هناك من البشر طائفة، لديها من الإخلاص، والوفاء، والمحبة لوطنها، ما يجعلها تعمل، دونما توقف، لالتقاط الأنفاس أو انتظار كلمات طيبة، من المحيطين بها، أو القائمين بالإشراف على عملها، بشكل وظيفي. تعمل وفقط، لأنها تعرف قيمة ما تقوم من عمل، ومدى تأثيره في المستقبل، فيتحول عملها إلى ما يشبه القتال على الجبهة، وتتحول وظيفتها إلى رسالة، يجب أن تصل إلى متلقيها، خاصة وهى تستشعر كل ما يحيط به من مخاطر خارجية وما يتخلله من مؤامرات داخلية مهمتها الأولى هى زعزعة الثقة بين المواطنين ووطنهم، في ظل وضع قلق، وآليات حروب الجيل الرابع وأدواتها التى تتسلل إلينا عبر كافة وسائل الاتصال وتلاحقنا جميعا ولا يعرف الضعيف منا كيفية التصدى لها أو موازنة الأمور التى يسمعها ويراها على مدى اليوم والليلة، من هنا كان لزاما علينا أن نبدأ بالطفل نعده لأيام قادمة لا تهزه فيها أنواء العولمة ولا تستميله أهواء أفكار هوجاء عنصرية مغرضة، تنتج شخصيات متجهمة جامدة لا تسمح بالتفكير أو المناقشة ولا ولاء لها لتراب هذا الوطن ولا تعمل لمستقبله ولا تؤمن بالفن كرسالة وحياة ومنقذ، أعرف أن كثيرين لا يؤمنون بنظرية المؤامرة لكننى من أشد المؤمنين بها بعدما رأيت وسمعت وعشت كما عاش الجميع أحداثا جساما تركت عواصفها ونيرانها ونورها الكثير من الدموع والألم والدماء ما جعلتنا نعرف من اصطف خلف القيادة الوطنية فصار جنديا في موقعه ممن أبى وسار عكس ذلك، ولأننا أيضا تعلمنا جيدا ووعيناه كان لزاما علينا أن نشكر جل جهد يبذل بمحبة وكل كلمة تضىء الظلام وكل خطوة تقرب أبناء مصر لبعضهم البعض وتجعلهم نسيجا واحدا متجانسا لونا وثقافة ومستوى اجتماعيا وتقاليد، تصهرهم في بوتقة الاعتزاز بوطنهم وتوثق لديهم مفهوم الهوية والانتماء وتعزز لديهم أن مصر كلها هى وطنك فاحفظ معالمه واعرف شوارعها والق نظرة على تاريخها تاريخك الذى ستكمل مسيرته أنت. وما كان ذلك ليحدث ويتم إلا مع الصغار أطفال مصر شباب الغد القادم ورجال المستقبل. ليس هذا حلما أو خطة على ورقة تنتظر دورها في أحد المكاتب بل واقعا ملموسا وجهدا محسوسا وطاقة متفجرة من الأمل الذى يلون خارطة مصر من أقصى حدودها الجنوبية إلى أقصى حدودها الغربية والشرقية وكل مكان، هذا المشروع الذى ينبغى أن نصفق له جميعا ونسعد به وبمن فكر فيه ومن يقومون على تنفيذه. «مشروع الدمج الثقافى لأطفال الحدود» الذى تقوم به الهيئة العامة لقصور الثقافة بقيادة الدكتور أحمد عواض، وإشراف السيدة الجميلة التى أقدرها كثيرا لميس الشرنوبي، مدير عام الإدارة العامة لثقافة الطفل، مشروع الانصهار في بوتقة الوطنية والمصرية الخالصة. السيدة التى تضع مئات الأطفال في حالة فنية ملونة ضاحكة حكيمة وعلمية أيضا وتاريخية في ورشات عمل للحرف اليدوية والفنية والحكايات والزيارات للمعالم المختلفة في شتى أنحاء مصر، المشروع الذى يستضيف أبناء سينا وأسوان والواحات وشلاتين وسيناء على مدى أسبوع ليتعرفوا بلدهم ويتركوا أنفاسهم وخطواتهم في كل مكان ويدوسوا باقتدار في طريقهم على أفكار بالية للعنصرية أو التهميش أو البعد لأنهم جميعا في قلب قلب الوطن.أطفال أسوان على سبيل المثال أو أطفال مرسى مطروح أو أطفال سيناء أو حلايب وشلاتين الذين يتم استضافتهم في القاهرة يزورون مجمع الأديان ويمرحون في مصر الفاطمية مسحورين بحكاياتها وتاريخها، مسجد الغورى، قصر الأمير طاز، سبيل محمد على، مسجد الأقمر، باب زويلة، وغيرها مثل متحف الفن الإسلامى ومتحف الفن الحديث بالأوبرا ومتحف الحضارة والإبداع وغيرها من معالم مصر التى سيكبرون وهى محفورة في ذاكرتهم ووعيهم، لا يستطيع أى جديد أو وافد أو عدو واضح أن يخطفها منهم أو يقتطعها لأنها صارت جزءا من نسيج مصريتهم وغزلت هويتهم بخيوط روحية خفية، لا يستطيع أحد أن يقطعها.تحية كبيرة وإشادة بالجهد الكبير لقائدة متفانية وكتيبة لا تقل عنها وطنية تقوم بتنفيذ مخطط الوطنية الكبير بوعى شديد، تحية لمشروع الدمج الثقافى وللدكتور أحمد عواض وللهيئة العامه لقصور الثقافة بمثلكم يزدهى الوطن وتتفتح زهوره.
مشاركة :