ضياء الدين علي في كل محطة لنهائيات الأولمبياد المدرسي، تحققت نقلة مهمة لذاك المشروع الوطني الذي وصل إلى دورته الثالثة، فمن أبوظبي إلى دبي إلى الشارقة تحول المشروع من فكرة إلى واقع، ومن بداية خجولة إلى خطوة جادة على درب اكتشاف الموهوبين في أكبر قاعدة بشرية، ومن ممارسة يغلب عليها الحماس والهواية أكثر من أي شيء آخر، إلى منافسات حقيقية مشفوعة برغبة في التفوق وإثبات الذات. والملاحظة الأكيدة أن هذا كله لم يتحقق إلا من خلال تغذية استرجاعية تم فيها التقويم بنهاية كل دورة، وأتصور أن أهم عنصر تكفل بتحقيق النقلة التي شهدتها النهائيات في المحطة الشرقاوية، هو زيادة الإشراف الفني من قبل اللجنة الأولمبية والاتحادات المعنية باللعبات الثماني للأولمبياد، مع التسليم بأنه ما زال بينها 3 ألعاب (الجودو، الجوجيتسو، التايكواندو) لاتحتسب نتائجها ضمن الترتيب العام، لعدم اشتراك كل المناطق والمكاتب التعليمية فيها، ولكونها تجريبية واختيارية هذه المرة، وهي كما أعلن من قبل اللجنة المنظمة ستصبح أساسية من الدورة المقبلة، شأنها شأن ألعاب القوى، والقوس والسهم، والسباحة، والرماية، والمبارزة. البعض يرى أن المنافسة ليست مطلوبة في هذه المراحل العمرية الدنيا (من 9 إلى 14 سنة) ولكن هذا ليس صحيحًا، لأن المنافسة هي أساس التفوق، وهي التي توفر الحافز لتطوير مستوى الأداء، خصوصاً في الألعاب الفردية التي يستنفر فيها كل لاعب ولاعبة الطاقة والموهبة، ولولا هذه المنافسة ما تحقق الفوز لمنطقة الشارقة على حساب منطقة دبي بفارق ميدالية واحدة، وأتصور أن تعويد الطلاب المنافسة وإذكاءها في هذه السن المبكرة سيجعلهم أكثر قدرة على إثبات الذات والتفوق تحت الضغوط بكل أنواعها. وبهذه المناسبة أذكر في آسياد بانكوك 1988 أن أحد اللاعبين في أم الألعاب، لم يتمالك نفسه من الضغوط والهواجس التي أصابته لمجرد أنه سيجري في الاستاد الأولمبي إلى جانب أبطال من دول أخرى، وأمام جمهور حاشد في المدرجات، ومن الخضة مرض واعتذر قبل ساعة واحدة من السباق، ولم يكن السبب سوى ضعف التأهيل النفسي، وعدم تعود مواجهة الضغوط. عموماً نحن ما زلنا في أول الطريق بالنسبة إلى هذا المشروع الوطني الذي يكبر ويتوسع رأسياً وأفقياً من عام إلى آخر، وأتمنى أن تستمر اللجنة الأولمبية على نهجها الذي تستعين فيه بالإعلام كشريك استراتيجي في التقويم والمراجعة، بالإضافة إلى التقارير الفنية النوعية من المتخصصين، والتي نتوقع أن تفرز لنا نخبة من اللاعبين واللاعبات، الذين يمكن الرهان عليهم في سبيل إنتاج أبطال أولمبيين للمستقبل، وعملية الفرز هذه، هي الغاية من اللحظة الأولى لهذا المشروع، فهو ليس ضمن مفهوم الرياضة للجميع أو النشاط المدرسي الذي لا يحظى باهتمام حقيقي على مدار العام، ولا يتمتع بأي متابعة من المعنيين في الاتحادات. أخيراً وليس آخراً هناك اعتباران في صورة ملاحظتين الأولى: أن المدارس هي الرافد للأندية وليس العكس، ولذا يجب ضبط كل التجاوزات التي تتم للاستعانة بلاعبين جاهزين من الأندية، والثانية: أن النهائيات تظاهرة تنافسية لا احتفالية، ولذا يفضل البساطة والاقتصاد في إخراج حفلها. Email: deaudin@gmail.com
مشاركة :