أعلنت ليتوانيا، أمس، أن دول البلطيق ستطلب رسميًا من حلف شمال الأطلسي نشر عدة آلاف من الجنود كقوة ردع في وجه روسيا، لكن الحلف لم يؤكد أنه سيقبل الطلب. وقال الأمين العام للحلف الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، خلال اجتماع وزراء خارجية الحلف في مدينة أنطاليا التركية، أمس، إنه كان يتوقع هذا الطلب ولكنه اعتبر أن الوقت مبكر جدًا للموافقة عليه. وأوضح المتحدث العسكري الليتواني، الكابتن ميندوغاس نيمونتاس، لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن نبحث عن وحدة عسكرية بحجم لواء؛ بحيث يصبح لكل دولة في البلطيق كتيبة عسكرية». وأضاف أن قادة الجيوش الليتوانية واللاتفية والاستونية سيرسلون قريبًا طلبًا مشتركًا إلى قائد الحلف الأطلسي الجنرال الأميركي، فيليب بريدلاف. وأشار نيمونتاس إلى أن دول البلطيق كانت تبحث عن «قوات أطلسية دائمة بالتناوب، كإجراء ردعي نظرًا إلى الوضع الأمني في المنطقة». ورفض الإفصاح عن أرقام محددة للقوة المطلوبة، ولكن العدد النموذجي للواء يمكن أن يكون نحو ثلاثة آلاف جندي. وأكدت وزارة الدفاع في لاتفيا هذه الخطوة في بيان، أمس، قائلة إنه «سيتم إرسال طلب مشترك الأسبوع المقبل». وقالت الوزارة إن القادة العسكريين في دول البلطيق الثلاث قرروا أخيرًا طلب «وجود عسكري دائم من الحلفاء بمستوى لواء مع وحدات بمستوى كتيبة في كل بلد». وأضاف البيان أن «وجود قوات الحلفاء شرط أساسي لأمن لاتفيا في وقت لا تغير فيه روسيا سياساتها حيال النزاع الأوكراني، وفي الوقت نفسه تظهر بكل قواها وجودها العسكري وإمكاناتها في منطقة بحر البلطيق». وأشار ستولتنبرغ إلى أنه كان يتوقع إرسال طلب من دول البلطيق إلى الحلف الأطلسي. وقال: «عندما نستلم الرسالة سنقرأها بعناية، وسنجري تقييمًا للمقترحات التي تتضمنها»، مضيفًا أنه «من المبكر جدًا التعليق على رسالة لم أطلع عليها بعد». لكن ستولتنبرغ أكد أن الحلف سبق وأن اتخذ قرارات ستساعد في حماية دول البلطيق، مثل رفع مستوى المراقبة الجوية والوجود البحري. وقال إن «تركيزنا الأساسي الآن هو على تنفيذ القرارات التي اتخذناها سابقًا». وأفادت دول البلطيق وشمال أوروبا عن زيادة طفيفة في النشاط العسكري الروسي في المنطقة خلال العام الماضي. وتحليق الطائرات الحربية الروسية مع إطفاء أجهزة التردد يعرض الطيران المدني للخطر. واتهمت ليتوانيا الشهر الماضي، سفنًا حربية روسية بتعطيل العمل على مشروع الربط الكهربائي تحت الماء مع السويد الذي من شأنه أن يقلل من اعتمادها على الطاقة الروسية. ومنذ العام الماضي، نشرت الولايات المتحدة نحو 600 جندي في دول البلطيق وبولندا على أساس التناوب. وقال مدير معهد العلاقات الدولية والعلوم السياسية في فيلنيوس، رومانوس فيلبيسوكساس: «إذا فشل الأطلسي في التجاوب مع الطلب (نشر الجنود)، فإن الأمر سيعتبر إشارة معينة». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الجارة الكبيرة في الشرق (روسيا) ستراقب الآن كيف ستتصرف دول الحلف حيال الرسالة». لكن بعض الحلفاء الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي، مثل ألمانيا، غير مرتاحين حيال فكرة النشر الدائم للجنود، قائلين إنه قد يشكل خرقًا لاتفاق عام 1997 بين الحلف وروسيا. ويقول بعض الدبلوماسيين في الأطلسي إن الحلف يركز على قوة تدخل سريع جديدة، يمكن نشرها بسرعة للتعامل مع الأزمات في الجنوب أو الشرق على حد سواء، بدلاً من الانتشار الدائم. وقال ستولتنبرغ: «نحن نناقش حاليًا التوافق داخل الحلف»، مضيفًا: «لقد كنا دائمًا نتحمل مسؤولياتنا في الدفاع عن حلفائنا في مواجهة أي تهديد». وأشار إلى أن قوة التدخل السريعة الانتشار «ستعزز دفاعات دول البلطيق بشكل أكثر سهولة». وكانت جمهوريات البلطيق خاضعة للحكم السوفياتي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى عام 1991. وتخشى هذه الدول الآن أن تحاول موسكو زعزعة استقرارها لاختبار التزام حلف شمال الأطلسي باتفاقية الدفاع المشترك. ومن جهة أخرى، يسعى الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي في مواجهة موقف روسيا والتهديد الجهادي لتحسين التعاون بينهما، ولا سيما على صعيد الاستخبارات، على ما أعلن مسؤولان الخميس. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، لدى وصولها إلى اجتماع لوزراء خارجية الحلف الأطلسي في أنطاليا جنوب غربي تركيا: «إننا محاطون بتحديات توحد بيننا. إن طبيعتنا مختلفة، لكننا نتقاسم القيم ذاتها». وهناك 22 دولة تنتمي إلى المؤسستين الأطلسية والأوروبية معًا. وقالت موغيريني: «نبحث مختلف الأزمات المحيطة بنا: في الشرق هناك الوضع في أوكرانيا والتوتر مع روسيا، وهناك أيضا الجنوب». وفي خطوة من شأنها أن تثير غضب موسكو، أعلنت إدارة الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو أن الأخير عين السيناتور الأميركي المتشدد جون ماكين، الذي يمارس ضغوطًا على واشنطن لإرسال أسلحة فتاكة إلى أوكرانيا، مستشارًا له. ويسعى الغرب والسلطات في كييف إلى تشكيل مجلس استشاري لمساعدة الدولة السوفياتية السابقة على الإصلاحات وبناء الدعم الدولي لأوكرانيا. وفي انتظار موافقته، سيصبح ماكين، السناتور الجمهوري عن ولاية أريزونا، عضوًا في هذا المجلس الاستشاري، جنبًا إلى جنب مع رئيس الوزراء السويدي السابق، كارل بيلدت، المعروف بانتقاده العلني للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفقًا لمرسوم صادر عن إدارة بوروشينكو، أول من أمس. وسيرأس المجلس الاستشاري الدولي للإصلاحات ميخائيل ساكاشفيلي، الرئيس الجورجي السابق الموالي للغرب بشدة، كما سيضم عضو البرلمان الأوروبي إلمار بروك، والخبير الاقتصادي أندرس آسلوند. وقال السيناتور الأميركي إنه تولي هذا المنصب سيكون شرفًا له، لكنه لفت إلى ضرورة الحصول على موافقة مجلس الشيوخ الأميركي. وكتب ماكين على موقع «تويتر»: «إنه لشرف عظيم أن يطلب مني تقديم المشورة للحكومة الأوكرانية. يجب التأكد من الالتزام بقوانين مجلس الشيوخ، لكنني سأقف دائمًا إلى جانب أوكرانيا حرة». ومنذ أبريل (نيسان) 2014، تخوض القوات الأوكرانية معارك مع الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق البلاد، في محاولة لمنع انفصال منطقتي دونيتسك ولوغانسك الناطقتين بالروسية
مشاركة :