اتهمت قبرص، الجمعة، تركيا بانتهاك القانون الدولي من خلال مواصلة تنفيذ عمليات تنقيب بحرية عن النفط والغاز قبالة سواحلها. وقالت الرئاسة القبرصية في بيان إن “الإعلان عن هذه التحركات غير القانونية من جانب تركيا في نفس يوم بدء سريان إطار عمل جديد لعقوبات الاتحاد الأوروبي يعكس ازدراء شديدا واستفزازا للقانون الدولي والأوروبي”. ويأتي تحرك تركيا في امتداد لسياسة أردوغان المبنية على شن التهديدات ثم التنفيذ إذ كان قد توعد الأسبوع الجاري بمواصلة التنقيب وبالتالي تجاهل التحذيرات الدولية والأوروبية. وكان مجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي قد تبنى يوم الاثنين إطار عمل لإجراءات تقييدية ضد تركيا بسبب أنشطة الحفر التي تنفذها في شرق البحر المتوسط. ويرى مراقبون أنه بالإضافة إلى مواصلتها أنشطة التنقيب، تحاول تركيا مواصلة ضغوطها على قبرص من خلال دعمها لقبرص الشمالية واعتبارها أراض تركية ما يهدد بتقويض المساعي الأممية لإيجاد حل للأزمة القبرصية. وفي هذا السياق شدد أردوغان، على مواصلة بلاده الوقوف بجانب جمهورية شمال قبرص وشعبها. ونشر أردوغان رسالة تهنئة بمناسبة الذكرى التأسيسية الـ36 لجمهورية شمال قبرص التركية التي تصادف 15 نوفمبر عام 1983 معربا عن تمنّيه مستقبلا يسوده السلام والأمن والرخاء لجمهورية شمال قبرص التركية وشعبها. وقال “تركيا باعتبارها الوطن الأم والضامن ستواصل الوقوف بجانب قضيتنا الوطنية؛ قبرص والقبارصة الأتراك وأضاف “للأسف، لم تجد جهودنا الرامية للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومستدام في جزيرة قبرص أي تجاوب من الجانب الرومي”. وبحسب ما نشره أردوغان، فإن الجانب القبرصي ”يقوّض باستمرار جهود الحل ويبتعد عن مسألة تقاسم الجزيرة مع الشعب القبرصي التركي على أساس المساواة السياسية”. وأضاف “لا يحق لأحد، وخاصة الاتحاد الأوروبي تحويل القبارصة الأتراك إلى أسرى للألاعيب اليونانية”. وأكد أن بلاده لن تسمح إطلاقا بالاستيلاء على حقوق القبارصة الأتراك في ما يتعلق بمصادر المحروقات شرق البحر المتوسط. وأردف أردوغان أنه “في إطار التزاماتنا التاريخية، سنبذل قصارى جهدنا لجعل علم جمهورية شمال قبرص التركية يرفرف بفخر في البحار والسماء كما على الأرض”. واختتم رسالته بالقول “إننا مصمّمون على حماية حقوق ومصالح القبارصة الأتراك مثلما بددنا التهديدات التي واجهتهم في الماضي”. وتتعرض تركيا المرشحة رسميا للانضمام إلى عضوية الاتحاد على الرغم من تدهور العلاقات بين الجانبين، لانتقادات بسبب قرار التنقيب عن الغاز، وردت بالقول إنها لن تتوقف عن التنقيب لأنها تعمل في جرفها القاري أو بمناطق يتمتع فيها القبارصة الأتراك بحقوق. وتعمل سفينة حفر تركية أخرى هي السفينة ياوز قبالة ساحل قبرص الغربي. وفي السياق نفسه، قال فؤاد أقطاي نائب الرئيس التركي، الجمعة، إن سفينة التنقيب عن النفط والغاز فاتح بدأت عملياتها قبالة الساحل الشمالي الشرقي لقبرص وذلك على الرغم من تحذيرات الاتحاد الأوروبي لأنقرة. وفي إطار الجهود الأممية لتفعيل عملية السلام في قبرص، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الخميس، إن مناخ عملية السلام في قبرص “يزداد سوءًا”. وحذر غوتيريش من احتمال تصاعد التوتر في الجزيرة جراء الخلافات على خط وقف إطلاق النار، واستمرار الطرفين التركي والرومي في أنشطة البناء غير المصرح بها. وأشار إلى أنه رغم المقترحات المختلفة التي طرحتها الأطراف حول أنشطة التنقيب عن النفط والغاز التي تتسبب في تصاعد التوتر، إلا أن اختلاف وجهات النظر ما يزال مستمرا. وأضاف أن “مناخ عملية السلام تدهور بسبب التوترات المستمرة في قبرص وحولها”، مشيرا إلى أن الجانبين “لم يتمكنا بعد من الاتفاق على المفاهيم المرجعية” من أجل استئناف المفاوضات. ولفت غوتيريش إلى أن مبعوثته الخاصة إلى قبرص “جين هول لوت” زارت الجزيرة 6 مرات خلال الفترة السابقة، وعقدت مباحثات مع مسؤولي الدول الضامنة؛ تركيا واليونان وبريطانيا. وأكد أنه سيواصل البحث عن طرق تساعد في العودة إلى عملية التفاوض في قبرص، مشددا على أن الحل في أيدي الطرفين التركي والرومي. وقال إنه يتابع تطورات أنشطة التنقيب عن النفط والغاز بقلق، داعيا الأطراف إلى ضبط النفس والابتعاد عن التوتر. واعتبر أن “توفر الموارد الطبيعية في قبرص وحولها سبب قوي لحل مستدام ومقبول بشكل متبادل، ويمكن أن تعمل على تعزيز التعاون الإقليمي الأعمق”. ومن المرتقب أن يلتقي غوتيريش في العاصمة الألمانية برلين، رئيس جمهورية شمال قبرص التركية مصطفى أقينجي، وزعيم قبرص الرومية نيكوس أناستاسياديس، يوم 25 نوفمبر الجاري. وجرى تقسيم قبرص، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي، بعد غزو تركي عام 1974 بسبب انقلاب نفذه القبارصة اليونانيون لفترة قصيرة.
مشاركة :