هاني أبو الفتوح يكتب: إياك ومصيدة البلاك فرايداي

  • 11/13/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يعيش في جميع بقاع الأرض فئة من الفهلويين تشمل رجال أعمال وتجارا وفنيين وأصحاب مهن حرة وحتى أولئك الذين ليس لديهم مهنة معروفة، أقسموا جميعا على ألا يتركوا فرصة إلا واستغلوها لتحقيق مكاسب ضخمة حتى باستخدام الاحتيال والكذب، فالغاية دائما تبرر الوسيلة، فأصبحوا لا شاغل لهم إلا تحقيق مزيد من الأرباح بالفهلوة. أتحدث هنا عن أكذوبة الجمعة السوداء المعروفة بـ "البلاك فرايداي"، وكيف حولها الفهلويون من مناسبة للتخفيضات التي لا مثيل لها إلى مهرجان للنصب على المستهلكين، فما هي قصة الجمعة السوداء وكيف نشأت في مصر؟الجمعة السوداء هو يوم في نهاية شهر نوفمبر من كل عام يأتي بعد عيد الشكر في الولايات المتحدة معلنا بداية موسم شراء هدايا عيد الميلاد. تقوم معظم المحلات التجارية ومواقع التجارة الإلكترونية بتقديم عروض وتخفيضات كبيرة تصل في بعض الأحيان إلى 90%، مما يجذب أعدادا كبيرة من المستهلكين لشراء هدايا عيد الميلاد، ويتجمهرون لساعات طويلة قبل موعد عمل المتاجر. ومع فتح المتاجر، يبدأون في التدافع للحصول على أكبر قدر من البضائع المخفضة الثمن، كما تقوم أيضا بعض متاجر الإنترنت مثل موقع" أمازون" و "إيباي" بتقديم خصومات على منتجات عديدة، وعروض مذهلة على منتج معين يتغير كل ساعة.عرف العالم العربي حدث الجمعة السوداء في عام 2014 من خلال أحد مواقع التسوق الإلكتروني العربية، وسريعا انتقلت إلى المحلات التجارية، وفي مصر تبدأ فعاليات الجمعة السوداء طوال شهر نوفمبر، ويشارك فيه بعض متاجر ومواقع بيع المنتجات المختلفة بتقديم خصومات ضخمة.ونظراً إلى ما يحمله يوم الجمعة عند المسلمين من قدسية خاصة لا تليق بوصفه باليوم الأسود، فنهار الجمعة هو يوم مبارك، لذلك تم تغيير إلى "الجمعة البيضاء" لأن اللون الأبيض يلائم هذه الصفة أكثر.وبما أن بعض التجار لهم باع طويل في الفهلوة، فهم لن يضيعوا الفرصىة لتحقيق مكاسب كبيرة بما فيها التخلص من البضاعة الراكدة، وهذا ما حذر منه جهاز حماية المستهلك، حيث تقوم إدارة التحريات بالجهاز بشن حملات دورية على السلاسل والمحلات التجارية للتأكد من صحة العروض المعلنة خلال عروض "البلاك فرايداي" للتأكد من عدم القيام برفع أسعار المنتجات عن السعر الحقيقي ثم إعلان خصم عن المعلن عنه، بهدف خداع للمستهلك.يقوم أصحاب العروض باستخدام الدعاية المكثفة وتوظيف تعبيرات مثيرة لشهية المستهلك مثل فرصة مذهلة، وخصومات حقيقية على أحدث الموديلات من أكبر دور الأزياء العالمية، اشترِ قطعة واحصل على الثانية مجاناً إلخ. هذه العبارات تجعل المستهلك في حيرة من أمره، فهل هي حقاً عروض وخصومات حقيقية؟ وفى النهاية يقع الكثيرون في مصيدة العروض الوهمية.فيا عزيزي المستهلك حتى لا تتحول الجمعة السوداء إلى كوميديا سوداء يضحك فيها التاجر على المستهلك الذي يظن أنه فاز بتخفيض لا مثيل له، بينما في الحقيقة أنه اشترى بضاعة غالبا ما تكون راكدة بنفس سعرها قبل الخصم الكبير المزعوم، أرجو ألا تتسرع في الشراء تحت ضغط الخصومات التي لا مثيل لها إلا في خيال التاجر. اسأل نفسك؛ لماذا أتسابق لشراء سلع لا أحتاج إليها، أو في حقيقة الأمر لا تساوى ما أنفقته لشرائها، إما لأنها رديئة الصنع، وإما لأنها تُباع بخلاف سعرها الحقيقي، أو على وشك انتهاء الصلاحية، أو تكون قديمة أو عفا عليها الزمن إلخ. إنها الخدعة الكبرى التي اخترعها علماء التسويق ونفذها التجار ووقع ضحيتها المستهلك المغرور به.

مشاركة :