الشارقة:«الخليج» افتتحت مؤسسة الشارقة للفنون، ضمن برنامجها لخريف 2019، معرض «أرض المرح» للفنانة باني عبيدي، من تقييم الشيخة حور بنت سلطان القاسمي رئيس المؤسسة، وناتاشا جينوالا قيّمة مساعدة في متحف جروبيوس باو في برلين، ويقام في بيت السركال في ساحة الفنون حتى 12 يناير/ كانون الثاني 2020.يقدم المعرض الأعمال التي أنتجتها عبيدي في الفيديو والفوتوغراف والصوت والتركيب على مدى عقدين من الزمن، مضافاً إليها تكليفين جديدين من مؤسسة الشارقة للفنون، والتي تطرح في مجملها أسئلة حول الذاكرة الشخصية والوطنية لبلدها باكستان بشكل خاص، وتاريخ جنوب آسيا بشكلٍ عام.تغوص عبيدي في الفصول المغيّبة من أحداث الماضي، وتسترشد بهوامش الذاكرة الشعبية، بدلاً من البحث في السرديات التاريخية الكبرى، ليصبح الارتجال إحدى طرق الخوض في الماضي القريب بأعمال فيديو مثل «فرقة شان بايب تتعلم النشيد الوطني الأمريكي» (2004)، حيث جاءت فكرة هذا العمل بعد مكالمة هاتفية في عام 2003 بين عبيدي ووالدتها، التي روت لها سماعها صوت طائرات أمريكية تخترق المجال الجوي الباكستاني في طريقها إلى أفغانستان، وبعد عودتها من شيكاغو إلى باكستان بفترة وجيزة، كلفت الفنانة فرقة تعزف على آلات النفخ الموسيقية في لاهور بتعلم النشيد الوطني الأمريكي من شريط كاسيت أكل الدهر عليه وشرب. وكما يظهر في هذا الفيديو، تستمع الفرقة إلى التسجيل، تقدّمه وتأخره، وتحاول تقليد اللحن، في تجربة تتخللها المصادفة والفشل والنشاز، ويظهر على الشاشة الأخرى مشاهد من الحياة اليومية متداخلة مع ملابس الفرقة المزركشة، حيث يتتبع العمل بقايا الاستعمار المتجذرة في الثقافة المحلية وممارساتها، ويسلط الضوء على الدور المتناقض الذي تلعبه الولايات المتحدة والشقاق الذي يعيث فساداً في باكستان، وليقتصر دور فرق آلات النفخ الحديثة، والتي تعود جذورها إلى الاستعراضات العسكرية الاستعمارية، على العزف في الأعراس والمواكب. و تكتشف عبيدي في عملها «نصب تذكاري للكلمات الضائعة» (2016)، من خلال الأغاني الشعبية والشعر والأرشيف التاريخي للرسائل، فصلاً خفياً من تاريخ الحرب، حيث خدم أكثر من مليون جندي هندي التاج البريطاني في الحرب العالمية الأولى، وتمّ مسحهم من الذاكرة الجماعية.تقدّم الفنانة في أعمالها أبطالاً ينهمكون في تمثيل الحياة اليومية بإطار مسرحي، وغالباً ما تمنح الامتياز إلى نقيض البطل المخالف للأعراف والمساعي المبتذلة المستمدة من المشاهد الحياتية اليومية من منطقة جنوب آسيا. وتؤدي شخصيات الفنانة المتنوعة نقداً للسلطة المركزية من جهة، وتخوض في سطوة الطموح الفردي من جهة ثانية، سواء من خلال «كاتب الخطاب» (2011)، وهو كتاب رسوم متحركة يعرض يوماً من حياة كاتب خطابات سياسية متقاعد، أو من خلال «حالة غير متوقعة» (2015)، وهو فيديو يعرض لشاب من الطبقة العاملة يستغرق في التدريب في منزله لكسر رقم قياسي عالمي غريب. يلعب الموروث الاجتماعي والروح الثائرة لمدينة كراتشي دوراً محورياً في حياة باني عبيدي وممارساتها الفنية، فقد تشكلَ تاريخ هذه المدينة الساحلية عبر التبادل التجاري والتنوع ، لذا فإنها تؤرخ من خلال أعمال استمرت لعقدين من الزمن تحولات المناطق الحضرية والحياة العامة على الساحل، حيث يشكل عملها التركيبي «أرض المرح» المكون من الصور والفيديو، نصباً تذكارياً لمدينة كراتشي، وهي مدينة تكافح في سبيل بقائها في مواجهة القوى المحافظة التي تهدد نسيجها الكزموبوليتاني.
مشاركة :