مع حلول شهر مايو (أيار) من كل عام، تبدأ نسمات الدفء تنبعث في حياء لتعم مدن الريفييرا الفرنسية، ومعها تبدأ أحداث الموسم السياحي الجديد الذي تكون بدايته في مدينة كان. وفي الأيام السابقة لمهرجان كان السينمائي وخلال المهرجان، ينهمر الإقبال السياحي على المدينة من فئات متعددة من السياح، بعضها يسعى لمشاهدة نجوم السينما، والآخر يواكب الموسم السياحي الجديد، والبعض يستكشف الساحل اللازوردي بزيارات إلى مدن غراس ونيس وإمارة موناكو. وفي حين تشتهر مدينة كان بمهرجان السينما الدولي، فإن جنوب فرنسا يعج بالأحداث والمهرجانات والأنشطة الرياضية والسياحية الأخرى التي تجذب الأضواء، ولكن ليس بقدر نجوم هوليوود الذين يحطون على كان أثناء المهرجان السينمائي. فهناك مهرجان «مايو» الذي يقام في مدينة نيس ويستمر طوال الشهر، وتنتشر فيه الرقصات الشعبية والأغاني والعروض الفلكلورية، خصوصا في أيام نهاية الأسبوع. وفي مدينة كاب فيرات القريبة، يقام مهرجان الزهور خلال الشهر نفسه، ويحضره عارضون للزهور من جميع أنحاء العالم. من الأحداث الفنية عروض الأوبرا التي تبدأ موسمها في شهر مايو، وتعرض هذا العام أوبرا «يوجيني» لتشايكوفسكي في موناكو. كما تقام دورة تنس دولية للنساء في بلدة كاغن سور مير. وفي موناكو يقام سباق السيارات الأشهر عالميا ضمن دورة «فورمولا1»، بالإضافة إلى بطولة تنس موناكو. وبداية الزيارة إلى المنطقة تبدأ عادة من مطار نيس الدولي الذي يستقبل خطوط الطيران المباشرة من باريس ومن كل أنحاء العالم. وهناك خدمات طيران رخيص من لندن إلى نيس عبر شركات مثل «إيزي جيت». ويمكن باستئجار سيارة، زيارة كل أرجاء المنطقة عبر شبكة طرق جيدة. ويزور نيس نحو ثلاثة ملايين سائح سنويا، وهي المدينة الثانية سياحيا في فرنسا بعد باريس. وهي تشتهر بالممر الإنجليزي «بروميناد ديز آنغليه» ومتحف ماتيس. الإقامة أيضا سهلة في مدن جنوب فرنسا، حيث تنتشر الفنادق الصغيرة التي تبدأ أسعارها من نحو 60 يورو في الليلة. وهناك أيضا مواقع معسكرات إقامة سياحية خارج المدن تبدأ من نحو 15 يورو في الليلة الواحدة. ولكن هذه المواقع لا توفر أي اختلاط بالنجوم خلال شهر مايو، ولكن هناك طرق أخرى لذلك (انظر الكادر). وقبل محاولات مشاهدة نجوم السينما لا بد أولا من استكشاف المواهب السياحية المغمورة في كان، فهي مثلا توفر أفضل مواقع المارينا لليخوت التي يقيم فيها الأثرياء والمشاهير أثناء زيارة جنوب فرنسا، وهي تكاد تنافس ميناء مونت كارلو في اجتذاب الأثرياء في المواسم السياحية. وتجذب النزهة على شواطئ كان معظم سياح المدينة، ولكن هؤلاء الذين يريدون التعرف على المدينة، يتوجهون إلى الحي القديم الذي يسمى «سوكيت» ويوفر أفضل تجربة سياحية في المدينة، فهو يطل على الساحل الجنوبي ويمتد إلى التلال القريبة التي تقع على قمتها قلعة يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر. وفي كان نشأ القول بأن أفضل الأشياء في الحياة تأتي مجانا، فبخلاف اليخوت الفاخرة والسيارات الفارهة التي تزخر بها المدينة هذا الشهر، فإن الاستمتاع الحقيقي يأتي عبر مشاهدة البحر، والاستمتاع بالطقس، ومشاهدة النجوم، والتجول بين الفيلات الفاخرة في الحي الإنجليزي العتيق، وبعضها مفتوح للزيارة. وللمدينة تاريخ عريق يمتد حتى القرن الرابع الميلادي، حينما بدأت قرية للصيادين. وتعرضت المدينة لغارات من القراصنة ومن الاحتلال الإسباني، قبل أن تشهد الاستقرار والشهرة بين الطبقات الأرستقراطية الأوروبية. وهي تشتهر حاليا بمهرجان الأفلام الدولي الذي يعقد فيها سنويا منذ أربعينات القرن الماضي. وهي مدينة توأم مع حيي «بيفرلي هيلز» الأميركي، و«كنسنغتون آند تشيلسي» اللندني. ويمكن القيام بجولات في المدينة بالسيارة أو بالقطار السياحي الذي يبدأ من المكتب السياحي في المدينة إلى الحي القديم وإلى منطقة كروازيت، أشهر مناطق المدينة. وتستمر كل جولة لمدة 40 دقيقة، ويتم شرح معالم المدينة للركاب بلغات مختلفة. ويمكن التجول في المدينة على الأقدام مع دليل سياحي. ومن كان يمكن زيارة مدينة غراس التي تشتهر بصناعة العطور، وهي على مسافة عشرة أميال من كان. وتفتح أربعة مصانع من جملة 300 مصنع عطور أبوابها للزوار. ويمكن زيارة متحف الفنون والتاريخ في المدينة. وإلى الشرق من كان، يمكن زيارة إمارة موناكو على بعد 24 ميلا، أو مدينة نيس على بعد 20 ميلا شرق المدينة. من الأنشطة الرياضية التي يمكن القيام بها في كان الإبحار الشراعي، والتزلج على الأمواج، وركوب الزوارق، ولعب الغولف والمشي. وفي كان، يمكن التسوق لشراء أرقى المنتجات الفرنسية مثل العطور والأزياء من كبار المصممين بأسعار باهظة. ولكن المتاجر الصغيرة في الشوارع الجانبية تبيع كثيرا من المنتجات الفرنسية بأسعار معتدلة، وتقبل الدفع بالعملات الحرة بأسعار الصرف المنشورة في صحف المدينة في اليوم نفسه. كما أن معظم المتاجر يستخدم بائعا واحدا على الأقل يتحدث باللغة الإنجليزية إلى جانب الفرنسية. وأشهر مناطق التسوق في كان منطقة «لا كروازيت»، وفيها يمكن شراء منتجات «كريستيان ديور» و«شانيل»، كما تنتشر فيها متاجر بيع الحلويات والشوكولاته. وهناك أيضا الأسواق الشعبية في شارع مايمادييه، وفيه تنتشر منافذ بيع الملابس الرخيصة والأطعمة المختلفة وأفضل أنواع الجبن في كان. ويمكن الذهاب أيضا إلى سوق فورفيل، وهو سوق كبير مغطى يقع بين مبنى قاعة المدينة وخطوط السكك الحديدية. وفي هذا السوق يمكن شراء الزهور والأسماك الطازجة والفواكه والخضراوات المحلية. ويفتح هذا السوق أبوابه بين يومي الثلاثاء والأحد من الصباح وحتى الظهيرة. ويقع بالقرب من فورفيل سوق آخر للزهور وهو يستحق الزيارة. ومن يفضل مجمعات التسوق، يمكنه الذهاب إلى أكبرها واسمه «غاليري غراي دالبيون»، وهو مليء بالبوتيكات ومتاجر متعددة للملابس والهدايا من كبار المصممين، ويقع بالقرب من «لا كروازيت». ومن أجل تسوق أرخص يمكن الذهاب إلى غرب المدينة، حيث يوجد كثير من المتاجر الكبيرة والمجمعات التجارية في حي لابوكا. ويمكن شراء الملابس والإلكترونيات والمفروشات من المحلات الكبيرة. ويعمل معظم المتاجر على فترتين؛ من الصباح وحتى الثانية عشرة، ثم بين الثالثة والسابعة والنصف عصرا. وكثير من الهدايا في كان لها علاقة بمهرجان الأفلام من صور النجوم إلى لوحات إعلان الأفلام. وهناك أيضا المنتجات الزراعية المحلية التي يقبل عليها بعض السياح مثل الزيتون وأنواع الجبن والفواكه المحفوظة في السكر. وهناك أكثر من 300 مطعم في كان تتراوح بين الفاخرة التي تكلف الوجبة الواحدة فيها أكثر من 120 يورو، إلى الشعبية التي تقل فيها الوجبة عن 60 يورو. ومن أشهر المطاعم الفاخرة في كان مطعم «لا بالم دور» الذي يقع في منطقة «لا كروازيت»، ويعمه ديكور «آرت ديكو» ويقدم وجبات شهية. ويقع المطعم داخل فندق «مارتينيز» ويعد الأفضل على الإطلاق في مدينة كان، ويتخصص المطعم في الوجبات التي تشتهر بها منطقة البحر المتوسط. أما المطعم الفاخر الآخر، فهو مطعم «فوكيت» الذي يأتي على الطراز الباريسي، ويقع في فندق «ماجيستيك» في شارع «لا كروازيت». وهو يتميز بجلسات في التراس المشمس، التي يفضلها أهل كان، خصوصا في فترة الظهيرة. أما المطاعم متوسطة المستوى، فأشهرها «بالم سكوير» و«لو كافو». الأول تقليدي ويقع في وسط المدينة، ويتخذ من السينما وأفلامها شعارا للديكورات الداخلية. وتتنوع الأطعمة فيه بين الطراز الفرنسي وتقديم وجبات خاصة تتنوع بين الكاريبي والهندي. أما الثاني، فهو قريب من المارينا، ويتخصص في الوجبات البحرية، ويقدمها في مناخ تقليدي يعود إلى حقبة ثلاثينات القرن الماضي. وفي المواسم، يكون الإقبال على هذا المطعم مزدحما، ولذلك فالحجز المسبق فيها ضروري. من المطاعم الرخيصة، مطعم «سوكيت24»، وهو عنوان المطعم في منطقة سوكيت، وهو مطعم فرنسي أصيل يقع في منطقة شعبية ويقدم وجبات «بروفينسال» يفضلها الفرنسيون. وهناك أيضا مطعم «لا بيسترو مارغو»، وهو يقدم قائمة طعام متنوعة بها وجبات رخيصة. وهو مزدحم دوما، ولذلك قد ينتظر الزبائن فترة طويلة حتى وصول الطعام. وبالإضافة إلى المطاعم، هنالك كثير من الأندية الليلية والكافيتريات التي يقدم بعضها عروض الموسيقى الحية، ويمكن فيها تناول كل أنواع المشروبات. كما يوجد أيضا مسرح ألكسندر الثالث الذي يتسع لنحو 170 مشاهدا، وهو يقدم مسرحيات حديثة يشجع بها المواهب الفرنسية الجديدة.
مشاركة :