مؤتمر برلين الليبي.. اقتسام الكعكة

  • 11/14/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كمال بالهادي سباق مع الزمن يخوضه مفاوضون ألمان من أجل توفير شروط النجاح لمبادرة المستشارة أنجيلا ميركل، بشأن ليبيا. حسم الصراع حول طرابلس عسكرياً، سيكون كارثياً بمقاييس عديدة، والمبادرة الألمانية يمكن أن تشكل فرصة أخيرة، و لكن حتى هذا المؤتمر الذي لن تحضره أطراف الصراع في ليبيا، ولن تحضره دول الجوار لليبيا باستثناء مصر، قد لا يكون هو الطريق الحقيقي للوصول إلى تسوية سياسية في هذا البلد المغاربي الرازح منذ ثمان سنوات تحت سطوة الميليشيات.وعلى الرغم من أن المؤتمر كان مقرراً عقده في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، فإن صعوبات جمع الأطراف الدولية والإقليمية على طاولة واحدة في برلين بعدما فشلت مؤتمرات سابقة في باريس وروما، تثبت أن مبادرة ميركل لن تكون سهلة، على الرغم من التحذيرات المتزايدة من أنها ستكون الفرصة الأخيرة قبل انهيار كل شيء في ليبيا، وقبل اللجوء إلى تدخل عسكري أجنبي مباشر في ليبيا لفرض السلام بالقوة.مؤتمر برلين لن تحضره سوى دولتين عربيتين هما مصر والإمارات، فيما ستحضر تركيا باعتبارها الدولة الحاضنة لجماعة «الإخوان» المسلمين التي تسيطر هي ومشتقاتها على العاصمة الليبية طرابلس وعلى مدن الغرب الليبي. وزير الخارجية الألماني حط رحاله في القاهرة مرتين على الأقل، حيث التقى وزير خارجيتها سامح شكري، لبحث موضوع الترتيبات الأخيرة قبل عقد المؤتمر في النصف الثاني من ديسمبر/كانون الأول المقبل، حسب تصريحات للمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة. وباستثناء مصر لن تحضر دول الجوار الأخرى إلى برلين، وإقصاؤها يبدو مبنياً على غياب دور فاعل لها في حل الأزمة الليبية، وينطبق هذا المثال على تونس والجزائر. وصرح المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، بأنه لن يتم استدعاء الفرقاء الليبيين لأنهم «عاجزون» عن التوصل إلى تصورات للحل الأمثل. يبدو أن المؤتمر سيكون بداية لاقتسام الكعكة الكبرى في ليبيا (مشاريع إعادة الأعمار قدرت بما يساوي 270 مليار دولار)، وفرض «الحل السلمي»، ووضع الجار الجنوبي لتونس تحت الوصاية لسنوات أو حتى لعقود.ولن تكون تونس التي دفعت الثمن الأعلى جزءاً من الصورة، ولن تقبل القوى المنتصرة على الأرض ضمن الوضع الإقليمي أن نكون من الفاعلين المستقبليين في التوليفة السياسية والاقتصادية والأمنية التي ستفرض في طرابلس. سندفع ثمن خيانات «الإخوان»، وقصر رؤية سياسيينا، ونهاية دورنا الإقليمي.يبدو أن المنافسة الدولية على ليبيا، هي التي تعطل التسريع بإيجاد توافقات سياسية بين الفرقاء الليبيين. فواشنطن المعنية بالحرب على الإرهاب ولو ظاهرياً، مازالت لم تتدخل على المستوى السياسي بالدرجة التي يمكن من خلالها أن تغير المواقف الداخلية. فالغدارة الأمريكية اقتصر تدخلها على بعض اللقاءات مع السراج بمستوى دبلوماسي ضعيف جداً، كما أنها لم تستقبل وفوداً من الشرق الليبي، والأكثر من ذلك أن تحليلات كبار المحللين الذين يعبرون بصورة قريبة عن موقف إدارة البيت الأبيض، تذهب إلى أن تنظيم هذه المؤتمرات لن يغير شيئاً على الأرض، وأن الأهم من المؤتمرات هو تنفيذ القوانين الدولية بمنع تصدير السلاح إلى أطراف النزاع. ويقول بين فيشمان المحلل بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى: «يعتبر عقد مؤتمر آخر حول ليبيا سبباً لاستمرار الجمود السياسي، ما لم يعالج بشكل ملموس مسألة استيراد الأسلحة بطريقة غير قانونية». ويضيف: «كان مجلس الأمن قد فرض حظراً على توريد الأسلحة في إطار تدخله في ليبيا عام 2011. وبقي ساري المفعول على الورق فقط. ولا توجد آلية تنفيذ للتحقق من السفن أو الرحلات الجوية التي تنقل شحنات أسلحة محتملة. والأسوأ من ذلك، أن هذا يحصل في وضح النهار، حيث يتم تفريغ المركبات المصفحة على الأرصفة وتحلّق الطائرات المسيرة في السماء، الآتية بوضوح من خارج ليبيا. ومع استمرار الحرب، يعتمد كل طرف على مزودين خارجيين من أجل أن يضاهي الأسلحة والأنظمة المتطورة بشكل متزايد من الطرف الآخر».إنها حرب يرى الجيش الوطني الليبي أنها لن تتوقف إلا إذا تم إقرار طرد الميليشيات المسلحة من العاصمة طرابلس، وتحريرها من براثن عصابات الجريمة المنظمة والعصابات الإرهابية. belhedi18@gmail.com

مشاركة :