في تطور تكنولوجي يبشر بمستقبل واعد في مجال نقل وزراعة الأعضاء البشرية، نجح مستشفى بريطاني أخيرا في ابتكار جهاز طبي جديد يسمح بجعل الرئتين تستمران في «التنفس» لمدة 24 ساعة بعد استئصالهما من جسد المتبرع، الذي يكون عادة شخصا فارق الحياة أو مات اكلينيكيا على الأقل. العلماء الطبيون، الذين شاركوا في تطوير الجهاز الجديد في أحد مستشفيات لندن، قالوا إنه يمثل اختراقا غير عادي وغير مسبوق في مجال التقنيات المتعلقة بنقل وزراعة الأعضاء، إذ إنه سيسهم حتما في إنقاذ حياة مئات إن لم يكن آلاف من المرضى الذين ينتظرون نقل وزراعة رئتين اليهم سنويا في بريطانيا. وقد بدأ فعليا استخدام هذه التكنولوجيا الطبية الرائدة في مستشفى «رويال برومبتون آند هيرفيلد» اللندني، وهو المستشفى ذاته الذي كان قد استحدث في العام الماضي تكنولوجيا جديدة تستطيع الإبقاء على نبض قلب المتبرع بعد استخلاصه من جسمه. وجرت العادة على أن يتم حفظ أعضاء المتبرعين في صندوق مبرد لمنعها من التحلل خلال الفترة الزمنية الفاصلة بين استخلاصها من جسد المتبرع وبين زرعها جراحيا في جسم المتلقي، لكن التكنولوجيا الجديدة تسمح للمرة الأولى بالإبقاء على تلك الأعضاء حية بشكل طبيعي لمدة كافية حتى يتم زراعتها. وأوضح العلماء الذين شاركوا في ابتكار وتطوير هذه التكنولوجيا الثورية الرائدة أنهم أطلقوا عليها اسم «جهاز رعاية الأعضاء» (OCS)، مشيرين إلى أنه يستطيع جعل الرئتين المتبرع بهما يستمران في التنفس بشكل طبيعي في ظروف مشابهة للظروف التي تعملان بها في داخل الجسم البشري. وحول الطريقة التي يعمل بها الجهاز، قال العلماء إنه يتم وضع الرئتين في داخل صندوق بلاستيكي محكم الإغلاق ومزود في داخله بمضخة صغيرة تضخ تيارا مستمرا من الدم إلى داخل نسيج الرئتين بينما تقوم مضخة هواء بضخ هواء إلى داخل الرئتين وسحبه منه في عملية شبيهة بالتنفس. وتعليقا على ذلك قال خبراء طبيون إن هذه التكنولوجيا تفتح آفاقا واسعة أمام تحسين عمليات نقل وزراعة الأعضاء البشرية، إذ إنها تعني أنه سيكون ممكنا نقل الأعضاء لمسافات طويلة، ربما من قارة إلى أخرى، مع المحافظة على حالتها الجيدة إلى أن يتم زراعتها جراحيا في جسم المريض المتلقي.
مشاركة :