طلب الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين الخميس من الكنيست ترشيح نائب قادر على تشكيل حكومة لتجنب خيار إجراء انتخابات جديدة، بعد فشل رئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو ومنافسه الرئيسي بيني غانتس في تلك المهمة. يأتي ذلك فيما وجه المدعي العام الإسرائيلي أفيحاي مندلبليت، اتهامات لنتنياهو تشمل الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، في ثلاث قضايا فساد، ما يعني إعادة خلط الأوراق مجددا، وسط تساؤلات حول ما إذا كان الليكود سينقلب على نتنياهو ويدعوه للتنحي مقابل إجراء انتخابات داخلية لاختيار خليفة له. وأكد الرئيس الإسرائيلي أنها “المرة الأولى في تاريخ إسرائيل” التي لا يتمكن فيها أي مرشح من تشكيل حكومة، بينما لخصت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الوضع قائلة “ماذا يجري الآن؟ لا أحد يعرف فعليا.. لأنه لم يحدث من قبل إطلاقا”. وكان ريفلين قد طرح مبادرة على تحالف “أزرق أبيض” وحزب “الليكود” بتشكيل حكومة وحدة وطنية، يتولى زعيم أزرق ابيض رئاستها إلى حين انتهاء رئيس الليكود بنيامين نتنياهو من حل مشاكله القضائية، في محاولة منه لتجنب السير في انتخابات ثالثة خلال أقل من عام بيد أن الطرفين أجهضا تلك المبادرة. والتقى الرئيس الإسرائيلي ظهر الخميس مع رئيس الكنيست يولي إدلشتاين وكلفه بمهمة البحث عن رئيس جديد للحكومة. وقال الرئيس الإسرائيلي بعد يوم من اعتراف بيني غانتس بعدم تمكنه من تشكيل حكومة “اعتبارا من الخميس ولمدة 21 يوما سيكون قرار من سيتولى مهمة تشكيل الحكومة في أيدي أعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)”. ويشهد الوضع السياسي في إسرائيل حالة جمود منذ أواخر 2018 بعدما جرت انتخابات لمرتين لم تكن فيها النتائج حاسمة. وبحسب القانون الإسرائيلي، إذا فشل كل من نتنياهو وغانتس في تشكيل حكومة يطلب رئيس الدولة من الكنيست ترشيح نائب يكون قادرا على القيام بهذه المهمة. ويمهل البرلمان الإسرائيلي 21 يوما لترشيح الشخصية الملائمة. وفي حال أخفق الكنيست في هذا الأمر وهو مرجح، ستتم الدعوة إلى انتخابات جديدة من المتوقع إجراؤها في مارس المقبل. فرص نجاح الكنيست من عدمها تكاد تكون متعادلة، وقرار المدعي العام سيكون له تأثير كبير على المشاورات وحقق حزب الليكود اليميني بزعامة نتنياهو والتحالف الوسطي “أزرق أبيض” بقيادة غانتس نتائج متقاربة في انتخابات سبتمبر، لكن أيا منهما لم ينجح في الحصول على مقاعد الأغلبية الـ61 اللازمة لتشكيل ائتلاف حكومي. وكلف الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين بداية نتنياهو بمهمة تشكيل ائتلاف حكومي وحدد مهلة 28 يوما. لكنه فشل فانتقلت المهمة إلى غانتس الذي مُنح المدة نفسها التي انتهت الأربعاء وفشل أيضا. وعلى الرغم من الإخفاق في المحاولات السابقة لكل من نتنياهو وغانتس، يمكن أن يوصي أعضاء الكنيست بترشيح أحدهما -وإن كان الأمر أصبح معقدا بالنسبة لنتنياهو بعد قرار المدعي العام-. وفي هذه الحالة، ينبغي أن يحصل هذا المرشح على دعم 61 من أعضاء الكنيست الـ120. وستكون أمام المرشح فترة أسبوعين إضافيين لتشكيل الحكومة. ولكن إذا لم يتمكن أي مرشح من الحصول على الدعم اللازم من الكنيست بحلول 11 ديسمبر، تجرى انتخابات في مارس 2020 وتكون الثالثة خلال 12 شهرا. ويقول محللون إن فرص نجاح الكنيست من عدمها تكاد تكون متعادلة، وقرار المدعي العام بتوجيه تهم إلى نتنياهو في القضايا المرفوعة ضده، سيكون لها تأثير كبير على المشاورات. ووفق ما أوردته وسائل الإعلام الإسرائيلية، فقد أجرى مندلبيت خلال الفترة الأخيرة، جلسات ماراثونية حول ملفات نتنياهو، ما يشير إلى حرصه على إصدار قرار بشأنه في أسرع وقت. ونقلت هيئة البث الإسرائيلي “كان”، مؤخرا، عن مصادر سياسية مقربة من رئيس الوزراء المنتهية ولايته أن “طاقم محاميه نصحوه، أن يذهب إلى انتخابات ثالثة، لأن هذه الخطوة قد تمنحه مزيدًا من الوقت للتعامل مع ملفات الفساد التي تلاحقه، وتوفر له الفرصة لإدارة ملفاته أمام سلطات إنفاذ القانون”. ولا يعرف بعد كيف سيتعاطي حزب الليكود مع هذا المستجد، فهل سيسير في انتخابات داخلية لاختيار زعيم جديد، وهذا الأمر يتطلب وقتا؟، وهل سيقدم تنازلات من خلال دعم ترشيح شخصية من خارجه في الكنيست؟. وأكد ريفلين في البرلمان أن “إسرائيل تمر بفترة قاتمة من تاريخها”، داعيا أعضاء الكنيست إلى التحرك “بمسؤولية” لتجنب تنظيم انتخابات للمرة الثالثة خلال عام واحد. وقال “هذه هي المرة الأولى في تاريخ البلاد التي يتم فيها تكليف الكنيست بتفويض أحد النواب لتشكيل حكومة”. وأضاف أن “مصيركم السياسي ليس أهم من مصير امرأة مسنة في المستشفى”. ودعا الطبقة السياسية الإسرائيلية إلى الكف عن التفكير في مصالحها الشخصية وأن تأخذ في الاعتبار المصلحة العليا للدولة والسكان. وانهارت المحادثات بين غانتس ونتنياهو ليل الثلاثاء الأربعاء في نقاشهما حول من سيتولى رئاسة الحكومة أولا خلال تناوبهما. وحاول كل منهما جذب رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان الذي بات يلقب بـ”صانع الملوك” لتشكيل حكومة، لكنه رفض الأربعاء الانضمام إلى أي حكومة يشكلها نتنياهو أو رئيس تحالف “أزرق أبيض” بيني غانتس. وحمل ليبرمان الحزبين مسؤولية “الفشل في تشكيل حكومة”، وإن ركز في معرض انتقاداته على نتنياهو الذي قال إنه يدفع بالبلاد نحو انتخابات جديدة. واعتبر شمعون شيفر الصحافي في “يديعوت أحرونوت” أنه “من المرجح أن تكون الأيام الـ21 المتبقية لمحاولة تجنيب البلاد الانتخابات، مليئة باللف والدوران وسيكون لكل حزب هدفه في الحفاظ على قاعدته الشعبية الداعمة أو سحق الحزب الآخر”.
مشاركة :