فزاعة الصراع الشيعي – الشيعي

  • 11/14/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الطبقة السياسية الطائفية الحاكمة في العراق ولبنان ليس لها من شاغل هذه الأيام سوى امر واحد محدد.. كيف يمكن لها ان تقضي على الانتفاضة الشعبية الحالية، وأن تخرج من هذا الزلزال السياسي بأقل قدر ممكن من الخسائر؟ الطبقة السياسية تتبع أساليب كثيرة للوصول إلى هذا الهدف. أول هذه الأساليب انه في مواجهة عنفوان الانتفاضة الشعبية، تتظاهر القيادات الحاكمة في هذه الطبقة بأنها تتفهم دوافع الانتفاضة ومطالب المتظاهرين وتعتبرها مطالب محقة، وتزعم ان العمل جار للبحث عن طريقة تلبية كثير منها. من الواضح ان هذا الزعم لا ينطلي على احد من أبناء الشعبين لسبب بسيط هو انه لا يوجد عمليا أي شيء يثبت صحته في مواقف وأفعال هذه الطبقة. بالتوازي مع هذا التظاهر بالتفهم وبالرغبة في الإصلاح والتغيير والعمل على ذلك، تلجأ الطبقة السياسية كما نعلم إلى كل أساليب الترهيب للمحتجين، بدءا من القتل المباشر على يد المليشيات كما يحدث في العراق، مرورا بالترويع والتخويف من عواقب عدم انهاء المظاهرات.. وهكذا. وفي الأيام القليلة الماضية، لجأت القوى الطائفية الحاكمة في العراق بالذات إلى أسلوب جديد لتخويف المحتجين وإثارة فزعهم على امل ان يؤدي هذا إلى دفعهم لوقف الاحتجاجات. هذا الأسلوب يتمثل في الترويج على نطاق واسع لزعم مؤداه ان استمرار الاحتجاجات يمكن ان يفجر حربا أهلية شيعية شيعية، أي إلى تفجير صراع شيعي شيعي في البلاد. يروجون لهذا القول على السنة المسؤولين، وفي مواقع التواصل وبكل السبل. هم يقولون هذا من منطلق ان الأغلبية الساحقة من المحتجين في العراق هم من الشيعة، والمدن الشيعية هي التي تشهد اكبر الاحتجاجات وأكثرها حدة. وهم يقصدون هنا ان استمرار الاحتجاجات قد يفجر الصراع بين قوى شيعية مؤيدة لها أو مشاركة فيها، وقوى أخرى ترفضها. بعبارة أخرى، هم يحاولون ان يلقوا في روع العراقيين الشيعة ان وقف الاحتجاجات هو امر تقتضيه مصلحة الشيعة عموما. هذه رؤية طائفية تماما، وتثبت ان هذه الطبقة السياسية في العراق عاجزة حتى الآن عن ان تدرك طبيعة وجوهر الاحتجاجات الشعبية. الذين يقولون هذا الكلام لا يدركون حتى الان ان أعظم ما في انتفاضة الشعب العراقي، واللبناني أيضا، انها بالأساس انتفاضة ضد الطائفية، وضد التبعية للنظام الإيراني الذي من مصلحته ترسيخ هذه الطائفية ويسعى إلى فرضها إلى الأبد بكل ما يملك من قوة وبطش. شيعة العراق الذين يقودون هذه الانتفاضة لا يحتجون بحثا عن مطالب للطائفة الشيعية، وإنما عن مطالب وطنية عامة لكل أبناء الشعب العراقي. لهذا لم نسمع عن أي مطلب له طابع طائفي من اي نوع. وليس صحيحا ان هناك قطاعا شعبيا في أوساط شيعة العراق يرفض الانتفاضة أو يطالب بوقفها. الذين يفعلون أو يريدون هذا هم قوى سياسية ومليشيات طائفية عميلة لإيران تنتمي إلى الطبقة السياسية التي يريد الشعب لها ان ترحل. ما لا تدركه الطبقة السياسة الطائفية الحاكمة في العراق حتى الآن هو ان ما يجري ليس صراعا طائفيا أو حول منافع طائفية. هذا صراع يخوضه شعب العراق من اجل دولة مدنية تنبذ الطائفية والمحاصصة الطائفية نهائيا. هذا صراع الوطنية العراقية والكرامة العراقية والرغبة في التحرر والاستقلال، ضد التبعية والخضوع الذليل لنظام إرهابي هو النظام الإيراني وعملاؤه. لكل هذا، فإن الأمر المؤكد ان هذه الفزاعة التي تلوح بها الطبقة السياسية الطائفية في العراق.. فزاعة التخويف من حرب اهلية أو صراع شيعي شيعي، لن تخيف أحدا من أبناء الشعب المنتفض، ولن تدفع أحدا إلى التراجع أو التسليم بواقع الطائفية المقيت المدمر.

مشاركة :