بعد 15 عاما على تغيير النظام في العراق، لا تزال ممارسات الحرية تواجه تحديات، خاصة في ظل الهيمنة الإيرانية، سواء في داخل العراق أو حتى في المنطقة، وفق تقرير نشرته صحيفة وال ستريت جورنال. ومنذ الشهر الماضي اندلعت في العراق احتجاجات تندد بالفساد والطبقة السياسية والتي قوبلت بقمع عنيف، ما دفع بتوجيه أصابع الاتهام لطهران في بذل جهود للنيل من التظاهرات أو أية أصوات تعارض مصالح إيران في العراق. ويشير التقرير إلى أن الهزيمة الشعبية لإيران في العراق هي من صنعها، خاصة وأن المطالبات في بدايتها كانت تتعلق بداخل البلاد وإخفاقات الحكومات والنظام في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين ناهيك عن الفساد والمحسوبية في الطبقة السياسية. ولعل أبرز سؤالين هامين يطرحهما الشباب العراقي أنه كيف تكون البلاد ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك، ولكنها لا تستطيع توفير الكهرباء للمواطنين؟ وكيف أن "أرض النهرين" لا تمتلك مياه شرب كافية؟ وفي رد على مطالب الشارع العراقي دعت القيادة في طهران الحكومة العراقية إلى معالجة "أعمال الشغب" وفق ما وصف المرشد الأعلى علي خامنئي في الثاني من أكتوبر، فيما ترأس قائد قوة فيلق القدس الإيرانية قاسم سليماني اجتماعات مع القيادات العراقية، وفتحت ميليشيات مدعومة من إيران النار على المتظاهرين والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 250 عراقي وجرح الآلاف. كما يشير تقرير الصحيفة إلى أن سليماني منع رئيس الوزراء العراقي من تقديم الاستقالة على خلفية الاحتجاجات. وتقدم وال ستريت جورنال مقاربة بين نهج إيران وممارساتها في العراق، ونهج وممارسات روسيا في أوكرانيا وكيف تعاملت مع الاحتجاجات عام 2014، إذ يرى النظامان في هذه الاحتجاجات تهديدا لهما، والتخوف الأكبر في حال نجاح هذه التظاهرات، فهذا يعني احتمالية انتقال العدوى إلى دول أخرى والتي تدين بعض الجهات فيها بالولاء لإيران. وأشارت إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يرى في احتجاجات أوكرانيا مؤامرة خارجية، وأنها ليست وليدة الداخل، وهي ذات النظرة التي يرى فيها قادة إيران أن المظاهرات في العراق "مؤامرة أميركية-إسرائيلية". وعبر المتظاهرون عن غضبهم من سياسيات إيران تجاه بلادهم، وتدخلها في شؤون البلاد ودعمها ميليشيات مسلحة تعمل لصالح طهران داخل العراق، حيث يتهمهم المتظاهرون بالفساد وترهيب المواطنين والسيطرة على مقدرات البلاد. وانطلقت خلال التظاهرات هتافات تنادي بخروج إيران من العراق، وشهدت بغداد خلال التظاهرات هتافات "إيران برا برا.. بغداد تبقى حرة"، وفق وكالة فرانس برس. وتعتبر هذه الاحتجاجات غير مسبوقة في التاريخ العراقي الحديث. بدأت عفوية بسبب الاستياء من الطبقة السياسية برمتها، وصولا حتى إلى رجال الدين. ودعت وزارة الخارجية الإيرانية المواطنين إلى عدم السفر إلى العراق وتأجيل رحلاتهم في ظل الاحتجاجات العنيفة خاصة في المدن الجنوبية التي يوجد فيها مزارات للحجاج الإيرانيين، وفق ما أفادت به راديو "فردا" نهاية أكتوبر.
مشاركة :