في كل يوم تتوفى 830 امرأة في العالم خلال عملية الوضع، وأكثر النساء تعرضا لهذا الخطر هن اللواتي ما زلن فى سن المراهقة ويعشن فى الدول النامية. وتعدّ المضاعفات الناتجة عن الحمل والوضع هى اكبر خطر يهدد الفتيات فى الفئة العمرية 15-19 سنة. و تلك المشكلة تتكرر باستمرار على نحو يجعلنا نعاملها وكأنها شىء عادي، ولكن هذا أمر لا يصح،” على حد قول الدكتور “أديمولا أولاجيدي”، رئيس “صندوق الأمم المتحدة للسكان” فى كينيا. وهذا هو السبب الذي حمل 160 وفدا دوليا، وآلاف من المشاركين من المجتمع المدني والقطاع الخاص على اللقاء فى نيروبي يوم 12 نوفمبر للمشاركة فى أعمال “المؤتمر الدولي للسكان والتنمية ” بغرض مكافحة وفاة الأمهات خلال الوضع وإتاحة خدمات تنظيم الأسرة وإنهاء العنف الموجه ضد النساء بحلول عام 2030 وتستند تلك الأهداف إلى الوعود التي انطلقت قبل 25 عاما من المؤتمر الدولي الأول الذي عقد فى القاهرة، والذي اتفق خلاله المجتمع الدولي على أن الصحة الجنسية والإنجابية هى حق إنساني. وخلص وقتها قادة العالم إلى أنه لا يمكن أن نترك النساء عرضة للموت خلال عملية الولادة، كما أكدّوا أنه لا مكان فى المجتمعات الحديثة للعنف الموجه ضد النساء. وتحقق الكثير من التقدم منذ ذلك الوقت. ما بين 1994 و2015 انخفضت معدلات وفاة النساء خلال الوضع بنسبة تفوق 40 فى المائة، وفقا للأمم المتحدة. ولكن الفجوة بين الإنجازات والتطلعات ما زالت كبيرة، على حد قول “آرثر إيركين”، مدير الاتصالات فى “صندوق الأمم المتحدة للسكان”. “في هذه اللحظة التي نتحدث فيها، هناك ربع مليار شخص محرومون من خدمات تنظيم الأسرة، وذلك برغم أننا اتفقنا منذ حوالي 50 عاما على أن تنظيم الأسرة هو حق للجميع”، هذا ما قاله “إيركين” فى تصريحات لوكالة “أ ف ب – خدمات”. “هذا هو السبب في أنعقاد المؤتمر الدولي للسكان والتنمية — إننا في حاجة لإحياء الشراكات وتوثيقها وترسيخ الالتزامات السياسية والمالية استكمالا لما بدأناه قبل 25 عاما.” برغم أن اجتماع نيروبي هو استكمال لأعمال مؤتمر القاهرة فى 1994، فإن مستوى المشاركة يختلف بالكامل في ظل المشاركة الأوسع من جماعات الشباب والمجتمع المدني والقطاع الخاص، وفقا لما قاله “إركين”. “لا يمكنك أن تبقى أسيرا في ذات المسار، بل عليك أن تتفاعل مع الجماعات الأخرى، بالذات الشباب والقطاع الخاص.” في إطار توسيع نطاق المشاركة، تم التعرف على شركاء جدد، وهو أمر أساسي من جهة التمويل، كما صرح السفير الدانماركي “إيب بيترسين”. وأضاف “بيترسين” قائلا، إن الدانمرك هي في مقدمة الدول التي تقدم التمويل فى هذا الحقل على مستوى العالم، كما أنها بدأت فى دعم تلك العملية منذ عام 1994. “هناك حاجة كبيرة إلى التمويل من أجل دعم هذه الأجندة، ولهذا فإنه من المهم أن نجذب شركاء جدد، بما في ذلك القطاع الخاص”، على حد قوله. “أنا فخور بإن كينيا تلعب دورا قائدا فى هذه الجهد”، هذا ما صرح به “سايتوتي تورومي”، الأمين الدائم “لإدارة التخطيط القومي” فى كينيا. ومضي “تورومي” قائلا، إن كينيا تؤيد أجندة المؤتمر بما فيها القضاء على ختان الإناث، وهي ظاهرة تعرضت لها تقريبا 9 مليون امرأة فى كينيا برغم تحريمها في البلاد اعتبارا من 2001. هناك من يعارضون تحريم ختان الإناث، حيث أعرب بعض قادة الجماعات الدينية عن قلقهم بشأن السبب الحقيقي وراء عقد هذا المؤتمر، معتبرين إنه يخلّ بالقيم الثقافية فى كينيا، كما أوضح “تورومي”. ولكن الكثير من القادة الدينيين من مختلف المذاهب قد أكدوا أن الأمور التي يؤيدونها من ضمن أهداف “المؤتمر الدولي للسكان والتنمية” تفوق الأمور التي يعترضون عليها. وقد عقد “مجلس الكنائس فى كامل أفريقيا”، وهو مظلة مسيحية، مؤتمرا في 12 نوفمبر دعا إليه كافة المذاهب بهدف الخروج بموقف مشترك تجاه “المؤتمر الدولي”. “نحن نتأهب للحديث بصوت واحد بخصوص المؤتمر الدولي للسكان والتنمية”، هذا ما قاله الشيخ “إبراهيم ليثومي” من “المجلس الأعلى للمسلمين” فى كينيا. ومضى “ليثومي” قائلا: “إننا سعيدون بهذا الحدث وبتلك الأمور من قبيل مكافحة العنف تجاه النساء وتوفير خدمات الولادة وتنظيم الأسرة، ونحن نؤيد كل هذا وعلينا أن نبحث كل تلك الأمور، مع مراعاة الحساسيات الخاصة بالقيم الدينية”. في ظل مشاركة حوالي 7,000 شخص من خلفيات متنوعة فى المؤتمر، تتأهب نيروبي لثلاثة أيام من النقاش ومن تقديم الالتزامات الدولية بصدد خطة “المؤتمر الدولي للسكان والتنمية”. وعلى أساس تلك الالتزامات فإن كل دولة سوف تقوم بتحديد تلك الجوانب من أهداف “المؤتمر الدولي” التي سوف تتولى دعمها.
مشاركة :