رغم التوتر السياسي الظاهر بين واشنطن وبكين حول عدد من القضايا، وعلى رأسها الأزمة المشتعلة في هونغ كونغ، وما يتصل بتايوان والإيغور وغيرها، وما تقول الصين إنه استعراض للعضلات الأميركية في بحر الصين الجنوبي، فإن الأسواق العالمية بدأت التعاملات الأسبوعية أمس أكثر ميلاً للتفاؤل حول المباحثات الجارية بين البلدين حول ملف التجارة؛ إلا أن الضغوط لم تلبث أن أثرت على حركة الأسواق؛ خصوصاً في «وول ستريت».وأعلنت بكين يوم الأحد أن نائب رئيس مجلس الدولة الصيني، ليو هي، ممثل الجانب الصيني في الحوار الاقتصادي الشامل بين الصين والولايات المتحدة، أجرى «محادثات بناءة» مع الممثل التجاري الأميركي روبرت لايتهايزر، ووزير الخزانة ستيفن منوشين، حول المخاوف الأساسية لكل منهما في اتفاق «المرحلة الأولى»، واتفقا على الإبقاء على اتصال دائم.جاء ذلك في اتصال هاتفي بين الجانبين جرى مساء السبت، وأفادت «بلومبرغ» للأنباء بأن الاتصال جرى بناء على طلب الجانب الأميركي. ويأتي الاتصال بعدما أشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى أن المحادثات مع الصين بشأن المرحلة الأولى تدخل نهايتها.وتخوض كل من بكين وواشنطن منذ أكثر من عام حرباً تجارية، كل منهما مع الأخرى، بدأها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بصورة أساسية، بدافع الغضب من تصدير الصين كميات من البضائع إلى الولايات المتحدة أكثر بكثير مما تصدره أميركا إلى الصين.وكان ترمب قد أعلن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي توافقاً على اتفاقية جزئية بين البلدين، إلا أنه لم يتضح حتى الآن متى سيتم توقيع هذه الاتفاقية. وتسعى إدارة ترمب منذ عامين للضغط على الصين كي تحدث تغييرات شاملة في سياساتها بشأن حماية الملكية الفكرية، ونقل التكنولوجيا إلى الشركات الصينية، والمنح الصناعية، والوصول إلى السوق. بينما نفت الصين مراراً الاتهامات الأميركية، متهمة واشنطن بأنها تعمد إلى ممارسات تجارية غير عادلة، وتعهدت بالرد على الإجراءات العقابية الأميركية بتدابير مماثلة. وأدى احتدام الحرب التجارية بين البلدين إلى تعطيل تجارة سلع بمئات المليارات من الدولارات، وتسبب في تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وأضر بالأسواق.وبالأمس، قالت منظمة التجارة العالمية إن حجم النمو في تجارة السلع العالمية، من المتوقع أن يظل «دون المعدلات» في الربع الرابع من العام الجاري، وسط توترات وزيادة الرسوم الجمركية في قطاعات رئيسية.وأظهر أحدث مؤشر فصلي للمنظمة نمواً نسبته 0.2 في المائة في تجارة السلع العالمية في الربع الثاني، مقارنة مع 3.5 في المائة في الفترة نفسها من 2018. وقالت المنظمة إن «بعض مكونات المؤشر استقرت منذ القراءة السابقة في أغسطس (آب)، في حين تظل أخرى في مسار نزولي، نظراً لزيادة التوترات التجارية وزيادة الرسوم في قطاعات رئيسية».وأضافت أن الشحن الجوي والمواد الخام والمكونات الإلكترونية «تدهورت جميعها بدرجة أكبر دون المعدلات»، وكانت المكونات الإلكترونية هي الأضعف وسط زيادة الرسم، في حين تعززت منتجات السيارات والشحن بالحاويات.لكن رغم هذه التوترات، يبدو أن الأسواق العالمية تشبثت صباح أمس بقوة، بآمال التوصل إلى اتفاق تجاري، مع افتتاح تعاملات الأسبوع أمس. إذ اقتربت الأسهم الأوروبية بشكل أكبر من بلوغ مستوى قياسي في ظل نظرة أكثر إيجابية حيال النمو العالمي، بفضل التفاؤل بشأن محادثات التجارة الأميركية الصينية، وخطوة مفاجئة من البنك المركزي الصيني بخفض سعر فائدة رئيسي.وبحلول الساعة 13:09 بتوقيت غرينتش، ارتفع المؤشر «ستوكس 600» الأوروبي 0.24 في المائة، مواصلاً المكاسب بعد سلسلة صعود لستة أسابيع متتالية. والمؤشر على بعد ثماني نقاط فقط من أعلى مستوياته على الإطلاق 415.18 نقطة الذي بلغه في منتصف أبريل (نيسان) 2015.وفي آسيا، ارتفع المؤشر «نيكي» القياسي في بورصة طوكيو الاثنين بفضل حالة من التفاؤل الحذر، وبدعم مكاسب البورصات العالمية وتوقعات لاتفاق تجارة بين الصين والولايات المتحدة.وصعد «نيكي» 0.5 في المائة إلى 23416.76 نقطة. وزاد المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 0.2 في المائة إلى 1700.72 نقطة؛ حيث قاد الاتجاه الصعودي القطاعات المأمونة، مثل قطاع الأدوية الذي زاد 1.3 في المائة والاتصالات الذي ارتفع 0.9 في المائة.ويوم الجمعة، أغلقت المؤشرات الرئيسية للبورصة الأميركية على مستويات قياسية، بفضل التفاؤل حيال تهدئة محتملة لتوترات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، ومكاسب كبيرة لأسهم الرعاية الصحية.لكن المؤشرات الرئيسية للأسهم الأميركية في بورصة «وول ستريت» وبعد مستويات قياسية مرتفعة عند الفتح أمس الاثنين، سرعان ما تراجعت عقب تقرير أذكى مخاوف من تعثر اتفاق للتجارة بين الولايات المتحدة والصين. وبعد أن سجل مستوى قياسياً مرتفعاً جديداً عند 28004.89 نقطة، تراجع المؤشر «داو جونز الصناعي» 11.67 نقطة، أو 0.04 في المائة، إلى 27993.22 نقطة. وانخفض المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الأوسع نطاقاً 2.55 نقطة، أو 0.08 في المائة، إلى 3117.91 نقطة. ونزل المؤشر «ناسداك» المجمع 11.66 نقطة، أو 0.14 في المائة، إلى 8529.16 نقطة.من جانبها، تراجعت أسعار الذهب الاثنين مع تنامي التفاؤل. وبحلول الساعة 04:53 بتوقيت غرينتش، كان السعر الفوري للذهب منخفضاً نحو 0.1 في المائة إلى 1466.09 دولار للأوقية (الأونصة)، في حين نزلت عقود الذهب الأميركية الآجلة 0.1 في المائة أيضاً إلى 1466.40 دولار.وقالت مارغريت يانغ يان، محللة السوق لدى «سي إم سي ماركتس»: «تحسن المعنويات حيال المخاطرة في أنحاء آسيا، وتفاؤل المستثمرين الحذر بشأن المضي في اتفاق (المرحلة 1) قبل عيد الميلاد، يضغطان على الذهب»، مضيفة أن تراجع الدولار حد من انخفاض المعدن.وفي المعادن النفيسة الأخرى، نزلت الفضة 0.2 في المائة في المعاملات الفورية إلى 16.91 دولار للأوقية، في حين ارتفع البلاتين 0.2 في المائة مسجلاً 890.89 دولار. وصعد البلاديوم واحداً في المائة إلى 1722 دولاراً للأوقية.
مشاركة :