تنفيذ العولمة بسلام يؤدي إلى رخاء «1من 3»

  • 11/14/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تنفيذ العولمة بحكمة يمكن أن يؤدي إلى سلام ورخاء لا مثيل لهما، وتنفيذها بشكل غير جيد قد يؤدي إلى كوارث، فالعولمة هي القصة الكبيرة في عصرنا هذا. وهي لا تشكل الاقتصادات فحسب، بل تشكل أيضا المجتمعات والنظم السياسية والعلاقات الدولية. ويرى كثير من الناس، للأفضل أو الأسوأ، أن العولمة قوة لا يمكن إيقافها. غير أن التاريخ يشير إلى أنها ليست كذلك. فلا يمكن أن نفترض أن العولمة ستستمر ولا أنها ستكون مرغوبة من جميع الجوانب. لكن علينا أن نفترض شيئا واحدا هو أننا جميعا نشارك في تشكيلها. وإذا نفذت العولمة بحكمة يمكن أن يكون هذا القرن عصرا لا مثيل له من حيث السلام والشراكة والرخاء. أما تنفيذها بشكل غير جيد قد يقودها إلى انهيار تام شأنها شأن العولمة التي بدأت قبل الحرب العالمية الأولى وامتدت بين عامي 1914 و1945 والعولمة هي تكامل النشاط الاقتصادي عبر الحدود. وتصاحبها أشكال أخرى من التكامل أهمها انتشار الناس والأفكار. وتتشكل العولمة نتيجة ثلاث قوات تتفاعل مع بعضها بعضا هي التكنولوجيا والمؤسسات والسياسات. وعلى مر معظم فترات التاريخ كانت الابتكارات التكنولوجية والفكرية هي القوة المحركة للعولمة. فقد أدت إلى خفض تكاليف النقل والاتصالات وزيادة فرص التبادل الاقتصادي المربح على مسافات أطول. وسيتم استغلال هذه الفرص على المدى الطويل. وحتى قبل الثروة الصناعية، فإن قدرة البشر على الملاحة في البحار بالسفن أدت إلى تسهيل ميلاد إمبراطوريات عالمية، وحركة الأشخاص عبر المحيطات، وتوسع في التجارة العالمية. لكن تسارعت التكنولوجيا بعد الثورة الصناعية وأوجدت فرصا جديدة. وكانت القاطرات العاملة بالبخار والبواخر والتلغراف هي محركات العولمة في أواخر القرن الـ 19 ومطلع القرن الـ20. وما يقود عولمة عصرنا هذا هي سفن الحاويات، الطائرات النفاثة، الإنترنت، والهاتف المتنقل. ويعد تكامل الاتصالات والحوسبة هما الثورة التكنولوجية لعصرنا. وبحلول عام 2014، كان هناك 96 مشتركا في خدمة الهواتف المتنقلة و40 مستخدما للإنترنت من بين كل 100 نسمة. ولم تكن هذه الأرقام كبيرة منذ 20 عاما. وأصبحت المعلومات رقمية بشكل متزايد وأصبح العالم أكثر ترابطا. وهذا تحول عظيم. وتعد المؤسسات مهمة أيضا. وفي الماضي، كانت الإمبراطوريات تسهل التجارة عبر مسافات طويلة. ويصدق ذلك قبل الأوقات المعاصرة ويصدق أكثر على فترة الإمبراطوريات البحرية الأوروبية من القرن الـ16 إلى القرن الـ20. واليوم، فإن المؤسسات التي تسهل التجارة لمسافات طويلة هي المعاهدات والمنظمات المتعددة الأطراف مثل منظمة التجارة العالمية، صندوق النقد الدولي، والأندية الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي. وتعد المؤسسات شبه العامة والخاصة تماما مهمة أيضا. ومن الأمثلة على ذلك الشركات التجارية الحكومية، خاصة شركة شرق الهند البريطانية، ثم بعد ذلك الشركة المساهمة المشتركة ذات المسؤولية المحدودة منذ بداية القرن الـ19. والأسواق المنظمة لا تقل أهمية، ولا سيما الأسواق المالية التي تطورت من بدايات بسيطة إلى شبكات عاملة على مدار الساعة حول العالم حاليا. وبينما تحرك سهم التكنولوجيا في اتجاه واحد — نحو الفرص والتكامل الاقتصادي — لم تقم المؤسسات بذلك. وقد ظهرت الإمبراطوريات واختفت. وعندما اختفت الإمبراطوريات الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية، ابتعدت معظم البلدان المستقلة حديثا عن التجارة العالمية، مشيرة إلى أن هذه التجارة تتسم بالاستغلالية. ويذكرنا ذلك بالمحرك الثالث، وهو السياسات. وقد كان تحول البلدان النامية المستقلة حديثا نحو الاكتفاء الذاتي تحولا في السياسات. وكان أهم تحول على الإطلاق الانهيار العالمي للعولمة الذي أعقب الحربين العالميتين والكساد الكبير. وتفكك بعد ذلك النظام النقدي وأصبحت التجارة أكثر تقييدا. وبعد الحرب العالمية الثانية انتشر تحرير محدود، أساسا في التجارة والحساب الجاري، عبر الاقتصادات مرتفعة الدخل تحت رعاية الولايات المتحدة. ثم انتشر في أواخر السبعينيات وفي الثمانينيات والتسعينيات تحرير السوق المحلية وفتح التجارة الدولية وتخفيف ضوابط سعر الصرف في جميع أنحاء العالم... يتبع.

مشاركة :