أكد خبراء بمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وأكاديميون أهمية اتخاذ الدول تدابير من شأنها حماية الأطفال والقصر من غرس الأفكار المتطرفة في عقولهم عن طريق الاستخدام المفرط للإنترنت، بسبب انتشار آلاف المواقع التي تعمل على تجنيد الشباب والمراهقين، مشيدين بتجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في مكافحة الفكر المتطرف والعنيف على الإنترنت، وكذلك تطوير تشريعاتها وقوانينها في هذا الشأن. والتقت «الاتحاد» بخبراء وأكاديميين على هامش مؤتمر جمعية واجب التطوعية «التصدي للجريمة والتطرف العنيف» الذي نظمته الجمعية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، واختتم فعالياته مؤخراً بأبوظبي، حيث أوصوا بضرورة العمل للقضاء على الأفكار المتطرفة والإرهابية، من خلال تعزيز الشراكات المجتمعية على المستوى المحلي والدولي، وتشكيل سلسلة من الأنشطة المتخصصة، تستهدف تطويق وباء هذه الآفة المجتمعية. الترويج للتنظيمات وقال القاضي الدكتور حاتم فؤاد علي مدير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة: «إن هناك قطاعاً مختصاً لمنع وتجريم استخدام الإنترنت في الأغراض الإرهابية ومنها ارتكاب الوقائع الإرهابية مثل: التخطيط للهجمات أو إرسال التعليمات بشأن الهجمات أو في ما يتعلق بتكوين المخدرات أو استخدام الإنترنت في تنفيذ العمليات الإرهابية، والجزء الأكبر يتركز على منع استخدام الإنترنت في الترويج للتنظيمات الإرهابية أو استقطاب واستقدام الشباب لهذه الجماعات وهذا الأمر أشد خطورة. وأوضح أن التنظيمات الإرهابية تتبع أسلوب الذئاب المنفردة المبني على نشر الأفكار المتطرفة أو فرضها على الآخرين، مشيراً إلى أن أكثر الفئات التي تتعرض لغسل العقول هي الشباب، وبالتالي يمكن أن تتم هذه العملية في غرفته وبيته أمام شاشة كمبيوتر أو هاتف ذكي ويستقي الأفكار المتطرفة من هذه المواقع التي تديرها منظمات إرهابية ويخرج لتطبيقها مباشرة في المجتمع. منصات التواصل وأشار فؤاد إلى أن الأمم المتحدة تعمل مع منصات التواصل الاجتماعي الرئيسة على مستوى العالم فيسبوك وتويتر وإنستجرام وغيرها لمحاولة تنقيتها من الفكر المتطرف وإضافة الرسائل التي تكافح التطرف الموجود على الإنترنت، ونعمل ذلك بحساسية شديدة بسبب حرية التعبير الممنوحة في المجتمعات وكيف نفرق بين الفكرة المتشددة غير المؤذية والفكر المتطرف المؤدي للإرهاب الذي يجب منعه وإزالة محتواه من على الإنترنت ولدينا فريق خبراء كامل يعمل في هذا المجال. ولفت الدكتور إلى أن هناك آلاف المواقع على الإنترنت التي يمكن أن تتورط في نشر أفكار متطرفة وهذه مشكلة الشبكة العنكبوتية، حيث إن المواقع الآن ليس لها جذور يمكن تتبعها مثلما كان في الماضي قبل انتشار الإنترنت، حيث كانت الجماعات والتنظيمات الإرهابية تتصل بشكل مباشر مع العناصر سواء لتجنيدها أو تلقي دروسها أو لإرسال الأوامر بتنفيذ عمليات إرهابية بعينها وبالتالي يسهل رصدهم في أي مرحلة من هذه المراحل: وأضاف: أما الآن فالتطرف المؤدي للإرهاب على الإنترنت موجود فقط على الشبكة العنبكوتية وبعد خروج الفرد من هذه المرحلة «غسيل المخ أو زرع الأفكار المتطرفة» يسهل عليهم التطرف. وأكد أن الأمم المتحدة رجعت خطوة للوراء لضم التطرف المؤدي للإرهاب كجزء من استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن المكتب الإقليمي للأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة، يعمل مع دولة الإمارات ومؤسساتها «وزارة الداخلية واللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب» ونعمل في إطار الشراكة مع برنامج «خليفة للتمكين» من خلال مبادرة «أقدر» والتي تسعى لتمكين العقول لمواجهة العنف والتطرف السلوكي، وبالتالي فنحن نحاول أن نطور سنوياً عدة رسائل تناسب الشباب وأفراد الأسرة والمجتمع حتى يتعاونوا معنا مثلما نتعاون مع جمعية «واجب التطوعية» لجعل الشباب أكثر وعياً لمواجهة التطرف والإرهاب. تقارير ودراسات إلى ذلك، قال الدكتور علي يونس المستشار الإقليمي لمنع الإرهاب بالأمم المتحدة: إن الدراسات والتقارير التي تصدر عن منظمة الأمم المتحدة مهمة في تحديد المخاطر الإرهابية المستجدة وهناك تقارير لجنة العقوبات عن تنظيم داعش والقاعدة وما ارتبط بهما وهي تصدر بشكل فصلي وتعكس نشاطات هذا التنظيم ومخاطره المحتملة في العالم ككل، ومن بين هذه المخاطر المستجدة، اللجوء المفرط للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي للتجنيد والتمويل أو الإشادة بالإرهاب، أو لتسهيل حركة سفر المقاتلين الإرهابيين الأجانب كما حدث في عام 2014، واليوم نحن نتحدث عن عودتهم إلى دول المصدر «بلدانهم الأصلية» وعن تنقلهم بين بؤر النزاع وهناك حديث أيضاً عن موجة جديدة من استقطاب إرهابيين أجانب جدد واليوم هو عصر الإنترنت والإفراط في الاتصال به حيث إن أي شخص عادي يمكنه الاتصال بأربعة أجهزة بالإنترنت في الوقت ذاته والهاتف الذكي أحدها. النساء والأطفال وعن أسباب زيادة استغلال النساء في الإرهاب، أوضح المستشار يونس أن عدة عوامل أدت لذلك منها: مرور النساء من دون تفتيش على الحواجز الأمنية والصورة النمطية لعدم إقدام النساء على العمليات الإرهابية ولا يمكن نسيان الجانب العقائدي، وهناك نساء تركن حياتهن للارتباط بأشخاص في جماعة إرهابية والتزمن معهم بقضاياهم وهن يعتقدن في هذه الحالة ويُؤْمِنَّ بهذه الأفكار. وأكد أن هناك دراسة تخص انخراط الأطفال في أعمال إرهابية وما ينبغي أن تأخذه أجهزة العدالة الجنائية في التعامل مع «الحدث» الذي وجد في بعض القضايا أنه يحرض الراشدين على الانخراط في أنشطة إرهابية، وعلى الإنترنت كانت هناك إحدى المدونات يديرها شخص يخطب في المتابعين ويعظهم ويدعوهم إلى «الجهاد» الخاطئ، وجدنا أنه حدث لا يتعدى عمره 15 سنة. وأشار إلى أن أعداد الأحداث في دولة داعش المزعومة والذين يسمون بأشبال الخلافة، كبيرة جداً في ظل عدم وجود سياسات لاحتواء من يعودون ولنا مثال في «مخيم الحول» في سوريا، حيث إن هناك أكثر من 70 ألف طفل وحدث وامرأة، منهم من دول أوروبية ترفض بلدانهم دخولهم أراضيها ورجوعهم مرة أخرى وهناك جهد دولي لحل هذه المعضلة، حيث إن الأحداث القصر تبنوا أفكار داعش ومن المتوقع أن يصبحوا قيادات إرهابية في المستقبل وهذه أمور تهدد الأمن والسلم الدوليين. إشادة بالجهود الإماراتية أشاد البروفيسور محمد عليوة بدار أستاذ القانون الجنائي والدولي بجامعة نورثمبريا البريطانية، بنجاح جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في مكافحة نشر أفكار الإرهاب على الإنترنت وقال: «نحن نحرص على التعلم من التجربة الإماراتية في مواجهة الأفكار المتطرفة، ولكن التكنولوجيا تتطور وتتغير أشكال الجريمة ولا بد من إزالة الخطاب الذي يحض على الكراهية من منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما قامت به دولة الإمارات في قانون تجريم الحض على الكراهية في قانون 2015 في المادة العاشرة». دور الحكومات قال البروفيسور محمد عليوة بدار أستاذ القانون الجنائي والدولي بجامعة نورثمبريا البريطانية: «خلال السنوات العشر الماضية ركزنا البحث على كيفية نجاح الجماعات الإرهابية في استقطاب عقول أطفالنا وشبابنا ليس فقط في العالم العربي، بل وصل الأمر لدول أوروبية متقدمة ونجحوا بالفعل في استخدام الوسائط الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، وكان يوجد هناك مشكلة وهي كيفية مكافحة الإرهاب من دون الحد من حرية التعبير.. وخلال هذه الفترة نجحت الجماعات الإرهابية في تجنيد نحو 20 ألف شخص عن طريق المجلات الإلكترونية والمواقع التي أطلقوها والسبب في ذلك إخفاق دول أوروبية كثيرة في وقف نشر هذه المجلات «أون لاين» وفي بريطانيا سافرت طالبات بأعمار 17 و18 سنة للزواج من إرهابيين والانضمام إلى «داعش» لدخول الجنة وذلك بسبب غسيل عقول فئات عديدة من مجتمعات أوروبية. وأضاف: هناك مسؤولية على المجتمعات والدول نفسها بالبحث عن المواقع التي تنشر التطرف على الإنترنت وغلقها وهذا لا يتعارض مع حقوق الإنسان والحرية في التعبير ولكنها مسؤولية وطنية لحماية أطفالنا من غسيل عقولهم بأفكار متطرفة قبل فوات الأوان وحتى لا نتساءل في المستقبل لماذا يصبح الشباب إرهابيين، وفي بريطانيا كان هناك إخفاق من الحكومة ولكن بالفعل تم تدارك الأمر وتجاوزناه وتعاملنا مع كل وسائل التواصل الاجتماعي وهناك مسؤولية على«فيسبوك وتويتر»، مشيراً إلى أن ألمانيا الاتحادية الآن تفرض غرامات كبيرة تصل لملايين الدولارات على منصات التواصل الاجتماعي التي لا تحذف خطابات الكراهية في غضون 24 ساعة.
مشاركة :