على الرغم من أن فرصة نجاح الهدنة الإنسانية في اليمن قد تعززت بشكل كبير بموافقة كافة الأطراف على هذه الهدنة التي اقترحتها السعودية لمدة خمسة ايام من أجل إيصال الإمدادت الانسانية ورفع المعاناة عن غالبية اليمنيين الذين تحولت حياتهم الى جحيم لا يطاق نتيجة النقص الحاد في الغذاء والأدوية ومياه الشرب والوقود مع ذلك فإن هناك العديد من المخاوف من انهيار هذه الهدنة في اي لحظة من اللحظات.. فأي هدنة لابد وان تواجهها عقبات وإشكاليات قد تحول دون اتمامها وهو ما يقتضي من جميع الاطراف التعاطي بإيجابية وروح صادقة مع هذا الامر ولما من شأنه عدم ترك أي مصاعب تفسد الاهداف الانسانية لهذه الهدنة التي يعول عليها الجميع ان تفتح الباب امام استئناف العملية السياسية والتوصل الى هدنة دائمة وليست موقتة تفضي الى عودة الامن والاستقرار الى ربوع اليمن وخروجه من دوامة الحروب والعنف وكوارثها الانسانية. هناك تفاؤل واسع في اليمن بنجاح هذه الهدنة كما ان هناك عوامل عدة قد تساعد على تمديد هذه الهدنة واهمها تصاعد الازمة الانسانية التي اضحت تلقي بضغوطها على كافة الاطراف والتي لابد وإنها اصبحت تشعر بأن معاناة ملايين اليمنيين قد تجاوزت حدود المبررات او حسابات الربح والخسارة وان فرصة هذه الهدنة لا تصلح للاستهلاك الإعلامي او الدعائي من أي طرف كان خصوصا بالنسبة لشعب وصل الى حالة من اليأس وصار يتشبث بقشة الحياة ولا ينبغي بأي حال من الاحوال ان يفقد الامل الاخير تحت حمى العنف والاقتتال وبالذات وان المشهد اليمني اصبح اكثر توتراً وارتباكاً والوضع مرشح للتصاعد والتعقيد ما لم يجنح الجميع لمنطق العقل والسلام وتأتي كل التحركات في اطار هذا المنطق الواعي والمسنود بالمعاني القيمية والأخلاقية والإنسانية. ما اود الاشارة له هنا هو ما يمكن ان تلعبه المنظمات الدولية من اغتنام لفرصة الهدنة ليس فقط على صعيد ايصال برامج الاغاثة والمساعدات الى من يستحقها في جميع ارجاء اليمن وإنما ايضا في معالجة قضية العالقين اليمنيين في الخارج والذين اظهرت التقارير الاخيرة الصادرة من بعض المنظمات الى انهم يعيشون وضعاً مأساوياً مقلقاً بعد ان تقطعت بهم السبل في خضم الصراع المتصاعد في بلادهم الى درجة بات فيها البعض غير قادر على تأمين الطعام لنفسه ومثل هذه المأساة ما كان لها ان تحدث لولا الفشل الدولاتي الذي يعاني منه اليمن منذ ان انهارت دولته وتناثرت اجزاؤها في طريق غير معبد. كانت الاسابيع القليلة الماضية قاسية جدا على اليمنيين بلا استثناء فقد افتقد الناس للكهرباء والماء والوقود والكثير من وسائل العيش ناهيك عن فقدان الملايين منهم لأعمالهم بعد انهيار العديد من المؤسسات الاقتصادية والصناعية مما ادى الى افقار واسع تعدى الاكثر بؤسا الى من كانوا في اعداد الفئات الوسطى ومثل هذه الصورة في عمومها لا تحض على التفكير بقدر ما تستنهض روح المبادرة من اجل تحويل الهدنة الإنسانية الى التزام قادر على تهيئة السبل امام المساعي الدبلوماسية والسياسية لوقف القتال والحرب والسيطرة على الاشتباكات على الارض لعل وعسى ان تتوفر الظروف التي تدفع بعناوين اخرى اكثر إشراقا الى المشهد حيث وان ذلك يظل ممكنا رغم صعوبة اللحظة وقتامة الافق اذا ما تحرر الجميع من ضغوط هذا الزمن الباهت الذي فرق بين الإخوة وعمق خلافهم وأجج النار فيما بينهم في مشهد حزين وكئيب. الهدنة الانسانية في اليمن يجب ان تنجح مهما كانت كلفة هذا النجاح لأن فيها انقاذاً لليمن والمنطقة من كارثة ماحقة اذا ما احكمت قبضتها علينا سنكون جميعا وقودها المستعر.
مشاركة :