بيروت - )وكالات الأنباء): أحيا اللبنانيون أمس الجمعة الذكرى السادسة والسبعين لاستقلال الجمهورية، وسط أجواء احتفالية لم تعهدها هذه المناسبة الوطنية، على وقع الاحتجاجات غير المسبوقة التي تعم البلاد منذ أكثر من شهر مطالبة برحيل الطبقة السياسية. وبينما اقتصر الاحتفال الرسمي على عرض عسكري مختصر في مقر وزارة الدفاع، ملأ اللبنانيون شوارع بيروت ومناطق عدة، حاملين الأعلام والورود احتفالا بما وصفوه بـ«الاستقلال الحقيقي» عن السلطة السياسية التي يحملون عليها فسادها وعجزها عن إيجاد حلول للأزمات المتلاحقة. وترأس الرئيس اللبناني، العماد ميشال عون العرض العسكري بمناسبة عيد الاستقلال وسط استمرار الاحتجاجات لليوم الـ37 على التوالي مطالبين بحكومة إنقاذ. وبخلاف السائد خلال السنوات الماضية، لم يستضف وسط بيروت العرض العسكري التقليدي بمناسبة الاستقلال. وتمّت الاستعاضة عنه بعرض آخر مختصر في مقر وزارة الدفاع على مشارف بيروت شارك فيه رئيسا الجمهورية والبرلمان ورئيس الحكومة المستقيل، إلى جانب وزراء وقادة عسكريين وأمنيين. وألغى القصر الرئاسي حفل الاستقبال السنوي الذي يقام عادة بعد العرض العسكري «نظرًا إلى الأوضاع الراهنة». وشهد الرئيس عون صباح أمس الجمعة «العرض العسكري الرمزي الذي أقامته قيادة الجيش اللبناني في مقر وزارة الدفاع الوطني في اليرزة، بمناسبة عيد الاستقلال السادس والسبعين، بسبب الظروف الراهنة التي يمر بها لبنان»، بحسب بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية. واحتفل المحتجون بعيد الاستقلال في عدد من المناطق شمال لبنان وجنوبه وفي العاصمة بيروت حاملين الأعلام اللبنانية ورايات الجيش، مرددين هتافات تطالب بتشكيل حكومة إنقاذ وطني تعمل على محاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة ومعالجة الوضعين الاقتصادي والاجتماعي وبقضاء مستقل. وقالت تمارا «21 عامًا»، وهي طالبة جامعية، بحماس لوكالة فرانس برس في وسط بيروت «لأول مرة يتظاهر اللبنانيون من جميع المناطق من دون دعوة وجهها إليهم حزب ما، وضد الأحزاب مجتمعة». وأضافت «هذا هو الاستقلال الحقيقي، الاستقلال النابع من الداخل». ونال لبنان في 22 نوفمبر 1943 استقلاله عن الانتداب الفرنسي منذ عام 1920. قبل أن يتم جلاء آخر القوات الفرنسية من البلاد في عام 1946. ليشكل ذلك آخر محطة يجمع اللبنانيون على رواية موحدة لها. وجراء الانقسامات السياسية الحادة منذ قيام الجمهورية، لا يتفق اللبنانيون على رؤيا موحدة للأحداث الكبرى التي طبعت مسار الحياة السياسية على مدى عقود، لا سيما الحرب الأهلية (1975-1990) التي تربع العديد من أمرائها على مقاعد السلطة، ويطالب المتظاهرون اليوم برحيلهم. ومع خروج مئات آلاف اللبنانيين إلى الشوارع والساحات ضد الطبقة السياسية منذ خمسة أسابيع، رأى وجد عواد (28 عامًا) أنه بات لعيد الاستقلال معنى جديد. وقال لفرانس برس «نريد أن نأخذ استقلالنا من سلطات فاسدة تتحكم بنا منذ سنوات وسنوات». واستفاق المتظاهرون صباحًا على إقدام مجهول على حرق مجسم لقبضة عملاقة في وسط بيروت يعدّ «رمز الثورة» منذ انطلاق الحراك الشعبي في 17 أكتوبر. إلا أن ذلك لم يثنهم عن الاحتفال على طريقتهم، عبر تنظيم مسيرات ونشاطات متنوعة في بيروت والمناطق. وتدريجيًا، بدأ ظهر الجمعة وصول مسيرات انطلقت من محيط العاصمة إلى ساحة الشهداء في وسطها، على وقع أغان وأناشيد وطنية. وفي منطقة جل الديب شرق بيروت، أضاء المتظاهرون شعلة كبيرة وساروا خلفها نحو بيروت. وفي الحمرا، انطلق عشرات العازفين والموسيقيين من أمام مترو المدنية، إحدى المنصات الفنية القليلة في بيروت، وهم يعزفون وينشدون الأغاني الوطنية.
مشاركة :