الاقتصاد الألماني المكروب ينجو من الركود في الربع الثالث

  • 11/15/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

نجا الاقتصاد الألماني من الركود في الربع الثالث من العام الجاري، بعدما قاد إنفاق المستهلكين والإنفاق الحكومي وقطاع الإنشاءات نموا فصليا 0.1 في المائة، ما جعل المحللين منقسمين بين التفاؤل والتشاؤم من أن أشهرا من التباطؤ تنتظر أكبر اقتصاد في أوروبا. وبحسب "رويترز"، أفادت الأرقام المعدلة في ضوء العوامل الموسمية من مكتب الإحصاءات الاتحادي أن الناتج المحلي الإجمالي نما 0.5 في المائة في الفترة من تموز (يوليو) إلى أيلول (سبتمبر) بعد نمو 0.3 في المائة خلال الأشهر الثلاثة السابقة. ويعاني المصنعون الألمان، الذين تشكل صادراتهم حجر الأساس لقوة البلاد الاقتصادية منذ عقود، تحت وطأة ضعف الطلب الخارجي ونزاعات التجارة التي أطلقت شرارتها سياسة "أمريكا أولا" التي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والضبابية، التي تكتنف نشاط الشركات فيما يتعلق بقرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وذكر مكتب الإحصاءات أن الأسر زاد إنفاقها في الفترة من تموز (يوليو) إلى أيلول (سبتمبر)، بينما دعم الإنفاق الحكومي وقطاع الإنشاءات أيضا النمو في المجمل. وأضاف أن الصادرات ارتفعت في الأشهر الثلاثة، بينما ظلت الواردات مستقرة بوجه عام، ما ينبئ بأن صافي التجارة ربما يكون دافعا إيجابيا للاقتصاد أيضا. وعدل مكتب الإحصاءات معدل النمو الفصلي للناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني إلى انكماش 0.2 في المائة عن الأشهر الثلاثة السابقة، من قراءة سبق إعلانها لتراجع 0.1 في المائة. لكنه رفع أرقام الربع الأول إلى نمو 0.5 في المائة بدلا من 0.4 في المائة في التقديرات السابقة، وتوقع محللون، استطلعت آراؤهم، انكماشا 0.1 في المائة عن الفصل السابق في الربع الثالث من العام ونموا 0.5 في المائة على أساس سنوي بعد التعديل في ضوء العوامل الموسمية. ويعتقد ينس أوليفر نيكلاش، المحلل المالي في بنك "إل بي بي دبليو"، أنه "خلال الأشهر الأخيرة، تزايدت التلميحات إلى أن قطاعات اقتصادية أخرى انتقلت إليها عدوى ضعف الصناعات". وتضررت قطاعات التصنيع الألمانية المعتمدة على التصدير من الحروب التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين، وحالة الغموض التي تسبب فيها "بريكست"، وغير ذلك من العوامل. لكن، انخفاض البطالة إلى معدلات تاريخية، وارتفاع الأجور وقوة قطاع الخدمات حدت من الأضرار الاقتصادية. وكما حدث في الماضي "فإن المؤشرات الإيجابية جاءت بشكل أساسي من استهلاك الأسر والإنفاق الحكومي". ونمت الصادرات والإنشاءات، في حين تراجعت الاستثمارات في المعدات الجديدة، مقارنة بشهر نيسان (أبريل) وحزيران (يونيو). ولا تزال برلين تتوقع نموا لا يتعدى 0.5 في المائة هذا العام، وخفضت الشهر الماضي توقعاتها للنمو في 2020 إلى 1 في المائة، مقارنة بتوقعات سابقة بتحقيق 1.5 في المائة. وحذر أندرو كيننجهام، المحلل المالي في "كابيتال إيكونومكس" من أن الاقتصاد الألماني "لم يتجنب الركود بل إن الركود تأجل". وأضاف أن "التوقعات للفصول المقبلة لا تزال ضعيفة"، مشيرا إلى استطلاعات ثقة الأعمال، التي لا تزال ضعيفة. ونجمت حالة عدم اليقين، التي يعانيها قطاع الأعمال الألماني عن أسباب خارجية مثل تأثيرات زيادة الولايات المتحدة للرسوم الجمركية على الواردات الصينية بشكل كبير، والمخاوف من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. ويرى فلوريان هينسه، الاقتصادي في "بنك بيرنبرج" أن "حالة الغموض بشأن السياسة الاقتصادية في العالم بدأت تخف بسرعة كبيرة". وتم تأجيل "بريكست" حتى 31 كانون الثاني (يناير) بعد توصل لندن إلى اتفاق خروج مع بروكسل، كما تحدثت واشنطن عن اقتراب التوصل إلى اتفاق مع بكين. وبالنظر إلى المخاطر، تزايدت دعوات المؤسسات الدولية وخبراء الاقتصاد لبرلين بزيادة الإنفاق. ومنذ 2014 التزمت حكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بمعادلة ميزانية متوازنة تعرف بـ"الصفر الأسود" وهي أكثر صرامة من الحكم المتعلق بالديون المنصوص عليه في دستور 2009. وفي وقت سابق من هذا الشهر، نصح خبراء الاقتصاد الألمان ميركل بتخفيف سياسة "لا ديون جديدة" القاسية "في حالة حدوث ركود واسع وعميق" رغم أنهم لا يرون هذا الخطر قريبا. وفي 30 تشرين الأول (أكتوبر) بعثت كريستين لاجارد، الرئيس الجديدة للبنك المركزي الأوروبي رسالة أقوى، مؤكدة أن "على الدول التي تعاني فائضا مزمنا في الميزانية مثل هولندا وألمانيا زيادة إنفاقها لتعديل الخلل في منطقة اليورو"، وبذلك تصادق لاجارد على دعوات زعماء دول المنطقة مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. إلا أن ميركل تجاهلت كل تلك الدعوات، وخلال قمة مجموعة السبعة في آب (أغسطس)، قالت ميركل إن بلادها "لا يمكنها أن تعيش باستدامة إذا أنفقت أكثر من دخلها" ويجب أن تكون قادرة على تمويل معاشات التقاعد الحكومية للشعب الذي يزداد هرما. ويعتقد كارستن برجنسكي، الخبير الاقتصادي في بنك "آي إن جي" بأنه "بعد عشرة أعوام من النمو الاقتصادي المستمر، فإن فترة قصيرة من الركود لا تشكل بالضرورة أزمة كبيرة". إلى ذلك، أعلنت وكالة الائتمان الألمانية "كريديت ريفورم" أمس انخفاض عدد الأشخاص المثقلين بالديون في ألمانيا للمرة الأولى مجددا منذ خمسة أعوام، ولكن بمعدل طفيف. وأوضحت الوكالة في تقرير "أطلس المديونين في ألمانيا لعام 2019" أن هناك حاليا نحو 6.92 مليون مستهلك ليسوا قادرين على دفع فواتيرهم. وأضافت الوكالة أن هذا العدد يقل عما تم رصده العام الماضي بإجمالي عشرة آلاف شخص تقريبا، ولكنها أشارت إلى أن إجمالي المصروفات لدى واحد من كل عشرة أشخاص بالغين لا يزال أعلى من إجمالي الدخل.

مشاركة :