الاستحمار والجوع ولحم الطغاة الشهي!

  • 11/18/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

والطريف في الأمر ـ والحياة كلها طرائف ـ أن المتعاطفين مع النظام الإيراني أغلبهم من العرب، الإيرانيون أنفسهم نفد صبرهم ولم يعد لديهم القدرة على تحمل المزيد. والعرب المستحمرة ظاهرة لا تخطئها العين في هذا العصر، ولهم في ذلك دلائل وعلامات ووسوم، فالعربي المستحمر تجده يتحدث عن نفط الخليج الذي يخص الأمة العربية، لكن بقية ثروات العالم العربي خاصة بشعوبها، لا دخل لأحد بها ولا بما جنت ولا كيف استخرجت ولا إلى أين ستذهب، وتجده ضد حكم الفرد في الخليج، ولكنه يؤيد بشار الأسد، العربي المستحمر منزوع المبدأ لا يكره الأشياء ولا يحبها لذاتها ولكنه يؤمن ويكفر بالفكرة حسب قائلها، فإن كان من الخليج فهي فكرة رجعية متخلفة وإن كانت ذات الفكرة منتجا إيرانيا فهي فكرة مقاومة تقدمية وضوء وهاج يكاد يحرق النفق. في العقلية المستحمرة يكون تدخل السعودية في اليمن جريمة نكراء، لكن وجود إيران تعزيز لمحور المقاومة من أجل القضية الكبرى. حين يتحدث المستحمر العربي عن الخليج فإنك لا بد ستسمع كلمات مثل الناقة والجمل والبعير و«المعيز»، لأنه لا يرى الإنسان في هذه المنطقة، لكنه لا يمانع أن يكون هو نفسه بلحمه وشحمه وعقله حمارا في حال الحديث عن إيران ومشتقاتها. والعربي من هذه النوعية في الغالب يستمر في استخدام المنتج حتى بعد أن يقول مصنع المنتج إن البضاعة فاسدة، الاشتراكيون العرب ما زالوا يرفعون شعارات الاشتراكية حتى بعد أن أغلق مصنع الاتحاد السوفيتي للاشتراكية وتخلت عنها روسيا شخصيا. اليوم كثير من الإيرانيين أنفسهم يقولون إن نظام ملالي طهران عدو للحياة وإن إيران في عهدهم جحيم مقدم، لكن العرب المستحمرة ـ وهم فئة قليلة من العرب ـ ما زالوا يرون أن إيران هي جنة النعيم. العربي المستحمر معجب بمشروع إيران النووي، ويؤمن أنه دليل على قوة الدولة وينظر إليه بشبق، لكن الإيراني نفسه لا يهمه كل هذا، يريد أن يعيش وحسب، يريد أن يحيا كريما في وطنه دون أن تصرف أمواله ومقدرات وطنه على المرتزقة وشذاذ الآفاق وبائعي الأوطان في لبنان والعراق وسوريا واليمن وغيرها. أو على أسلحة لمجرد تخريب العالم واستعجال ظهور المهدي. هذه الفكرة المريضة لم تعد تلقى رواجا في أوساط الجيل الجديد من الإيرانيين، وستموت حتما في الجيل الذي يليه. ما يحدث اليوم في إيران وفي الدول التي ترعاها إيران نتيجة حتمية ومتوقعة، سينتهي حتما كل نظام حاكم يتجاهل الحياة ويعتبر «الإنسان» مجرد أداة أو حطب في محرقة ولا يعتبره محور كل الخطط والبرامج والمشروعات، قد يحدث هذا عاجلا وقد يحدث آجلا، لكنه واقع لا محالة. وعلى أي حال.. كل الطغاة واللصوص الذين دخلوا إلى الناس من باب أحلامهم عرفوا متأخرين أن كثيرا من الناس يصدقونهم في البداية، ويتحملون الجوع من أجل الحلم، لكن حين يتبين للناس أن تلك الأحلام ليست سوى أوهام فإنهم في نهاية المطاف يأكلون الطغاة واللصوص كحل وحيد لقتل الجوع. لكن الذي يتميز به كل الطغاة عبر التاريخ أنهم لا يتعلمون من الدروس التي يتركها المتقدمون منهم للمتأخرين.

مشاركة :