نقص الأسرّة الملاحظ، حيث يتضح ذلك من خلال أعداد المرضى «المنومين» في أقسام الطوارئ، حيث يمكن مشاهدة المرضى في طرقات المستشفى، أما بالنسبة للمناطق النائية فحدث ولا حرج فإمكانيات المستشفيات هناك تعتبر أقل مما يلبي احتياج المراجع، من ناحية عدم توفر التخصصات الطبية الكافية، كذلك تجهيزها لا يفي أبدا بالمطلوب. ولذا كان اختيار معالي المهندس خالد الفالح مهما، وهو صاحب الخبرة الواسعة في العمل الاحترافي القائم على الأسس العلمية في الإدارة والتشغيل من خلال تدرجه بالعمل في شركة «أرامكو» حتى أصبح رئيسا لها، إنه كفاءة إدارية مشهود لها، ووجوده يعتبر مكسبا لوزارة الصحة، والآمال المعقودة عليه كبيرة. ومن الضروري ان نرى المهندس الفالح يرتقي بالعمل في وزارة الصحة، من خلال رؤية تطويرية شاملة تعتمد على أحدث النظريات العلمية في هذا الشأن، دون النظر إلى البيروقراطيات السابقة التي عفى عليها الزمن، وإحداث تغيير شامل يواكب نظرة الدولة للنهوض بالمرافق الصحية بعيدا عن المجاملات الإدارية والفنية السابقة. إن ما وفرته الدولة من إمكانيات مالية وبشرية وبنية تحتية يمكن أن يحقق نجاحات باهرة لو وظف التوظيف الصحيح، إذ أن مشكلة وزارة الصحة في اعتقادي هي مشكلة إدارة، والمطلوب من الوزير الجديد أن يعمل على تحقيق تطوير إداري شامل، يتناسب مع الاحتياجات الملحة للوطن والمواطن دون الالتفات للمصالح الشخصية الضيقة، وأن ينصب الجهد على خدمة الإنسان بتأمين ما يحتاجه من رعاية صحية. ومن ضمن التطوير الذي نأمل أن يساعد على تخفيف العبء عن كاهل الوزارة تقليل المجهود الإداري والفني والمالي، بالتالي يصب في مصلحة المريض الذي يجد صعوبة عند مراجعة أي مستشفى، وأن يُعتمد ملف طبي موحد يمكن الرجوع إليه بواسطة رقم السجل المدني، يتضمن التاريخ المرضي له من يوم الولادة وحتى ينتقل الى رحمة ربه، بحيث يستطيع الطبيب أن يرجع الى الملف الطبي الأساسي للتعرف على التسلسل التاريخي لحالة المريض الصحية، وكذلك معرفة جميع الفحوصات التي سبق وأن عملت له من قبل بالإضافة الى معرفة الأدوية التي سبق وأن صرفت له وما مدى استفادته منها، وبهذا تستطيع الوزارة أن تقلل من إجراء فحوصات سبق وإن عملت لتخفيف العبء على الأقسام الفنية من مختبرات واقسام الأشعة بأنواعها، وكذلك الاقتصاد في صرف الأدوية، حيث إننا نجد أن المريض يوجد لديه أكثر من ملف طبي في معظم مدن المملكة، بالإضافة إلى المستشفيات العسكرية وكذلك المستشفيات الخاصة، الذين يبالغون في كثرة الفحوصات الطبية التي قد لا تكون بتلك الأهمية، ولكن لتشغيل تلك الأقسام لديهم مما يعود بالربح على المستشفى، والخسارة على المريض. إن وجود الملف الطبي الموحد بقدر ما يخدم المريض بقدر ما يبين أي أخطاء تشخيصية أو جراحية، وبالتالي يمكن معرفة الخلل ومحاسبة المقصر. أعتقد أن اعتماد هذا النظام من السهولة بمكان؛ نظرا للطفرة الاتصالية التي نعيشها في هذا العصر، وما حققته من تطور مذهل، ولعل ما تقوم به قطاعات وزارة الداخلية من إنهاء إجراء الكثير من المعاملات عبر الاتصال الإلكتروني خير دليل على إمكانية نجاح توحيد الملفات الطبية للأشخاص في ملف طبي واحد. أتمنى أن يتحقق ذلك؛ لما سوف يعود به من الفوائد الكثيرة للوزارة وبالتالي مصلحة المريض، أمنية وأرجو أن تتحقق. *نائب رئيس تحرير مجلة الحرس الوطني سابقا
مشاركة :