نعيش اليوم في زمن يجب على المرء أن يراعي فيه أقصى درجات الحيطة والحذر في التعامل مع الآخرين، فما نسمع من جرائم ترتكب ومن أحكام تصدر ومن قضايا ترفع ومن أنظمة يتم مخالفتها تفرض على الإنسان أهمية أن يدرس ويتدبر ويستفسر ويعرف تفاصيل كل أمر يخوض فيه ويتأكد بنفسه إن كان صحيحًا أو مخالفًا خصوصًا إن ثقافة الفساد انتشرت في فترة من الفترات حتى اعتاد الناس القيام بالخطأ ومع تكراره ظن بعضهم بأنه صحيح. ساهم في انتشار ثقافة الفساد وجود الفاسدين والمفسدين فهما اللذان يتعاونان من أجل دعم حركة الفساد والتقليل من مكافحته، فالفاسد يمارس الفساد بنفسه ويقوم بتنفيذ المهام الفاسدة أما المفسد فهو من يهيئ الأمور للفاسد ويزيِّن له القضايا ويخلق له المناخ والبيئة الملائمة ويبسط له القوانين ويفسر له الأنظمة لممارسة الفساد، واليوم نجد أن الفاسدين والمفسدين يتفننون في ابتكار وسائل الفساد والإفساد وخداع الناس والغش والخيانة والسرقة وجعل الحق باطلًا والباطل حقًا وتغيير الحقائق وتبديل الواقع ليظهر للناس وكأنهم يسعون لنفع الناس ومصلحتهم وهم في حقيقة الأمر يسعون لنشر الفساد والغش والتدليس بين أفراد المجتمع. الأمور تغيرت اليوم وتبدل كل شيء منذ أن أطلق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد حملته لمحاربة الفساد مؤكدًا (لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد سواء كان أميرًا أو وزيرًا...) فالحرب على الفساد مستمرة والمحافظة على مقدرات الوطن ومكتسباته متواصلة ولن يفلت من العقاب كل من تسوِّل له نفسه التطاول على المال العام أو إساءة استعمال أو استغلال سلطته لمصالحه الشخصية والتكسب غير الشرعي، وستكون الأجهزة الرقابية له بالمرصاد، وفي مقدمتها النيابة العامة والتي أعلنت مؤخرًا عن إثبات الإدانة تجاه خمسة من المتهمين في قضايا فساد إداري ومالي تمثلت في تبديد الأموال العامة، والتصرف في الممتلكات الحكومية والمتاجرة بالوظيفة الحكومية والإثراء غير المشروع وصدرت أحكام ابتدائية بالإدانة لجميع المتهمين والحكم عليهم بمجموعة أحكام وصلت إلى السجن 32 عامًا وعقوبات مالية تجاوزت 9 ملايين ريال. احذروا الفاسدين والمفسدين الذين يبسِّطون الأمور ويحرفون المصطلحات ويستندون على بعض الأخطاء التي وقعت في الماضي ليبرروا للآخرين أن يقعوا فيها فينصبوا لهم شباك الفساد ويحتالوا عليهم ولا تنخدعوا بمقولة إن الكثير يقومون بنفس المخالفات فالوضع قد اختلف والحرب على الفساد قد انطلقت والعمل متواصل على رفع مستوى الشفافية وتعزيز جهود الرقابة والمحاسبة للقضاء على الفساد وتجفيف منابعه وتضييق الخناق عليه مما يساهم في تحقيق الرفعة والازدهار لهذا الوطن المعطاء. * نقلا عن "المدينة"
مشاركة :