كلّف الرئيس التونسي قيس سعيّد يوم الجمعة الحبيب الجملي بتشكيل الحكومة التونسية وعرضها عليه للتشاور بشأن اختيار وزيري الدفاع والخارجية كما ينص الدستور التونسي. مصدر الصورةالصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية التونسية (فايسبوك)Image caption الرئيس التونسي قيس سعيّد يوقّع كتاب تكليف محمّد الحبيب الجملي بتشكيل الحكومة التونسية وجاء التكليف بعد أن وقع اختيار حزب حركة النهضة الفائز بأغلبية الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأخيرة على الحبيب الجملي لرئاسة الحكومة المقبلة. أثار اسم الجملي جدلا منذ إعلانه أمس. وشكّك البعض في كفاءة الجملي وقدرته على قيادته الحكومة في المرحلة القادمة. كما شككوا في استقلاليته وما يؤكّد عليه من عدم انتمائه لحركة النهضة. وبينما استشفّ البعض من عمل الحبيب الجملي كاتبا للدولة في حكومتين سابقتين انتماءه لحركة النهضة التي ترأست الحكومتين، رآى آخرون في ذلك دليلا على خبرته وتجربته السياسيّة. ولأن محمّد الحبيب الجملي لم يكن من الشخصيات السياسية الأكثر شهرة، رأى البعض في اختيار حركة النهضة له قصدا بعيدا عن معايير الكفاءة والأحقية. وقال المحامي عماد بن حليمة إن الجملي سيكون بمثابة الواجهة لحكم سياسيين أكثر ارتباطا وتمكنا داخل الحركة. على مواقع التواصل الاجتماعي، ونتيجة تشابه في الأسماء، تداول مستخدمو فيسبوك منشورا قديما لشخص يدعى حبيب الجملي يمدح فيه رئيس الحكومة السابق القيادي في حركة النهضة حمّادي الجبالي واعتبروه "دليلا قاطعا" على انتماء رئيس الوزراء المكلّف لحركة النهضة ذات المرجعية الإسلامية رغم قوله أنه لا ينتمي لأي جهة سياسيّة. وانهالت التبريكات والتهاني على حبيب الجملي "المزيّف". من هو الحبيب الجملي؟ هو محمّد الحبيب الجملي المولود عام 1959 بالقيروان وسط تونس. وحسب سيرته الذاتية المتداولة، فالجملي حاصل على دبلوم "تقني سامي" متخصص في الزراعات الكبرى ودبلوم مهندس أشغال دولة في الفلاحة ودبلوم مرحلة ثالثة في الاقتصاد الفلاحي والتصرّف في المؤسسات ذات الصبغة الفلاحية. وشغل الجملي منصب كاتب دولة (وكيل وزير) لدى وزير الفلاحة في حكومتي النهضة برئاسة حمادي الجبالي ثم علي العريّض، من ديسمبر كانون الأول 2011 حتى يناير كانون الثاني عام 2014.مصدر الصورةالصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية التونسية (فايسبوك)Image caption رسالة تكليف الرئيس التونسي قيس سعيّد للحبيب الجملي بتشكيل الحكومة "الرئيس الخطّاط" وشغل شيء آخر غير اسم رئيس الوزراء المرتقب روّاد مواقع التواصل الاجتماعي وغطى الاهتمام به على حدث التكليف نفسه، هو رسالة التكليف التي كتبها الرئيس قيس سعيّد لمحمّد الحبيب الجملي. يعرف عن الرئيس التونسي ولعه باللغة العربية في كلامه وخطاباته لكن الجديد الذي عرف أمس هو إجادته للخط العربي. راجت صورة من كتاب التكليف مرفقة بإشادات بجمالها وبـ "سابقة كتابة رئيس الدولة وثيقة رسمية بخط يده"إعجاب وقراءة في الدلالات أثارت الرسالة نقاشا بين المهتمّن حول هوية الخط الذي كتبت به فخلص النقاش إلى التأكيد على أنه الخط المغربي. ومن المعلّقين من قرأ في استخدام الخط المغربي رسالة من الرئيس و"تأكيدا على الانتماء المغاربي لتونس و ربما إشارة إلى إعادة إحياء المغرب العربي الكبير". وثمّة من فسّر استخدام الخط العربي بأنه "إحياء للهويّة العربية" و"اعتزاز بالانتماء العربي لتونس". لكن ما شدّ بعض الناس في الرسالة هو استخدام التقويم الهجري مع التقويم الميلادي في تحديد تاريخ التكليف. وهناك من دقّق في استخدام تسمية "ربيع الأنور" لشهر ربيع الأول الذي ولد فيه النبيّ محمّد. وتوالت التعليقات والردود بين من رأى في استخدام التقويم الهجري مؤشرات "أسلمة للدولة" و"سيطرة للإسلاميين" وبين من رأى في هذه التأويلات مبالغة لا مبرّر لها. وعبّر كثير من التونسيين وغيرهم عن إعجابهم بتميّز الرسالة، كلّ بطريقته. حتى أن الإعلامي السوري عمر شيخ ابراهيم قال إنها من معلّقات هذا الزمن! وقال الصحفي الفلسطيني ياسر أبو معيلق إن كتابة التكليف بهذه الطريقة هي "من التفاصيل التي تصنع هيبة الدولة". ولم يفوّت التونسيّون فرصة التندّر على هذه الرسالة فشبّهها البعض بـ "رسالة من ملك الحبشة إلى عظيم الروم" في إشارة إلى ما تحيل إليه من أجواء تلك الحقبة التاريخية كما صوّرتها الأعمال الدرامية. خاصة مع تداول صورة لقيس سعيّد يوقّع كتاب التكليف بـ "الريشة" أو الدواة وشبّبها الشاعر خالد الهدّاجي بـ "مرسوم الباب العالي" في تعليق مستوحى من فترة حكم الدولة العثمانية في تونس.
مشاركة :