شهدت منطقة الفاية، التي تبعد عن مدينة أبوظبي 45 كيلو متراً، أمس، زراعة أشجار الغاف على شكل كلمة (تسامح) باللغتين العربية والإنجليزية، تجسيداً لقيم التسامح على أرض الإمارات التي تلتقي فيه ثقافات العالم، وتعد نموذجاً رائداً في العيش المشترك والتسامح. وأطلقت هيئة البيئة في أبوظبي أمس «واحة التسامح» في منطقة الفاية، بمشاركة عدد من المؤسسات الحكومية وممثلي البعثات الدبلوماسية بالدولة، في إطار مبادرتها «التسامح مع الطبيعة» التي أطلقتها تزامناً مع عام التسامح. وتهدف «واحة التسامح» إلى ترسيخ قيم التعايش والوئام والتسامح والسلام، التي يتمتع به الجميع في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتسليط الضوء على أهمية شجرة الغاف، والدور الكبير الذي تلعبه في المحافظة على التنوع البيولوجي، وتوفير موئل طبيعي للأنواع البرية في البيئة التي تعيش فيها. وبلغ عدد الأشجار التي تمت زراعتها في «واحة التسامح، 600 شجرة غاف وأكثر من ألف شجرة مرخ، وهي من الأشجار المحلية التي تم إكثارها في مشتل بينونة التابع للهيئة والمتخصص في إنتاج النباتات المحلية. وتساهم «واحة التسامح» في توفير الظل الطبيعي لمجموعات مختلفة من الأنواع البرية التي تؤويها منطقة الفاية، والتي تضم عدة آلاف من الحيوانات البرية المحلية وغير المحلية، والتي يعتبر بعضها من الأنواع المهددة بالانقراض عالمياً. كما تعمل الواحة مصداً طبيعياً للرياح النشطة في منطقة الفاية، التي تعاني التراكم المستمر للأتربة، هذا بالإضافة إلى دورها كحقل أمهات لجمع البذور من مكان محدد ومحصور دون الحاجة إلى جمعها من أماكن بعيدة ومتفرقة ،ما يساهم في توفير الجهد والوقت والتقليل من الأثر السلبي للجمع من الطبيعة. وقالت الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة – أبوظبي: إن إطلاق «واحة التسامح» بالتزامن مع اليوم الدولي للتسامح الذي يصادف 16 نوفمبر من كل عام، إنما جاء للتعبير عن قيمة التسامح التي تعد من القواعد الأساسية التي قامت عليها دولة الإمارات التي تحتضن أكثر من 200 جنسية باختلاف أعراقها ودياناتها وثقافاتها تعيش معاً على أرض الإمارات في محبة وسلام، مؤكدين أن دولة الإمارات واحة للتسامح ومنارة للأمن والسلام». وقالت الظاهري: «لقد ارتأت قيادتنا الرشيدة أن تكون شجرة الغاف شعاراً لعام التسامح، لما لها من قدرة على التصالح مع الطبيعة القاسية التي تنمو فيها، ولما تحمله من قيم الاستقرار والسلام في الصحراء، فهذه الشجرة المِعطاءة هي رمز من الرموز الثقافية والإرث الوطني لدولة الإمارات، وجزء لا يتجزأ من تراثنا الطبيعي، وشاهدة على تاريخنا وحضارتنا». وأضافت «أولى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- طيب الله ثراه، شجرة الغاف اهتماماً كبيراً، وأصدر توجيهاته بمنع قطعها وشجع على زراعتها في أنحاء الدولة كافة. وحفاظا على هذه الشجرة تمت زراعة حوالي 6 ملايين شجرة منها في الغابات في إمارة أبوظبي، واليوم يزيد إجمالي عدد أشجار الغاف في إمارة أبوظبي عن 10 ملايين شجرة، والتي تضم كل الأشجار الطبيعية أو المزروعة في الغابات والمزارع وحول المنازل والمرافق وغيرها». واتخذت الهيئة، وفقاً للظاهري، تدابير من أجل حماية هذه الأشجار الوطنية والحفاظ عليها، ووضع خطة عمل لصون الغاف الطبيعي في إمارة أبوظبي وإعداد خرائط التوزيع الطبيعي لأشجار الغاف البرية وتعدادها، والذي كان من مخرجاته إصدار خريطة تفصيلية لأماكن وأعداد الغاف الطبيعي في إمارة أبوظبي، وهي تعتبر الأولى من نوعها على مستوى الإمارة والدولة. وأوضح الدكتور جابر الجابري نائب الأمين العام لهيئة البيئة بأن الهيئة تنفذ خطة عمل لصون الغاف الطبيعي في إمارة أبوظبي، ومن أهمها إكثار الغاف ضمن مشتل النباتات المحلية في منطقة بينونة، والاحتفاظ بمجموعات بذرية من الغاف من مناطق مختلفة، وتشجيع زراعة الغاف ضمن المشاريع المختلفة، ومسح مناطق وجود الغاف الطبيعي في إمارة أبوظبي واعتبار بيئات الكثبان الرملية المحتوية على الغاف إحدى البيئات الحرجة التي يخضع فيها التطوير لإجراءات صارمة. كما حرصت الهيئة على ضمان شمول التشريعات والقوانين والقرارات الخاصة بحماية الأنواع الفطرية حماية الغاف، ومنع القطع والاعتداء على أشجار الغاف ومراقبة مناطق وجودها وضبط المخالفين وتقديمهم للقضاء وتوعية الجمهور بأهمية الغاف ضمن وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. ترقيم أفاد أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي بالإنابة لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري بالهيئة: أن هيئة البيئة أجرت تعدادا وترقيما إلكترونيا لأشجار الغاف البرية التي يبلغ عددها 54.000 شجرة، بهدف التعرف على موقعها ومدى انتشارها. كما تم ربط توزيع الغاف الطبيعي وانتشاره مع معدلات وتوزيع الأمطار، ومع ملوحة التربة ودرجات ملوحة المياه الجوفية، والاتجاه السائد لحركة وانتشار الكثبان الرملية. كما تم إعداد خريطة كثافة انتشار أشجار الغاف في الإمارة، والتي تقاس بعدد الأشجار في الكيلومتر المربع.
مشاركة :