نوال وأحفادها الستة: ربتهم بعد رحيل زوجتي ابنها

  • 11/16/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أجواء عائلية طيبة يكسوها حب ومودة بين الجدة وزوجة ابنها، وبينهما أطفال بلغ أصغرهم سن العامين، وهو من كان جالسًا في حضن والدته قبل صعود سرها الإلهي على نحو مفاجئ، ما أصاب حماتها بصدمة. في هذه اللحظة وجد محمد نبيل الطاروطي نفسه، وهو ابن ستة أعوام، في أزمة رفقة شقيقيه «أحمد» و«محمود»، فأصبحوا فاقدين لمصدر حنانهم، وهو نفس شعور الأب الذي تركته زوجته وحيدًا. من هذه المعطيات، لم تجد السيدة نوال عبدالرؤوف الخضري، والدة الزوج، بدًا من أداء مهام الأم، بتربية أحفادها على أكمل وجه، كما زاد عليهم 3 آخرين من الزوجة الثانية لنجلها، بعد وفاة الأخيرة كذلك. وهنا يعود الحفيد الأكبر، محمد الطاروطي، بذاكرته إلى الوراء، راويًا عن لحظات فقدان والدته: «جدتي من شدة حزنها على فراقها شقطت الجلابية نصين من صدمتها، لأنها كانت تعتبرها ابنتها وأكثر». وجاءت وفاة الأم بعد فطمها لابنها الأصغر «محمود» بشهر، وهو من كان نائمًا في حضنها وقت رحيلها: «أتذكر ذلك اليوم، كنا جالسين في الصالون ونتحدث بشكل عادي، وفجأة لم ترد والدتي.. كانت صدمة كبرى لجدتي». وبالفعل، تولت الجدة مهام تربية الصغار الـ3، وفي نفس الوقت نصحت نجلها بالزواج لمرة أخرى حرصًا منها على أن يجد من تتحمل معه شقاء العمل المنزلي. وتمتعت الزوجة الثانية بدرجة حب مماثلة حسب رواية «الطاروطي»، فيصفها بأنها كانت «غلبانة جدًا»، في نفس الوقت حرصت الجدة على رعاية الأطفال الثلاثة، مكتفية بأن تهتم الأخرى بزوجها وأبنائها: «كانت بتقولها تعمل لابويا وأولادها، وجدتي هى هتشيلنا يعني». ولسوء الحظ، توفيت الزوجة الثانية تاركة 3 أطفال جدد، وهم «جمال» و«آية» و«نورا»، ما أصاب الجدة بحزن بالغ، مصرة على تولى أمور الأحفاد الستة بنفسها. أصبحت الجدة بحكم الظروف قبلة لأحفادها الستة، فلجأوا إليها في مواقف صعبة في جميع مناحي الحياة، ضامنة لهم بر آمن يقفون فيه على أرض صلبة، كما دعمتهم طوال رحلتهم التعليمية ماديًا ومعنويًا، رغبةً منها في رؤيتهم على أحسن حال: «عمرها ما قالت لطلب لا معيش». كبر الأحفاد الستة وبلغوا أشدهم، ومعها شعروا بما لعبته الجدة من دور مؤثر في تربيتهم، حتى رغبوا في التكفل بمصروفات توجهها إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج، إلا أنها رفضت قائلةً: «مش هحج إلا لما تتجوزوا وأسلمكم لنسوانكم زى ما بيقولوا، إنتم حجتي قدام ربنا.. وربنا هيتقبل مني». اكتفى الأخوة الست بمساعدة جدتهم لأداء مناسك العمرة منذ سنوات، رغم ذلك لم تستطع التخلص من قلقها البالغ على أحفادها، فيروي «الطاروطي»: «كانت بتكلمنا كل شوية تطمن علينا كإننا عيال صغيرة، لدرجه إنها اتصلت بينا الفجر وهي مخضوضة، وبتقول عايزة أكلم (محمود) عشان أنا شيفاه في الحلم مخنوق ومتضايق، و فعلًا وقتها هو كان على خلاف مع أحد». وتحققت حجّة السيدة «نوال»، فتزوج «محمد» منجبًا «آدم»، و«أحمد» وهو أب لـ«حبيبة»، و«محمود» والد «مكة»، فيما ينتظر «جمال» أداءه الواجب الوطني، و«آية» تستعد لخطبتها قريبًا. ولا تزال «نوال»، وهي في عُمر الـ75 عامًا، تنصح نجلها بالزواج مجددًا، حتى يجد ضالته في سيدة ترعاه بعد عُمر طويل، دون الحاجة إلى أيٍ من أولاده الستة، وهنا يختم «الطاروطي» روايته: «ربنا يديها الصحة يارب، عندها آدم وحبيبة ومكة أولادنا بالدنيا كلها، ولو يجوز السجود لغير الله لكنت سجدت لها والله، يارب اجمعنا بيها في الجنة، ويجعل عملها دا شفيع ليها يوم القيامة».

مشاركة :