الاحتجاجات اللبنانية وحزب الله وإيران

  • 11/18/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الضغوط الداخلية الناجمة عن الاحتجاجات الأخيرة في لبنان واستقالة الحكومة الحاكمة ليست في حد ذاتها ذات طابع إقليمي، فمظالم المتظاهرين محلية في نطاقها. ودولة لبنان تمر بمرحلة انهيار مالي، والمصرف المركزي اللبناني في آخر احتياطياته من النقد الأجنبي. بدأت التداعيات الإقليمية تظهر. وما من شك في أن لبنان مستعمرة حقيقية لما يحدث في سوريا. وقد أدت الطبيعة المفككة والمنقسمة للمجتمع اللبناني وحكومة المحاصصة إلى وجود إيراني قوي داخل البلد لنحو 4 عقود. ومن خلال دعم الوجود المحلي هذه الحالة حزب الله الذي توفر له موارد كبيرة، ودعم بالوكالة طويل الأجل تكون إيرانية نسخة أولية من مذهب بريجنيف، وبالتالي فإن الأسئلة المطروحة: هل تتاح الفرصة للاحتجاجات لتغيير القوة الداخلية الرأسية داخل لبنان التي يمكن أن تتحدى موقف حزب الله الذي لا جدال في قوته داخل الدولة القومية؟ هل تهدد الأزمة الاقتصادية الحالية التي تؤثر على لبنان بإزالة النظام السياسي للدولة اللبنانية بالكامل؟ ربما ستفعل. انتشر حزب الله داخل سوريا منذ بداية الانتفاضة الأولى ضد دمشق، لم تكن خسائر حزب الله ضئيلة، لكنه نجا من ذلك دون ضغوط شديدة تهدد قاعدة دعمه التقليدية داخل لبنان. أدت الاحتجاجات داخل لبنان إلى سقوط الحكومة السابقة. وعلى الرغم من أن شكاوى المتظاهرين تشمل المشقة الاقتصادية، فإن النظام السياسي اللبناني هو المصدر الحقيقي للشكوى الشعبية. وقعت بعض الاحتجاجات في معاقل حزب الله التقليدي، حيث ندد المتظاهرون الشباب بالجماعة وقائدها حسن نصر الله. في البداية كان الأسلوب هو اختيار أهداف مراسلات المتظاهرين، ولكنه لجأ في النهاية إلى التنمر والتخويف ونشر البلطجية لتفريق المتظاهرين. ومرة أخرى، فإن القضايا الاقتصادية هي أهداف الاحتجاجات. ولدى الولايات المتحدة عرض بتقديم معونة قدرها 100 مليون دولار بشرط إغلاق مصنع للصواريخ الموجهة بدقة من صنع إيران. وفي جوهرها، تريد المؤسسة السياسية اللبنانية أن تظل على حالها، ولكن مع أن تعيد التفاوض مع حزب الله على اتفاق جديد لتقاسم السلطة. ثم بعد إنشاء حكومة جديدة تذهب إلى المانحين الأوروبيين، تظهر إصلاحات جديدة سيتم تنفيذها، وتطلب أن تتاح فورا القروض والمنح التي سبق التعهد بها، مما يعرض تصورا خلال المناقشات بأن لبنان دونهم سينهار. ولكن ما يفعله هذا هو توفير السيولة التي ستكون في نهاية المطاف المعبر الوحيد بين مساهمة المعونة الأجنبية وجهود جمع الأموال لحزب الله. ولن تؤدي هذه الخطوة إلا إلى توطيد تلك الحكومة كواجهة للحزب، وستكون «الرجل المسؤول» للجماعة في أي مناقشات مع المانحين الأجانب. لا ينبغي أن يتوقف مكون حزمة مساعدات واشنطن للقوات المسلحة اللبنانية على عودة ظهور الائتلاف الحاكم السابق، لأن هذا سيؤكد من جديد شرعيته للتفاوض نيابة عن البلد. وكانت القوات المسلحة اللبنانية تتلقى مساعدات كبيرة من واشنطن لكنها ظلت خاملة بينما حاول حزب الله تفريق الاحتجاجات التي تمكنت في الواقع من التغلب على محاولة القمع. إن تقديم المساعدات للجيش اللبناني لن يؤدي إلا إلى دعم عدم الكفاءة وعدم الفعالية إن لم يكن تواطؤه الضمني مع حزب الله في الوقت الحالي. بما أنه من المشكوك فيه أنه يمكن سن أي إصلاحات جادة من شأنها أن تغير واقع علاقتهما بين النخبة السياسية اللبنانية وحزب الله، فإن هذه الفكرة موضع نقاش، إذن كيف تؤثر الأزمة الاقتصادية على حزب الله؟ إن لبنان يمر بأزمة اقتصادية من الدرجة الأولى، والعقوبات الدولية المفروضة على طهران من الولايات المتحدة وحدها. كما تخضع المصارف اللبنانية التي كانت بمثابة قنوات لحزب الله لعقوبات اقتصادية أمريكية. وتضاف الحرب في سوريا إلى قائمة التوترات الخارجية. ومع انخفاض مساهمات بلدان المنطقة أو تعهداتها بتقديم المساعدة إلى بيروت، فإن هذا التعديل شرط يؤثر تأثيرا مباشرا على حزب الله، ونتيجة لذلك انخفضت المدفوعات إلى حزب الله. التحويلات المالية السابقة في الحكومة اللبنانية وصفت بأنها حاسمة للاقتصاد وتستخدم أيضا من قبل الجماعة لغسل الأموال من مبيعات المخدرات والأنشطة غير المشروعة لملء خزائنها، وتستطيع جني المال، ولا تزال قادرة على تلقي بعض الدعم المالي من إيران، وهي غير مفلسة. ولكن حزب الله يمر بأزمة تماما مثل المجتمع الذي يعتمد عليه تقليديا في قاعدة دعمه. هذا هو السبب في أن فكرة خطة إنقاذ البلد ليست فكرة مقبولة. أي إنقاذ للبلاد سيكون بالتالي إنقاذا لحزب الله لأنه كيان راسخ بعمق داخل النظام السياسي اللبناني، لذا حزب الله، لأنه يعمل داخل لبنان، يتأثر بشكل واضح بالأزمة المالية التي تجتاح الدولة القومية. وعلى الرغم من استقالة الحكومة اللبنانية فإن الضغط على المؤسسة السياسية اللبنانية مستمر في الازدياد. ويمكن للأزمة الاقتصادية أن تغير الأنظمة الحكومية، لكن من النادر أن تزيل الأنظمة الحكومية بالكامل. لذلك من مصلحة كثيرين أن يستمر السيناريو الحالي.

مشاركة :