حماية كيان الأسرة أولوية مراكز التنمية بالشارقة

  • 5/15/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يحتفل العالم باليوم العالمي للأسرة في الخامس عشر من شهر مايو/أيار من كل عام، وكانت الأمم المتحدة حددت هذا التاريخ بموجب قرار الجمعية العمومية الصادر عام 1993، وكان الهدف من هذا القرار ترسيخ اهتمام المجتمع الدولي بالأسرة باعتبارها نواة أي مجتمع، وأساس صلاحه وتميزه. وفي كل عام، تحدد أهداف معينة وسبل السعي لتحقيقها، حيث تمحورت أهداف العام الجاري حول المساواة بين الجنسين وحقوق الطفل في إطار الأسرة، كما أن الاحتفالية هذا العام ستسلط الضوء على العنف الأسري، وآثاره السلبية في الأطفال. وفي استطلاع للرأي قمنا به، سلطت إدارة مراكز التنمية الأسرية بالشارقة - والتي تعمل على تحقيق هدف وهو بناء أسري متماسك في كل بيت- من خلاله الضوء على أهمية الدور الذي تلعبه الأسرة، في رعاية الأبناء وتوجيههم، والاهتمام بهم، باعتبارها مظلة الأمان لهم، وبالتالي هي نواة المجتمع، فإن صلحت الأسرة صلح المجتمع. البداية كانت مع موضي الشامسي مدير عام إدارة مراكز التنمية الأسرية بالشارقة، والتي تقول: بمناسبة اليوم العالمي للأسرة وحول شعاراته التي تنادي بالمساواة بين الجنسين وحقوق الطفل في إطار الأسرة والعنف الأسري وآثاره السلبية، نؤكد أننا نعمل في مؤسسة معنية بالأسرة، رسالتها ورؤيتها تسير على نهج حماية كيان الأسرة وتماسكها، ونسير نحو صياغة خطط وبرامج تخدم هذا الكيان من خلال جميع أفراده، الأب والأم والأبناء، حتى يمضي هذا الكيان في طريق الاستقرار والتماسك ومن أجل أن يحيا جميع أفراده حياة أسرية صحية، بعيدة كل البعد عما ينغصها ويعمل على زعزعتها، وخاصة من جانب العنف الذي يعد محور اليوم العالمي للأسرة، فنحن في إدارة مراكز التنمية الأسرية بالشارقة نحاول جاهدين أن تكون برامجنا فاعلة مخططاً لها من أجل البعد بالأسرة عن هذا الجانب الذي اعتبره مظلماً يهدم الأسرة ويؤدي بها إلى هاوية تزعزع أركانها ما يؤثر سلباً في صحة أفرادها النفسية، لذلك نتمنى أن نكون من المؤسسات الفاعلة التي تساعد الأسر في مجتمعنا على زيادة ترابطها وتماسكها ومحافظتها على أفرادها، ليكون مجتمعنا فاعلاً متماسكاً قوياً. عبدالله العطر، خبير في التنمية البشرية والتطوير المؤسسي والشخصي، يقول: من الضروري تصحيح العديد من المفاهيم الخاطئة لدى البعض، والتي تنعكس سلباً على الأسرة وبالتالي على المجتمع، فهناك مثلاً قضية المساواة، فالمساواة بين الجنسين تحمل في الواقع الكثير من الظلم لكلا الطرفين، ففي الواقع للمرأة خصوصيتها وكذلك للرجل خصوصيته، ومن غير المنطقي أن يتبادلا الأدوار، بل هذا الخلط الذي حدث اليوم أحد أسباب تشتت بعض الأسر وضياع الأبناء، ومن جانب آخر هناك العنف الأسري الذي يتسبب أيضاً بتشتت الأسرة، وفيه مخالفة للشرع والدين، فديننا الإسلامي رسم وبكل وضوح حدود التأديب، وعند الالتزام بتعاليمه السمحة لن تعاني الأسر سلبيات العنف الأسري. وتحدث العطر عن سلبيات العنف الذي ربما يمارس على الأطفال، يقول: أحياناً نلتقي أطفالاً عنيفين إلى أكبر حد، وتغيب عنهم صفات الطفولة، بل وحتى صفات الإنسانية أحياناً، فهم يؤذون غيرهم بل وأنفسهم، ويتضح أن السبب تعرضهم للعنف، وظهرت هذه الفئة من الأطفال والمراهقين في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، حيث يمنع بموجب القانون الأمريكي السجن المؤبد للأطفال والمراهقين، ولكن بسبب ظهور فئة خطرة على المجتمع تكرر عنفها وارتكابها للجرائم، تم إيداعهم السجون حماية للمجتمع منهم إلى أجل غير مسمى، فالعنف لا يولد إلا العنف، والتربية تكون بالقدوة الحسنة والتوجيه والرعاية والحب والحنان، وإن كان لابد من العقاب فهو تأديبي لا انتقامي، بحيث لا يترك آثاراً نفسية مدمرة على الطفل. عمر الكعبي مستشار في التنمية البشرية، يقول: فيما يخص تربية الأبناء، هناك ثقافة نفتقدها، رغم أنها مطبقة في مختلف المؤسسات، وللأسف نغفل عنها في أهم مؤسسات المجتمع وهي الأسرة، وهي سياسة التقييم، فأي مؤسسة تحرص على تقديم الأفضل تقوم بتقييم أدائها وأداء موظفيها، فعلينا أن نقيّم باستمرار أداء أبنائنا وأداءنا أمام أبنائنا، من حيث الرعاية والتربية والتوجيه، ومن حيث أخلاقيات وسلوك الأبناء. وتابع الكعبي موضحاً: للأسف تهتم بعض الأسر بتوفير الجانب المادي فقط للأبناء مغفلين جانب التربية والقدوة الحسنة والتوجيه، وهو الأهم ولكن في ظل انشغال الأبوين تترك المهمة للخادمة أو الأصدقاء أو لوسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي لا يكتسب الأبناء القدوة الصحيحة، فلا أحد يمكن أن يلعب دور الأبوين أو يحل مكانهما أبداً، ويرى الكعبي أن اليوم العالمي للأسرة فرصة تذكيرية كغيره من المناسبات، وفرصة لنتذكر أن الأسرة نواة الأسرة الممتدة ونواة المجتمع، وأنها بصلاحها ينعكس هذا على المجتمع ككل. تقول الإعلامية حليمة الملا: من المؤكد أن الأسرة المؤسسة الأولى المعنية بالطفل، وهي أساس التربية، فالطفل يشب فيها ويكتسب عاداته وقيمه وقوانينه منها، فلذلك أصبحت هناك حاجة ماسة إلى تكاتف كافة مؤسسات المجتمع لمد يد العون للأسر والتعاون معها وتزويدها بالمعارف والتوجيهات النفسية والصحية والاجتماعية والثقافية والعلمية والبيئية والتربوية، والمسؤولية الأساسية في تأمين حقوق الطفل تقع في المقام الأول على الأسرة، ثم على الدولة وعلى مؤسسات المجتمع الأخرى لذلك يجب بذل العناية بالأسرة، لتكون قادرة على القيام بدورها ومهامها، فالمدخل لنشء صالح هي الأسرة الصالحة، وهي أولى ضمانات توفير حقوق الطفولة التي أوصى بها الإسلام، حقوق كثيرة ومتشعبة، مثل حق الحياة، والسلامة الشخصية، والرعاية الجسدية والنفسية، والتربية وحق النسب والأمان الاجتماعي والاستقرار، وتعلم مكارم الأخلاق، وحق التمكن من كل فن وعلم يساعد على مواجهة متطلبات الحياة، والقدوة الحسنة. وتابعت الملا موضحة: والأسرة لا يمكن أن تقوم بهذا الدور ما لم يصار إلى التغلب على الكثير من المظاهر السلبية، عبر توعية هذه الأسرة بمهامها والتغلب على حالات التفكك الأسري، ولابد من تشجيع البحث الميداني حول قضايا الطفولة والأسرة، والتعرف إلى أوضاع الطفولة والأسرة لإيجاد الوسائل والتطورات لصياغة التوجيهات الضرورية للجهات المعنية لتحقيق هذا الهدف. فالإسلام أولى عناية خاصة بالأسرة ورتب شأنها والمسؤوليات بداخلها على نحو يضمن وجود بيئة سليمة ومستقرة ترعى الطفولة. وتشاركها الإعلامية هدى أحمد الرأي، حيث تقول: الأسرة الحضن الأول للأبناء، فمنها تبدأ نشأتهم الأولى، ويكتسبون خبراتهم ومهاراتهم وعاداتهم ومفاهيمهم، لذا ينبغي أن تحصل ككيان مستقل على اهتمام أوسع، فمن جهة أجد تقصيراً في وسائل الإعلام في طرح ومناقشة القضايا التي تهم الأسرة، ومحاولة إيجاد حلول للمشكلات التي تواجهها، ومن جهة أخرى، يسكنني دائماً حنين لحياتنا السابقة، حيث كان الوقت المخصص للعمل والمدرسة أقصر وبالمقابل كانت الأسرة تجتمع على الغداء، ولديها بعد الظهر متسع طويل من الوقت، على عكس الوضع اليوم فالدوام الوظيفي طويل وحتى دوام المدارس، وبالتالي لا متسع من الوقت للقاءات الأسرية، بل أصبحت الأسر تنتظر إجازة نهاية الأسبوع بفارغ الصبر. تقول د. شمسة العور، رئيسة قسم جراحة النساء والولادة في كلية الطب بجامعة الإمارات: تغرس أساسيات القيم والمبادئ في نفوس الأبناء منذ سنواتهم الأولى، وهذه الأساسيات تعتبر بمثابة السلاح الذي سيحمله الطفل عندما يكبر، ليواجه به مشكلات الحياة، لذا إن لم نكن حريصين منذ سنوات الطفل الأولى على توجيه الطفل وغرس القيم والأخلاق في أعماقه، فلن يتمكن حين يكبر من تحديد الصواب من الخطأ، ومن مواجهة تحديات الحياة. وتتابع العور: الأمر يشبه برمجة الطفل، وفق البرمجة التي سيزود بها الطفل صغيراً، سيتصرف حين يكبر، لذا علينا الحرص على كل تصرف وكل كلمة أمام الطفل، فالأم والأب المعلم الأول للطفل وقدوته الأولى، وهما الموجهان له ولو بطريقة غير مباشرة من خلال تصرفاتهما أمامه. وأضافت: الدراسات الحديثة أثبتت أن الجنين وهو في رحم أمه يتأثر بما يحيط به، ويكتسب من مجتمعه ويسمع ويتعلم، لذا علينا الحرص على توفير أفضل بيئة للأم خلال فترة حملها، ولا ندعها عرضة للضغوطات النفسية أو العنف، كي تتوفر هذه البيئة الإيجابية للجنين، وأثبتت الدراسات الحديثة أن من يتعرض للعنف يصدر العنف بدوره لمجتمعه، لذا فإننا حين لا نوفر الحماية الكافية لأبنائنا من العنف لن نضمن أنهم سيكونون أسوياء حين يكبرون وفاعلين في المجتمع بطريقة إيجابية. تقول سيدة الأعمال الإماراتية ثريا العوضي: سافرت للدراسة في الولايات المتحدة وعدت بعد إنهاء دراستي ومعي ثلاثة أبناء، ثم أنجبت المزيد، حتى أصبحت أماً لسبعة أبناء وبنات، تفرغت لهم تماماً ولم أفكر في العمل، مؤمنة أن بإمكاني البدء في العمل في أي وقت، ولكن ليس بإمكاني تربية أطفالي في أي وقت، فعندما يكبرون سيكون الأوان فات، وكنت مؤمنة ألا أحد قادر على تربية الأبناء ليكونوا مستقبلاً ناجحين ومتميزين كالأم والأب، وبالطبع دور الأم الأهم، وكنت أواجه بالكثير من النقد من قبل المحيطين بي، وكانوا يذكرونني باستمرار أن العمر يمضي وأني سأكبر ولن أتمكن من العمل، ولكني كنت أرى العكس، فأنا في مرحلة ما تفرغت للأبناء عوضاً عن خلط الأوراق، ومن ثم في المرحلة التالية تفرغت لعملي الخاص في قطاع الأعمال، بعد أن كبر الأبناء وبالعكس كنت أمتلك الخبرة الكفاية والنضج والوعي للنجاح في العمل، ومن جانب آخر لم تتغير أفكاري، فمازلت أعطي الطفل الأولوية، ومن هذا المنطلق احتضنت حفيدي عندما استعانت بي ابنتي خلال فترة عملها، كي لا تترك الطفل مع الخادمة، أرى أن بعض الأسر وبسبب الظروف المادية أو غيرها لا يمكنها التفرغ التام للأبناء وربما تضطر الأم للعمل، ولكن عليها هنا الموازنة بين عملها ومسؤولياتها كأم، بأن تحتضن أبناءها ولا تتركهم للخادمة، بل تستعين بأسرتها أو أسرة زوجها، فحتى لو كانت الخادمة جيدة فهي ستغرس في نفوس الأبناء أفكارها وقيمها وسيكبر الطفل عليها، ولن تتمكن من تغييرها، وكم يزعجني أن أرى حرص البعض على حضور الأعراس والحفلات والمطاعم وغيرها وترك الأبناء، فكل أم عليها أن ترتب أولوياتها وتضع الأطفال في مقدمتها وتتذكر أنها مرحلة عمرية مؤقتة وستمضي ولكنها مصيرية. خديجة أحمد بامخرمة، كاتبة في مجال التنمية البشرية، تحدثت عن دور أسرتها في النجاح الذي حققته، فإلى جانب اهتماماتها في مجال التنمية البشرية والكتابة فهي مساعد مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، تقول: الأسرة الكيان الأساسي للمجتمع، تنشأ من أم وأب لهما دور كبير ومهم في غرس القيم والمبادئ في نفوس الأبناء، وتبقى للأسر العربية مرجعية دينية تساعدها على الالتزام بالمثل والأخلاق وغرسها في نفوس الأبناء وعن تجربتها تقول: بعد فضل الله يرجع الفضل لوالديّ الذين حرصا على غرس القيم والمبادئ في داخلي، ولاتزال بمثابة النور الذي يضيء حياتي لليوم، ترافقني في كل خطوة، من شب على شيء شاب عليه، فحتى حين لمست أثر هذا في حياتي وعملي، حرصت على الكتابة عنها لأفيد من خلال مقالاتي مجتمعي، فلا يمكن للأهل أن يتركوا الأبناء يكبرون هكذا دون توجيه ورعاية، وينشغلون عنهم بمشاغل الحياة، فالمال لا يفيد صاحبه إن ضاعت قيمه. الأسرة وطن تقول خوله عبدالرحمن الملا المدير التنفيذي لإدارة مراكز التنمية الأسرية في الشارقة إن الأسرة أساس المجتمع وهي كالقلب إذا صلحت صلح العالم أجمع، وتضيف: اليوم حيث نحتفل باليوم العالمي للأسرة، علينا رفع نداء لكل بني البشر أن يحسنوا عمارة الأرض، ويقوم كل منا بمسؤوليته تجاه أسرته أولاً، ويرتقي بالدور الذي يؤديه فيها، فالأسرة وطن ومن أبرز صور الولاء للوطن تعزيز قيم التماسك الأسري والمحافظة على تماسك الأسرة، وهي دعوة في هذا اليوم إلى توجيه المؤسسات الإنسانية والاجتماعية والتربوية إلى أهمية العمل من أجل الأسرة وحمايتها، وحماية أبنائها وفق الأسس الشرعية حتى نحافظ على استمرارية المجتمع، ومن الأهمية تعزيز مفهوم التكامل بين الجنسين، وليس المساواة المطلقة لأن الله خصّ كل من الرجل والمرأة بإمكانات يكمل كل منهما الآخر، سيما وأن بناء الأسرة مشروع استثماري للمستقبل لاستدامة الوجود الإنساني السليم، ولا يتحقق هذا المشروع إلا بالوئام والحوار والتفاهم والود بين الزوجين، والذي يمكنهما من التغلب على الاختلافات والتحديات التي تواجههما لتصبح أسرة قادرة على إدارة شؤونها ومتمتعة بقوتها. وما بروز الظواهر الحديثة من عنف أسري وتقصير في التنشئة الاجتماعية إلا من تصدع قيمي أثر في البناء الحقيقي للأسرة، ومن هنا برزت مبادراتنا لتحقق رؤيتنا، وهي بناء أسري متماسك ومستقر، من خلال برامج تثقيفية وتوعوية وعلاجية موجهة لجميع أفراد الأسرة تبنى وفق احتياجات جميع أفرادها وعلى ضوء الدراسات والبحوث، ووفق إحصاءات مركز الإرشاد، والذي يعطي مؤشراً لأبرز التحديات التي تواجهها الأسرة، كذلك التعاون مع مستشارين متخصصين في الفترة المسائية لتقديم الاستشارة والدعم الإرشادي لجميع أفراد الأسرة، ولعلنا في هذه المرحلة التي تمر بها أسرنا بحاجة إلى تضافر الجهود وتعاون الجهات ذات العلاقة في العمل من أجل وضع خطط وبرامج أكثر ابتكاراً وإبداعاً، تعزز تماسك الأسرة وتحافظ على استقرارها كما أننا بحاجة إلى مراجعة مستمرة للتشريعات والقوانين ودراستها وسن تشريعات تحافظ على تماسك الأسرة.

مشاركة :