طهران - يسوّق المرشد الأعلى لجمهورية إيران الإسلامية آية الله علي خامنئي لنجاحات لا وجود لها على أرض الواقع للنظام في احتواء الاحتجاجات التي اندلعت في أغلب مدن البلاد. وجاء ذلك فيما كشفت منظمة العفو الدولية عن الحصيلة الحقيقة لقتلى الاحتجاجات والتي تجاوزت المئة قتيل في إشارة إلى دموية النظام وتعمده لاستعمال الرصاص الحي أمام تحركات سلمية ومشروعة. وقال خامنئي الأربعاء إنه تم "دحر العدو" بعد أيام من التظاهرات التي تخللتها أعمال عنف، في إشارة إلى الرواية التي يعتمدها النظام الإيراني بوجود أطراف أجنبية تخريبية تغذي هذه التحركات المشروعة. وقال خامنئي في خطاب بثه التلفزيون "دحرنا العدو خلال الأحداث الأمنية في الأيام الأخيرة"، مشيرا إلى أن ما حدث "خلال الأيام الأخيرة كان ممارسات أمنية وليست شعبية". كما أعلن بدوره، الرئيس الإيراني حسن روحاني انتصار الحكومة على الاضطرابات التي يتهم أعداء أجانب بإشعالها. وقال روحاني في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء والتلفزيون الإيرانية على موقعها الإلكتروني "نجح الشعب الإيراني مرة أخرى في اختبار تاريخي وأظهر أنه لن يسمح للأعداء بالاستفادة من الوضع، رغم أنه ربما كانت لديه شكاوى بشأن إدارة البلاد". يأتي ذلك فيما اتسعت رقعة الاحتجاجات في مختلف مدن البلاد، وتوعد رجال مرشد إيران بإنزال قوات الباسيج لقمع التظاهرات بالقوة، مما ينذر بايام دموية في إيران. وانتشرت الاحتجاجات في مختلف أنحاء الجمهورية الإسلامية منذ الجمعة الماضي، واتخذت منحى سياسيا مع مطالبة المحتجين بتنحي كبار رجال الدين الذين يقودون البلاد، وأشارت وسائل الإعلام الرسمية إلى إحراق مئة بنك على الأقل والعشرات من المباني. من جانبها، قالت منظمة العفو الدولية إن ما لا يقل عن 106 محتجين لاقوا حتفهم في 21 مدينة في إيران خلال الاضطرابات التي تفجرت بسبب ارتفاع أسعار الوقود الأسبوع الماضي. كما عبر مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن قلقه بشأن استخدام قوات الأمن للذخيرة الحية وحث السلطات على تحجيم استخدامها للقوة في تفريق المتظاهرين بعد تلقيه تقارير عن مقتل العشرات. وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم المكتب في جنيف "من الواضح أن الوضع كبير وخطير للغاية ومنتشر في أنحاء البلاد". وأضافت منظمة العفو الدولية أن قناصة أطلقوا النار على الحشود من أسطح المنازل وفي إحدى الحالات من طائرة هليكوبتر. وبدأت الاحتجاجات المناهضة للحكومة يوم الجمعة بعد الإعلان عن رفع أسعار الوقود بنحو 50 في المئة على الأقل. وأضافت المنظمة في بيان "تعتقد المنظمة أن العدد الحقيقي للقتلى قد يكون أعلى من ذلك بكثير حيث تشير بعض التقارير إلى مقتل نحو 200". كما أشارت إلى أن التقارير "تكشف نمطا مروعا من أعمال القتل غير المشروعة بأيدي قوات الأمن الإيرانية التي استخدمت القوة المفرطة والمميتة لسحق احتجاجات سلمية إلى حد بعيد". وقالت المنظمة إن قوات المخابرات والأمن لم تعد بعض الجثث إلى أسرها وأجبرت عائلات أخرى على دفن الجثث سريعا دون تشريح من جهة مستقلة. ويعمد النظام إلى التقليل من حجم التظاهرات، حيث قال المتحدث القضائي غلام حسين إسماعيلي في مؤتمر صحافي "عاد الهدوء إلى البلاد". لكن تسجيلات مصورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي رغم تقييد خدمات الإنترنت أظهرت أن الاحتجاجات كانت مستمرة في عدة مدن كما أظهرت تواجدا كثيفا لقوات الأمن في الشوارع. وسقط قتلى كذلك في صفوف قوات الحرس الثوري الإيراني في مواجهات مع المحتجين أمس الثلاثاء واعتقل نحو ألف من "مثيري الشغب". وأظهرت لقطات مصور منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي المحتجين يحرقون صور كبار المسؤولين ويدعون حكام المؤسسة الدينية للتنحي بالإضافة إلى اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين. وحذر الحرس الثوري الإيراني المحتجين المناهضين للحكومة من إجراء "حاسم" إذا لم تتوقف الاضطرابات. وكان الحرس الثوري وقوات الباسيج التابعة له قد قمعوا اضطرابات في أواخر عام 2017 مما أسفر عن مقتل 22 شخصا على الأقل.
مشاركة :