رؤية موضوعية لسياسات توطين العمالة في دول مجلس التعاون الخليجي

  • 11/22/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أولت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي مسائل توظيف مواطنيها عناية خاصة، ففي المملكة العربية السعودية الشقيقة قد أقرت حكومة خادم الحرمين الشريفين عدة سياسات للتوطين والإحلال، والتي شملت آلاف الوظائف في عدة قطاعات اقتصادية مهمة بالمملكة. وتهدف وزارة العمل السعودية في مشاريع «التوطين» هذه إلى رفع نسب السعوديين والسعوديات في القطاع الخاص، وتقليص نسب البطالة بالمملكة إلى أدنى مستوياتها. ومؤخرًا، أكدت وزارة العمل (سعودة) عددٍ من الوظائف والمهن المختلفة في قطاع السياحة. وفي 21 مارس 2019. دُشنت مبادرة لسعودة قطاع ومهن الصيدلة، لتمكين الشباب السعودي من الالتحاق بهذا القطاع. (WWW.aa.com.tr). ووقعت كلُّ من وزارة العمل والهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، وصندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، مذكرة، تهدف إلى توطين «20 ألف» وظيفة محاسبة في القطاع الخاص حتى عام 2022. وفي 7 يناير 2019م، أطلق مشروع توطين في خمسة أنشطة مختلفة، تشمل قطاع مواد الأجهزة والمستلزمات الطبية، وقطاع البناء والتشييد، وقطاع قطع غيار السيارات، والسجاد بجميع أنواعه، وقطاع بيع الحلويات. ومنذ عام 2018 كانت وزارة العمل، بالتعاون مع 18 جهة حكومية قد أعلنت خططا للإحلال والسعودة لـ11 قطاعًا مهمًا بالمملكة، تشمل وظائف بالقطاعات التالية: القطاعات الطبية، وقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، والقطاع الصناعي، وقطاع الاستشارات الهندسية والتجارة، وقطاع السياحة، وقطاع التجزئة، وقطاع النقل، وقطاع المقاولات، وقطاع المهن المحاسبية، وقطاع المحاماة، وكذلك تطوير مسارات التوظيف. (المصدر نفسه). وفي رؤيتها الاقتصادية حتى عام 2030. فإن المملكة العربية السعودية تستهدف إلى خفض معدلات البطالة عبر إصلاح اقتصادي يستهدف توفير 450 ألف وظيفة للسعوديين وإحلال 1.2 مليون وظيفة بالمواطنين بحلول 2020م. (المصدر نفسه). ومن منطلق واجباتها، فإنها تعتزم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية، بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، ومجلس الغرف التجارية، وصندوق الموارد البشرية، تطبيق خطة لسعودة 30 مهنة بقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات قبل نهاية عام 2020م. هذا، والمهن ستستهدف نحو 15 ألف وظيفة، وسيقوم صندوق تنمية الموارد البشرية، بترشيح من تنطبق عليهم الشروط والمواصفات من المؤهلين، لشغل كل وظيفة. (انظر m.buyemen.net). وفي الكويت اتخذت الحكومة الكويتية خططًا وسياسات تتعلق بتشغيل العمالة الوطنية. فقد أصدر مجلس الوزارة الكويتي قرارًا بتعديل نسب العمالة الوطنية في القطاع الخاص، بناء على توصية برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي، ضمن حزمة من التدابير اللازمة، لتوفير أكثر من 10 آلاف فرصة عمل للمواطنين الكويتيين بالقطاع الخاص. وبيَّن القرار أن النسب الأعلى تتمركز في قطاع البنوك بنحو 64%، يليه قطاع الاتصالات بنسبة 60%، والتمويل والاستثمار 40%، وصولا إلى الصناعات التحويلية والزراعة والصيد والرعي، بنحو 3%. (انظر: الوسط 23/8/2014). ومن منطلق سعي الحكومة الكويتية لتوظيف المواطنين الكويتيين، فقد دشنت حكومة الكويت عن مشاريعها نحو الاتجاه لحالة «التكويت»، بهدف زيادة نسبة العاملين الكويتيين من المواطنين في القطاعين العام والخاص. «موقع إلكتروني». وقد أقرت دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، برامج لمضاعفة أعداد الإماراتيين في القطاع الخاص إلى 10 أضعاف الرقم الحالي بحلول 2021. (governmehtac) وتشجع حكومة الإمارات، على انخراط مواطنيها في وظائف القطاع العام والخاص، ولزيادة حصص التوطين، ألزمت بعض القطاعات كالقطاع المصرفي وقطاع التأمين، بتوظيف الكوادر الوطنية بمعدلات سنوية تصل إلى 4%. «المصدر نفسه». واتجهت سلطنة عمان الشقيقة، إلى توطين الوظائف «تعمين الوظائف»، والذي حض عليه جلالة السلطان قابوس بن سعيد، لتوفير الوظائف للباحثين عن عمل من المواطنين العمانيين. «ويكيبيديا». ومن سعي الحكومة نحو قصر بعض المهن والوظائف على العمانيين فقط، ومنها وظائف ومهن الشرطة، والجيش، وقيادة سيارات الأجرة، التاكسي والنقل الخفيف، وتعليم قيادة السيارات، البقالة، الاستقبال في الشركات والمؤسسات، مهن المراسلة وإنهاء المعاملات وغيرها. «المصدر نفسه». كما أن هناك نسبة معينة مخصوصة، يجب تشغيل العمانيين في الشركات والمؤسسات وفق هذه النسبة. ومن ضمن حقل التطورات المتلاحقة، في حقل تقنين استخدام العمالة الأجنبية، فقد قررت سلطنة عمان، وقف التصريح لاستقدام عمالة أجنبية «مؤقتا» في بعض الوظائف. وعلى هذا فقد أصدر معالي عبدالله بن ناصر بن عبدالله البكري، وزير القوى العاملة، قرارًا وزاريًا تحت رقم517/2019. بإيقاف التصريح لاستقدام عمالة غير وطنية، وذلك بصفة مؤقتة، في بعض الأعمال. ويأتي هذا القرار مع اتجاه دول مجلس التعاون الخليجي نحو توطين الوظائف، والعمل على الحد من الاعتماد على العمالة الآسيوية، وإيجاد حلول عاجلة لمشكلة بطالة الشباب في هذه الدول. وهكذا اتضح لنا عبر ما بيَّناه في حلقتين، عزم دول مجلس التعاون، مجتمعة، على إيجاد آليات نحو التوطين و(الخلجنة)، بهدف استقطاب الكفاءات وإحلالهم، وإيجاد حلول سريعة لمشكلة طالبي الوظائف، ورأينا الكم الهائل من السياسات والخطط التي اختطتها دول المجلس في هذا الحقل. ويبدو لنا أنه لا بد من أخذ «قرارات» مجتمعة، لبحث ظاهرة «التهافت» نحو الاستقدام من الخارج، نظير تأثيراتها المختلفة، وما تشكله من خطورة على الهوية الخليجية، واختلال ميزان القوى العاملة، فضلا على أنها تمثل منافسًا للخليجيين. فالعمالة الوافدة الأجنبية، تحمل معها أنماطا من الثقافات والقيم والمفاهيم والتصورات والأمزجة والأذواق والأبعاد الأخلاقية والسلوكية، لبلدانهم وإن كان عمل دول المجلس على تذويب هذه الفروقات، في دائرة الثقافة الأم، إلا أننا نجد أن ثقافة العمالة الآسيوية، هي الطاغية على مجمل الثقافات القومية والوطنية، على حالات العادات والتقاليد والسلوك. وخذ مثالا على ذلك، طغيان استخدام اللغة الإنجليزية كلغة تخاطب، في أغلب أقطار دول مجلس التعاون الخليجي. (almezmaah.comعبدالقادر نعناع). إن هذا التدفق الأجنبي للعمالة الوافدة لربما قد أزاح الهوية القومية العربية، في دول مجلس التعاون، نعم كانت هذه العمالة لها الفضل في الإعمار والتنمية، وتحديث البنى التحتية، ولكن بالاعتماد عليها، فإن ثمة اتجاها إلى انزياح الثقل الهوياتي. (المصدر نفسه). ولعل ثمة مقترحات وتوصيات من جانبنا في هذا الشأن قد تفيد: *العمل بشكل جماعي، بوضع الحلول لمشكلة البطالة بين شباب دول المجلس، والعمل على توظيف العاطلين منهم، بحلول آنية أو تدريجية أو مستقبلية. *إيجاد خطط للتشغيل والتوطين والإحلال، وفق خطط مدروسة مستقبلية. ومنها إنشاء مراكز للتدريب العام، وتلبية حاجة السوق من العمالة المهرة من الخليجيين المؤهلين المدربين. *إنشاء مركز خليجي لمعلومات الوظائف، لتبادل المعلومات، حول حاجة الأسواق الخليجية من الوظائف والمهن. * إنشاء مركز خليجي متخصص لوضع استشارات سياسات التشغيل والتوظيف لدول مجلس التعاون. *وضع خطة متفق عليها لحصر بعض المهن على المواطنين الخليجيين، وبخاصة هنا، مهن مدراء الموارد البشرية، ومدراء العلاقات العامة، موظفي الاستقبال، موظفي العلاقات العامة، مشغلي آلات النسخ، المراسلين، السائقين، كتاب شؤون الموظفين، أخصائيي شؤون الأفراد، كتاب ضبط الدوام، وأمناء الصناديق، موظفي استقبال المرضى، وحراس الأمن، وحراس الأمن الخاصين، ومخلصي الجمارك، البائعين، ومحاسبي الزبائن. *إيجاد بنية تشريعية قانونية، جماعية، بحيث تكون الأولوية لحالة الاستقدام للعربي. *إنشاء وحدات إحصائية، بأجهزة التوظيف الخليجية، مهمتها جمع الإحصائيات عن أعداد العاطلين، وحصر حاجة السوق من المهن. *الاتفاق على فترة زمنية موحدة، لبقاء العمالة الأجنبية. *إنشاء مشاريع اقتصادية وصناعية واستثمارية مشتركة، قادرة على استيعاب المواطنين الخليجيين. *رفع رواتب موظفي القطاع الخاص، لكي تتساوى مع موظفي الحكومة، وأن يحصل موظفو القطاع الخاص على بعض امتيازات موظفي الحكومة. *ترغيب القطاع الخاص، بتفضيل المواطنين الخليجيين، من خلال حزمة من الحوافز التشجيعية منها: إصلاح التعليم، وتحديث مناهجه، بحيث تتواءم مع الحاجات الفعلية للأسواق الخليجية. *إنشاء وحدات متخصصة لدراسة أعداد القوى العاملة، وحاجات السوق، وأبعاد ومستجدات ومشكلات الأسواق الخليجية، ووضع الحلول لها. وجدير بالذكر، أن هذه القضايا وغيرها، كانت على رأس أولويات وزراء العمل والشؤون الاجتماعية، والوزراء المعنيين بالتخطيط والتنمية بدول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعاتهم المختلفة. وأخيرًا، إن هذه القضايا وغيرها، هي قضايا محورية ومهمة، يوليها أصحاب الجلالة والسمو، قادة دول مجلس التعاون الخليجي (حفظهم الله تعالى)، عناية خاصة، وتعد بندا ثابتًا على جدول لقاءاتهم ومشاوراتهم المختلفة؛ إيمانا منهم بأن أبناء هذه الدول هم الثروة الحقيقية، وأن كل خطط التنمية الخليجية هي في الحقيقة تستهدف أبناء وشعوب الخليج العربي. ويشار إلى أن المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي، قد اتخذ قرارات عدة، وفي دورات متعاقبة، بأهمية توظيف القوى العاملة، وتسهيل تنقلها بين دول المجلس، هذا، والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل. S-HAlDER64@hotmail.com

مشاركة :