الفيلم التونسي «بيك نعيش» يطرح أسئلة حول قضايا إنسانية

  • 11/23/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يطرح الفيلم التونسي “بيك نعيش” لمهدي البرصاوي المعروض ضمن مسابقة آفاق السينما العربية التي ينظمها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ41 التي بدأت فعالياتها الأربعاء الماضي، أسئلة لقضايا إنسانية تبحث عن إجابة لها ضمن واقع يزداد تعقيدا. يصور الفيلم ذلك من خلال قصة أسرة سعيدة مكونة من أب وأم وابن تعيش في محيطها بألفة وحب، يذهبون في رحلة إلى جنوب البلاد لتفجر أحداثا وأسئلة غير متوقعة بعد أن تتعرض لاسرة لإطلاق نيران كثيف عليها من إرهابيين إسلاميين (لم يشر الفيلم لهويتهم لكن زمن الفيلم وقرب المكان من الحدود الليبية يؤكد ذلك) ويصاب الابن إصابة سيئة في الكبد مما يتطلب البحث عن كبد ملائم لزراعة جزء منه في جسد الطفل ليعيش. البحث عن كبد للابن يفجر صراعا لا ينتهي فالابن نتاج علاقة الأم برجل آخر غير الأب المعروف، وتثبت الفحوصات التي يتم إجراؤها في المستشفى الذي نقل له الطفل بأن الوالد ليس هو الوالد البيولوجي له، وتكون هنا انطلاقة الصراع بين أنثى عليها أن تقدم اعترافا لرجل تحبه ورجل يشعر أنه مغدور به ولكنه يحث الطفل ولا يستطيع ان يتسامح مع المرأة.   الأب والابن تبرز تساؤلات حول الأبوة والبنوة وهل هي بيولوجية فقط أم نتيجة ارتباط إنساني تربوي وحب حقيقي، وسؤال حول شفافية العلاقة بين الرجل والمرأة في مجتمع ذكوري غير متسامح، ويعيد طبيعة هذا الحوار العقلاني إلى أن الوالد درس في فرنسا فهو متفتح نسبيا في حين أن المرأة بسمة عامة أكثر تسامحا وتقدمية من الرجل. يجيب الفيلم على هذه التساؤلات بهدؤ ونقاش عقلي مع بعض الصخب فيما يتعلق بعلاقة الرجل بالمرأة، لكن لا خلاف حول حب كليهما للطفل. وتطرح رحلة البحث عن كبد ملائم لإنقاذ الطفل ملامح كثيرة من الفساد في المفاهيم مثل تحريم نقل الأعضاء التي أفتى بها شيوخ مؤثرين في الفكر الإسلامي أمثال متولي الشعراوي الذي حرم نقل الأعضاء ومعالجة كبار السن وهرول إلى بلاد الفرنجة عندما مرض وهو كبير في السن للحصول على علاج بما يفسر كم الصعوبة التي يجدها الباحث عن متبرع. وهنا يظهر صيادي تجارة  الأعضاء البشرية ويعرفون فريستهم من خلال أحد الأطباء العاملين في المستشفى والذي يمثل النقيض للطبيب الإنساني المعالج للطفل والمنفتح على العالم والعلم والساعي للإصلاح الحال بين الوالدين بدفعهم لنقاش عقلاني والوصول الى الوالد البيولوجي للحصول عن جزء من كبده لإنقاذ الولد. ويتبين ان هذا الصياد الجشع يدير عصابة تعمل على خطف الاطفال وتبيعهم اعضائهم كقطع غيار لم يدفع اكثر وبسبب الانفلات الأمني في ليبيا، إثر مصرع الرئيس الليبي معمر القذافي معسكرا للاطفال الذين اختطفهم ويقوم بنقلهم الى تونس عندما يحصل على صفقة لبيع أعضائهم. تجارة الأعضاء البشرية وهنا يكمن السؤال في العلاقة بين مافيا تجارة الأعضاء البشرية ومشايخ التحريم الذين يكبلون الحياة في الاتجاه الأول في المالي وعجز الكثير من المصابين في دفع مثل هذه المبالغ، والثاني حول مشايخ التحريم الذين يحللون لأنفسهم ما يحرمونه على الآخرين في ضيق أفق شديد مما يشير الى امكانية التنسيق بين مافيا الدين ومافيا المال. كل هذه الأسئلة يطرحها الفيلم التونسي بدون صخب وهي اسئلة فعلا تبحث عن إجاباتها التي يكمن فيها مستقبل ليس الطفل المصاب فقط، لكن مستقبل المجتمع المصاب ايضا بامراض التخلف المتعددة التي تفتح الفرصة امام الفاسدين والمرتشين والقتلة على حساب الأغلبية العظمى من أفراد المجتمع.

مشاركة :