«داعش» و «عاصفة الحزم» في قلب الحدث

  • 5/14/2015
  • 00:00
  • 24
  • 0
  • 0
news-picture

الأخبار المتفجرة على مدار الساعة من مئات - وربما آلاف - الفضائيات العربية وجدت ما ينافسها ومن يعكسها ويحلل ويفند وينتقد ويتوافق ويحاول أن يصحح مسارها إن حادت مرة تحت وطأة نعرات طائفية، أو بسبب مخاوف وطنية، أو ربما استجابة لمحاولات تبييض أخبار في غرفة الأخبار المركزية، أو تسويد وجوه في كواليس التحرير التلفزيونية، أو حتى للتخفيف أو المبالغة في ما يبث أو ينقل تحت شعار «التخفيف عن الرأي العام» أو «مداواة المزاج الشعبي المتعكر» أو لتحديد «اتجاهات جديدة» في المشهد العربي الإعلامي برمته. «اتجاهات جديدة» هو العنوان الذي اختاره منتدى الإعلام العربي في دورته الـ 14 التي شهدت تفجراً واضحاً لاهتمام الإعلاميين بالمشهد العربي الراهن حيث طغت الأخبار وسطت المجريات الدائرة على الأرض على الجلسات والمناقشات والمداخلات والحوارات. وهو ما لخصته رئيسة اللجنة التنظيمية للمنتدى ورئيسة نادي دبي للصحافة منى المري التي قالت إن التحديات التي تواجه الإعلام والإعلاميين ناجمة عن التحولات السياسية التي شهدتها المنطقة على مدار السنوات القليلة الماضية وما تبعها من متغيرات وصراعات باتت تؤرّق المنطقة، وهو ما يلقي بظلال ثقيلة على صناعة الإعلام. شاشات وسياسات وبدا واضحاً تماماً إن زمن الفصل بين قضايا الإعلام وشكل الشاشات ومحتوى الأخبار من جهة والمجريات السياسية والتطورات العسكرية والثورات المجهضة والجماعات المسلحة من جهة أخرى قد ولى. ولم يعد اختلاط الخبر بالرأي أو مزج المعلومة بالأيديولوجيا هو هم الإعلاميين والمشاهدين الأول، بل صار همهم - لحين إشعار آخر هو سلامتهم وأسرهم وشارعهم ومدينتهم وأوطانهم، وهي السلامة التي سلم الجميع بإن الطريق إلى تحقيقها يمر عبر شاشة غير طائفية وخبر منزه عن الطائفية ونعرة لا تعلي إلا مصلحة الأوطان على كل ما عداها من نعرات وأولويات واختيارات تعكسها الشاشات. الشاشات التقليدية التي لمح كثيرون شيخوخة مشاهديها وتقدم أعمار متابعيها بعدما هجرها الصغار ونبذها الشباب بفعل الشبكة العنكبوتية مازالت تحاول فرض سطوتها وتعلن هيمنتها على نقل الأخبار من موقع الأحداث ومعها باقة منتقاة من النعرات الطائفية والتوجهات المذهبية والمصالح السياسية، كل وفق توجهاتها وأهدافها. وعلى رغم اتفاق الجميع على الضرورة الحتمية لتغليب المصالح الوطنية على تلك المذهبية لا سيما على الشاشات التلفزيونية التي ما زالت تعتبر المصدر الأول للمعلومة والخبر، ومن ثم تشكيل وتوجيه الوعي والرأي العام العربي، إلا أن نبرة تبريرية ونغمة تعليلية طغت على أحاديث كثيرين كلما تطرق الحديث إلى ما آلت إليه المنطقة العربية من اقتتالات داخلية، وأخرى عابرة للحدود، وثالثة قافزة على الهويات الوطنية لمصلحة جماعات دينية. داعش الجماعة «الدينية» الأبرز صاحبة عدد مرات التكرار الأكبر والإشارة الأوسع والتوجس الأعمق هي «داعش» التي تبادل الجميع عملية رمي كرات الاتهام في ملاعب الآخرين. «صناعة أميركية والدليل تقنياتها العالية وإمكاناتها الهائلة»، «قوى شر غربية توجه سهامها إلى المنطقة العربية بهدف التفتيت والتفريق»، «فيروس إرهابي أصاب جسد الأمة الذي يعاني وهناً ونقصاً حاداً في المناعة»... تفسيرات عدة تصب كلها في خانة «المفعول به» المكتفي بمحاولات العلاج بالمسكّنات بديلاً عن الوقاية. وأولى إمارات المسكنات هي الجدل في شأن «هل نبث جرائم داعش أم نكتفي بقراءة أخبارها؟» و»كيف نتعامل مع أخبارها؟» و»هل نصنفها باعتبارها أكثر أم أقل أم أكثر على قدم المساواة من حيث الإرهاب مع القاعدة». ومن الجماعات الدينية المسلحة التي تجتاح دولاً عدة، إلى «عاصفة الحزم» التي سيطرت على قاعات وكواليس المنتدى إن لم يكن بحكم الجلسة العامة المعنونة «عاصفة الحزم» فتحت ضغط الأخبار المتواترة حيث جاءت جلسة سياسية بالغة السخونة بامتياز. وكان لزاماً أن يتطرق الإعلاميون العرب إلى مسائل الحياد والموضوعية والمواثيق والأخلاقيات، إلا أن اشتعال الأوضاع على الأرض بينما يتحاور المتحاورون قلّص حديث الحياد إلى أقل مقدار ممكن. وجاء هذا على حساب مفاهيم أخرى ومعايير أحدث تواكب التطورات على الأرض والمنعكسة على الشاشات والتي حازت العشرات من التوصيفات، منها مثلاً «فوضى إعلامية خلاقة» وأخرى «هدامة» إضافة إلى «الطائفية على الهواء مباشرة» و»الاستقطاب التلفزيوني» و»التطرف والاستقطاب والحشد على مدار الساعة». شاشات متهمة وعلى مدار الساعة وجدت الشاشات العربية نفسها في منتدى هذا العام في خانة الاتهام أكثر من الاهتمام. فالفضائيات التي تحول كثير منها إلى ما يشبه الأحزاب السياسية (وأحياناً المنصات الطائفية) باتت تعتمد أحياناً ما يسمى «تبييض الأخبار» حيث ترد معلومة عبر الشبكة العنكبوتية وتنتقل من موقع إلى آخر بسرعة الصاروخ وتستقر في غرفة الأخبار حيث تنقلها مؤسسات إعلامية كبرى لتنتقل من كونها إشاعة موجهة أو معلومة منتقصة إلى خبر متداول وكأنه حقيقة. ولكن سرعان ما يستيقظ الحضور من حديث الإشاعات وتبييض الأخبار وهل ننقل الخبر أم لا وهل نتعامل معه باعتباره خبراً سنياً أم شيعياً إلى حقيقة واقعة في بقية أنحاء العالم وتظهر ملامحها المبكرة في العالم العربي حيث النسبة الأغلب من الشباب يعتبرون القنوات العربية متحيزة، والملايين من الشباب تحولت في شكل لافت ومتزايد إلى إنستاغرام وتويتر ولم تشاهد الفضائيات من الأصل. شمس إنستاغرام وحيث إن عدد مستخدمي الإنترنت ارتفع من 780 مليون شخص في 2004 إلى ثلاثة بلايين شخص في عام 2014، فقد صاحب ذلك تغيير جذري في المشهد الإعلامي واختلفت طرق بث الأخبار والمعلومات، وانتهت هيمنة الشاشات والصحف على القصص الخبرية. وعلى رغم بزوغ شمس الشبكات العنكبوتية على حساب أفول شمس الفضائيات على الأقل شبابياً، إلا أن بعض الحضور رأى في الهيمنة الخبرية العنكبوتية المتزايدة مؤامرة استخباراتية غربية، وهو ما عاد بهم إلى النقطة صفر حيث «كيف تتعامل الفضائيات مع الخبر؟» و»كيف تتحقق منه؟» و»هل تبث الفيديو الوارد إليها من مواطن تصادف مروره في موقع الحدث أم قد يكون ذلك جزءاً من مؤامرة غربية؟ يذكر أن الدورة الرابعة عشرة لمنتدى الإعلام العربي الذي ينظمه نادي دبي للصحافة، تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رفع هذه الدورة ( 12 و13 الشهر الجاري) شعار «اتجاهات جديدة».

مشاركة :