شراء مصر لمقاتلات روسية يعرضها لعقوبات أميركية

  • 11/19/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

حذرت الولايات المتحدة، الاثنين، مصر من أن شراء طائرات مقاتلة روسية، سيعرضها لخطر العقوبات الأميركية، في موقف لافت يعكس تنامي قلق واشنطن حيال تطور العلاقات الروسية المصرية خاصة على الصعيد العسكري، إلى جانب التقاطعات بينهما في أكثر من ملف في المنطقة وبينها الملف الليبي. وتعتمد إدارة الرئيس دونالد ترامب على العقوبات كوسيلة فعالة للضغط على الدول المهتمة بشراء أسلحة متطورة من روسيا، وسبق أن هددت واشنطن حليفتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تركيا بفرض عقوبات عليها في حال أتمت صفقة شراء منظومة أس 400 الروسية. وقال آر كلارك كوبر مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية والعسكرية الأميركية، الاثنين، إن شراء مصر طائرات مقاتلة روسية يعرضها لخطر العقوبات كما يهدد مشترياتها من العتاد الأميركي في المستقبل، مضيفا أن القاهرة على دراية بتلك المخاطر. وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” كشفت في وقت سابق أن الولايات المتحدة حذرت القاهرة من احتمال فرض عقوبات عليها في حال قررت المضي قدما في صفقة شراء طائرات حربية روسية، من طراز سو 35 المتطورة. وذكرت الصحيفة أن التحذير الأميركي جاء في رسالة، الأربعاء الماضي، أرسلها وزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع مارك إسبر، حثّا فيها وزير الدفاع المصري على إلغاء صفقة لشراء مقاتلات سو 35. والمفارقة أن التحذير الأميركي أرسل بعد ساعات قليلة من زيارة ليومان أداها وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إلى القاهرة التقى خلالها بنظيره المصري محمد زكي والرئيس عبدالفتاح السيسي، وبحث خلالها سبل تعزيز العلاقات العسكرية، إلى جانب التطورات في سوريا وليبيا. ووفق الصحيفة الأميركية، فقد أشارت الرسالة، إلى أن مصر تخاطر بالتعرض لعقوبات بموجب قانون أميركي يمنع شراء المعدات العسكرية الروسية. كما حذرت الرسالة المسؤولين المصريين من أن صفقات الأسلحة الكبرى مع روسيا ستعقد حصول مصر على المساعدات الأمنية من واشنطن أو حتى توقيع صفقات سلاح معها. وأعلنت وسائل إعلام روسية في أبريل الماضي، أن موسكو والقاهرة وقعتا على عقد لتزويد الجيش المصري بمقاتلات “سوخوي 35”، وأن مصر ستحصل على أكثر من 20 مقاتلة مقابل 2 مليار دولار، ودخل العقد حيز التنفيذ، ويمكن أن تبدأ عمليات التسليم العام المقبل. ويثير تحرك الولايات المتحدة ضد صفقة المقاتلات في هذا التوقيت العديد من الأسئلة، خاصة أن الصفقة تعود إلى أشهر، وسط تساؤلات حول دوافع هذا الموقف وعمّا إذا كان يرتبط فقط بالتنافس الروسي الأميركي على سوق السلاح أو بقلق واشنطن من التعاون الروسي المصري المتنامي في المنطقة أو أن إسرائيل التي تبدي توجسا من امتلاك أي دولة مجاورة لترسانة عسكرية متطورة هي من تقف خلف الضغوط الأميركية، أو أن تكون كل هذه الأسباب مجتمعة؟ وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد صرح الأسبوع الماضي بأن العلاقة مع كل من مصر والأردن مبنية بالأساس على الردع وأن بقاء إسرائيل الطرف الأقوى هو الضمانة الأساسية لأمنها. وقال رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالجيش المصري، اللواء نصر سالم، لـ”العرب”، إن توقيع عقوبات على القاهرة لن يكون أمرا سهلا على الإدارة الأميركية، في ظل التعاون المتنامي بين البلدين. وأضاف سالم أن واشنطن تدرك أن تنوع الأسلحة المصرية يُستخدم في أغراض الدفاع عن النفس، وعدم وجود رغبة توسعية أو تهديد دول مجاورة، والحرص على الاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع دول الجوار، وعلى رأسها إسرائيل. وأكدت أوساط دبلوماسية مصرية لـ“العرب أن الإدارة الأميركية الحالية تعلم أن لجوء مصر إلى السلاح الروسي يرتبط بموقف الإدارة السابقة للرئيس باراك أوباما، من عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، وما تلاه من فرض قيود عسكرية صارمة على واردات السلاح من قبلها للجيش المصري، بما فيها الأسلحة التي تعاقدت عليها القاهرة بالفعل، ما يجعل هناك صعوبة في المفاوضات بين وزارة الدفاع المصرية والبنتاغون. وأشار نصر سالم، إلى أن مصر تنظر إلى الطائرات الروسية باعتبارها ذات دقة عالية وزهيدة الثمن، مقارنة بنظيرتها الأميركية، ويأتي ذلك في إطار تنامي التعاون العسكري مع موسكو، ما يجعل التراجع عن الصفقة “مسألة غير متاحة في الوقت الحالي، إلا إذا كانت هناك ضغوط متنامية على القاهرة تتجاوز عملية وقف المساعدات خلال الفترة المقبلة”. وتشهد العلاقات الروسية المصرية تطورا لافتا منذ تولي وزير الدفاع الأسبق عبدالفتاح السيسي الرئاسة في مصر في عام 2014، ولعبت التحفظات الأميركية (في عهد الرئيس باراك أوباما) على طريقة انهيار حكم جماعة الإخوان دورا في توجه مصر صوب روسيا، حيث كانت السلطة المصرية ترى في الموقف الأميركي حينها تدخلا في شؤونها، وعدم مراعاة لعقود من العلاقات الوثيقة بين الجانبين. ومع مجيء الرئيس دونالد ترامب، الذي أشاد في عدة مناسبات بدور مصر في المنطقة، عادت العلاقة بين القاهرة وواشنطن إلى طبيعتها، بيد أن مصر حرصت على الإبقاء على علاقة جيدة مع روسيا التي نجحت في السنوات الأخيرة في الانتقال من السياسة الانكماشية التي انتهجتها بعيد انهيار الاتحاد السوفييتي إلى طرف فاعل على الصعيد الدولي. وتوجد تقاطعات كثيرة بين مصر وروسيا في عدة ملفات من بينها الملف الليبي، الأمر الذي يثير قلقا متناميا لدى واشنطن، التي أعربت وزارة خارجيتها مؤخرا عن امتعاظها من الدعم المصري للجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، محذرة في الآن ذاته من تنامي التدخل الروسي على خلفية اتهامات من قبل حكومة فايز السراج بوجود مرتزقة روس يدعمون الجيش. ولا يستبعد أن يكون الملف الليبي، من بين الملفات التي تثير تململ واشنطن إزاء مصر، خاصة في ظل تقارب الرؤيتين المصرية والروسية بشأنه. ورجح، الخبير العسكري، اللواء نبيل أبوالنجا، أن تمضي القاهرة في طريقها نحو تنفيذ بنود العقد الموقع مع الجانب الروسي، إذا ضمنت قدرتها على التعامل مع أي عقوبات أميركية متوقعة، والتي قد تطال المساعدات العسكرية السنوية المقدرة بـ1.2 مليار دولار، بما يضمن القدرة على الحصول على قطع غيار الأسلحة التي لديها. وكشف في تصريح لـ”العرب” عن قيام مصر بمشاورات مع دول عربية حليفة في هذا الشأن لضمان تعوضيها عن انخفاض أو تلاشي الدعم الأميركي في المجال العسكري. وتوقع أبوالنجا، وهو مؤسس الفرقة (999) صاعقة المعروفة في الجيش المصري، أن تذهب الولايات المتحدة إلى تنفيذ تهديدها، حال أصرت القاهرة على موقفها الحالي. وتوقعت بعض المصادر، أن تشهد الفترة المقبلة مشاورات ثنائية بين وزارة الدفاع المصرية والبنتاغون، للتوصل إلى حلول من الممكن أن تخفف من وطأة التهديدات الأميركية، لافتة إلى أن القاهرة تتعامل مع التحذيرات بجدية، وتحاول خلخلتها عبر القنوات الدبلوماسية.

مشاركة :