الشارقة:أمل سرور طابع البريد الذي لا يزال يحتفظ بمكانته وسط عالم التكنولوجيا والشبكات العنكبوتية، هو ذلك الشاهد التاريخي الذي أدركت الشارقة أهميته، بل اعتبرته إرثاً تراثياً وثقافياً، ونجحت في أن تحتضن أرضها معرضاً سنوياً تشارك فيه مجموعة واسعة من هواة ومحبي جمع الطوابع والمقتنيات النادرة.وها هي النسخة العاشرة من المعرض تطل علينا بكل ما هو قديم وجديد في آن لمشاركين قطعوا آلاف الأميال ليحجزوا أماكن في مركز «ميغامول» الذي يتعاون في تنظيم المعرض مع جمعية الإمارات لهواة الطوابع.ما إن تخطو إلى أرض المركز حتى تشعر بأنك عدت إلى الوراء، وبأن التكنولوجيا والعولمة ووسائل التواصل الاجتماعي والشبكات العنكبوتية والرسائل الإلكترونية الخاطفة التي تصل كالبرق تماماً، لم تستطع أن تمحو ذلك التاريخ العريق الذي حملته الطوابع البريدية، تلك الهواية التي تحولت لدى الكثيرين إلى احتراف.منصات العرض التي تحمل عدداً كبيراً من الطوابع، تفرض عليك استعادة بعض من تاريخ من انخرط في جمع تلك الطوابع باحترافية من الملوك والرؤساء، منهم فاروق، ملك مصر السابق، وجورج الخامس، ملك بريطانيا، وإليزابيث الثانية، ملكة بريطانيا، وروزفلت، الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية الذي قال: «إنها هواية تخلق المواطن الصالح».العراقي عبد الكريم صبري الذي أتى من بغداد متكئاً على عصاه للمشاركة في المعرض للسنة السابعة على التوالي، بدأ حديثه بالقول: على الرغم من أن عمري تجاوز ال 77 عاماً، أحرص سنوياً على المشاركة في هذا الحدث المهم الذي تحتضنه أرض الإمارة الباسمة، تلك التي ترفع اسم التراث والتاريخ عالياً. وأشارك في النسخة العاشرة بعرض مجموعة من الطوابع التي تحكي تاريخ حضارة العراق من خلال 80 لوحة أقدمها تعود إلى عام 1923. وأعرض أول طابع يحمل اسم العراق، إضافة إلى طوابع تسرد تاريخ سامراء والآثار العراقية من ديوان كسرى، والحقيقة أن الطوابع في حد ذاتها تعتبر سفيراً متجولاً، وليست ورقة ملونة نحتفظ بها.السعودي مبارك القحطاني الذي كان يقف أمام منصته تحدث عن مشاركته في المعرض قائلاً: لم تعد عملية جمع الطوابع البريدية مجرد هواية تثقيفية تسجل تاريخاً، وتجسّد أحداثاً، وتعكس واقعاً معاشاً فحسب، بل تحولت مع مرور الوقت إلى متعة تعتمد على التنافس أيضاً. ولعل أهم ملامحها هو معرض الشارقة للطوابع الذي أشارك فيه للمرة الخامسة على التوالي، وأعرض مجموعة نادرة من الطوابع التي تحكي تاريخ المملكة منذ 1916 إلى 1969، وأعتز بذلك المغلف الذي يحمل اسم "خالص الأجرة"، واستُخدم قبل صدور الطوابع، ومختوم بختم الخالص، وهذا مهم ونادر.البحريني صالح محمد بو عبد الناصر، الذي يشارك سنوياً في المعرض، يقول: هكذا تعودنا من الشارقة على التألق والتفرد في الاهتمام بالأصل والجذور التراثية القديمة، وهذا المعرض أصبح جزءاً من ثقافتي وتاريخي، وهذه المرة أعرض الخدمات البريدية في البحرين منذ عام 1884، وهي تلك المغلفات التي تسرد التاريخ عبر حقبتين: الأولى الهندية، والثانية الإنجليزية، وهي سنوات مر بها الشعب البحريني، وأسهمت في بناء تاريخه.
مشاركة :