لا يزال المجتمع الأميركي يعيش انعكاسات أعمال الشغب التي شهدتها مدينة بالتيمور (في ولاية ميريلاند) في نهاية نيسان (أبريل) الماضي، إذ تباينت الآراء على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" حول استطلاع أجراه مركز "بيو" للدراسات وأظهر استياء الشباب الأميركيين من التغطية الإعلامية للأحداث. وأوضح الاستطلاع الذي نشر هذا الأسبوع، أن شريحة كبيرة من الشباب الذين استطلعت آراؤهم اعتبرت أن الإعلام ركز تركيزاً مفرطاً على أعمال الشغب، وأهمل الاحتجاجات السلمية التي سبقت أعمال التخريب وأعقبتها. وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن مشاهد الشغب ملأت شاشات التلفزيون والمواقع الإخبارية على حد سواء، مشيرة إلى أن ذلك استقطب اهتمام الشباب الأميركي على رغم معارضة هذه الشريحة لزاوية تقديم الأحداث التي دعت حاكم الولاية إلى إعلان حال الطوارئ وتفعيل الحرس الوطني وحظر التجول لساعات عدة يومياً. وأظهر الاستطلاع أن أكثر من نصف الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً، يعتقدون أن التغطية الإعلامية أهملت الاحتجاجات السلمية، فيما كانت نسبة من يرون ذلك منخفضة للغاية في جميع الشرائح العمرية الأكبر، إذ اعتبر ثلث الأميركيين الأكبر عمراً أن التغطية الإعلامية لأعمال الشغب كانت ملائمة. وأرجعت الصحيفة هذه الهوة بين الأجيال إلى اختلاف التجارب التاريخية التي عاشوها، مشيرة إلى أن الأجيال السابقة مرت بمرحلة "حركة الحقوق الاجتماعية"، وأعمال الشغب التي كانت جزءاً من ستينات القرن الماضي، فيما مرّ جيل الشباب بتجربة حركة "احتلال وول ستريت"، بالإضافة إلى الاحتجاجات التي شهدتها مدن أميركية عدة حول الطريقة التي تتعامل بها قوات الأمن مع المواطنين من أصل أفريقي. نقاش على مواقع التواصل الاجتماعي قالت روزماري ريتش إن التغطية الإعلامية لم تكن مفاجئة، معتبرة عبر حسابها في "فايسبوك" أن "القاعدة الأولى في الصحافة تعتبر أن الأحداث الدامية ذات قيمة كبيرة"، مضيفة أن "الخوف يستقطب الناس، أما السلام فلا يفعل. هذا محزن لكنه واقعي". ووافقها برايان إكسون الرأي، معتبراً أن "التغطية الإعلامية لم تعر اهتماماً كبيراً للاحتجاجات السلمية، لأن المجتمع اليوم، مع الأسف، يفضل متابعة أخبار العنف فقط". وعبرت لارسيا باريسين عن أسفها لإلقاء اللوم على وسائل الإعلام، مؤكدة أن "المتظاهرين هم الذين يتحملون المسؤولية. أشخاص مثل هؤلاء يرون دائماً أنهم ليسوا مخطئين، لذا علينا أن نحملهم نحن المسؤولية، من دون البحث عن أسباب أخرى". ووافقتها سيندي باتين الرأي متساءلة "عن أي شباب تتكلمون؟ آمل أن لا يكونوا من الشبان الذين تعاطفوا مع من قاموا بأعمال تخريبية في بالتيمور". واعتبرت كاثلين كول أن "الإعلام يعتمد على التغطية المثيرة لكسب المال، خصوصاً وأنه من الصعب حرف الأخبار عن التظاهرات ذات الطابع السلمي". ووافقتها كارين لو بيير الرأي معتبرة أن "جيل الشباب لا يريد أن يشتري الصحف لمعرفة ما يحصل، مفضلاً الأخبار المجانية عبر الإنترنت، لذا هم يحصلون على ما يدفعون مقابله". ولفت كايل لانغ إلى أن "الأشخاص الذين يتساءلون عن أسباب عدم تغطية الإعلام زاوية معينة من الأحداث، كأنهم يقولون: لماذا لا يصبح الإعلام ماكينة دعائية لنا؟".
مشاركة :