قد يصبح بالإمكان الكشف عن الفيروسات القاتلة في أقل من ساعة واحدة من قطرة دم واحدة عبر تقنية كريسبر للتعديل الجيني (CRISPR)، وفقاً للعلماء. وقام خبراء ببرمجة التقنية مثيرة الجدل للعثور على فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، حيث تم ربط الفيروس، وهو شائع للغاية ولا يمكن علاجه، بزيادة خطر الإصابة بسرطانات الجلد والأعضاء التناسلية والشرج والفم والحنجرة.كريسبر بشكل مختصر، هي نوع من تسلسلات الحمض النووي وفيها فواصل مقتطعة من بقايا الحمض النووي للفيروسات التي سبق أن هاجمت الكائن بدائي النواة. ويحتفظ الكائن بدائي النواة بهذه البقايا في حمضه النووي كفواصل حتى يستخدمها لاحقاً في الكشف عن الحمض النووي الخاص بتلك الفيروسات في هجماتها اللاحقة، ومن ثم تدميره بمساعدة بروتين كاس 9.وأثبتت الاختبارات المعملية للتقنية أن بإمكانها أن تكشف أيضاً عن فيروس الحَطِيطَة أو الفيروسة الصغيرة (Parvovirus) والذي يمكن أن يؤدي إلى إجهاض المرأة الحامل. تقنية معاد برمجتها وتعمل تقنية كريسبر المعاد برمجتها من خلال تدريبها على البحث عن حمض معين يحمله الفيروس في الدم. وفي حال اكتشاف الحمض، فإن التقنية المشهورة بقدرتها على قطع ولصق أجزاء من شرائط الحمض النووي DNA، تقطع جزءاً من الحمض النووي، مما يشير إلى وجود الفيروس.وقال بيفان داي، طالب درجة الدكتوراه في قسم الكيمياء بجامعة «كيس وسترن ريسرف» في ولاية أوهايو الأمريكية، والذي أشرف على الورقة البحثية التي أجراها باحثون في ولاية كليفلاند الأمريكية:«في حال لم يوجد فيروس، لن يكون هناك قطع لأجزاء الحمض النووي. إنه بهذه البساطة».وتم الإشادة بتقنية كريسبر وكذلك مهاجمتها منذ اختراعها في عام 2012. ويعتقد بعض العلماء أن تقنية كريسبر يمكنها في يوم من الأيام مساعدة المرضى في الشفاء من أمراض السرطان وفيروس العوز المناعي البشري (HIV)، ما يسمح للأطباء بإصلاح الحمض النووي المعطوب.بينما أثار آخرون مخاوف من أن الأطباء قد يتخطوا الحدود الأخلاقية باستخدام كريسبر لتعديل الأجنة وراثياً في الرحم. ويمكن من خلال تقنية كريسبر تدريب جزيئات صغيرة على قطع شرائط من الحمض النووي من أجل إزالتها أو استبدالها. الكشف عن الفيروسات وقام الباحثون ببرمجة جزيئات كريسبر للتفاعل مع أنواع معينة من الأحماض النووية، والتي هي بالأساس شرائط الحمض النووي.ومن المعروف أن المواد الوراثية في الكائنات المختلفة، تتفاوت تركيباتها الكيميائية، لذا يتم تدريب تقنية كريسبر على رصدها والتعرف إليها. وعندما يصاب شخص ما بفيروس معين، ستحتوي خلاياه على أجزاء من الحمض النووي للفيروس والتي لا توجد عادة في الخلايا البشرية، وهذا يعني أن الاختبارات يمكن أن تحدد الاختلافات الكيميائية وتكتشف الفيروس في الجسم.وفي الاختبار الذي أجراه الباحثون في كليفلاند، تم تحفيز جزيء كريسبر على العمل عندما يكتشف وجود الفيروس الذي يبحث عنه، مما تسبب في زيادة النشاط في عينة الأنسجة، وهي إشارة بالنسبة للباحثين. وقد تقوم بعض أنواع الفيروسات بإدخال أجزاء من جيناتها في الحمض النووي للخلايا البشرية لتمكينها من استخدام الجسم للتكاثر والانتشار.وعندما يلامس جزيء كريسبر قطرة دم مصابة، تبدأ الجينات الفيروسية في التفاعل، ويؤدي إلى ارتفاع كبير في النشاط الكهربي في الدم، ولهذا أطلق الباحثون على التكنولوجيا «المستشعر الحيوي الكهروكيميائي».وقال الباحثون في كليفلاند إن اختراعهم يمكن أن يحل محل الاختبارات الفيروسية الحالية التي قد تستغرق أياماً حتى تخرج نتائجها.ويمكن أن تؤدي الاختبارات السريعة والسهلة للتعرف على الفيروسات إلى تحسين صحة الإنسان من خلال الحصول على علاج أسرع وتقليل الحاجة إلى الإقامة في المستشفى طوال الليل.وأحد الفيروسات المستخدمة في اختبارات الفريق، وهو الفيروسة الصغيرة، يمكن أن يؤدي إلى فقر الدم أو حتى الإجهاض والإملاص في حال أصاب النساء الحوامل.وأثارت تقنية كريسبر انتقادات، لإمكانية استخدامها في تعديل جينات الأطفال الذين لم يولدوا بعد لكي يبدو كما يريد والداهم. وكان هناك حديث عن استخدام هذه التقنية في علاج الاضطرابات الوراثية المميتة مثل التليف الكيسي وأمراض فقر الدم المنجلي (SCD) ونزف الدم الوراثي أو الهيموفيليا.يشار إلى أن نتائج البحث الذي أجراه علماء في كليفلاند في مجلة «أجنافانتا كيمي» الألمانية. تعديل الحمض النووي بدأ في الآونة الأخيرة استخدام تقنية «كريسبر» لتعديل الجينات في عدد متزايد من البحوث العلمية، لأن بإمكانه تغيير اللبنات الأساسية للجسم. وفي الأساس، تعمل كريسبر في عملية قطع ولصق الحمض النووي.ومن الناحية الفنية تسمى هذه العملية «كريسبر-كاس 9» أو CRISPIR-Cas9، وتتضمن إدخال شرائط جديدة من الحمض النووي والإنزيمات إلى الكائنات الحية لتعديل جيناتها.وفي البشر، تعمل الجينات كمخططات للعديد من العمليات والخصائص في الجسم، فهي تتحكم في كل شيء، بدءاً من لون عينيك وشعرك إلى ما إذا كنت مصاباً بالسرطان أم لا.وغالباً ما يتم إرسال مكونات «كريسبر-كاس 9» وهي تسلسلات للحمض النووي والإنزيمات إلى الجسم على ظهر فيروس غير ضار، حتى يتمكن العلماء من التحكم بمكانه.وبعد ذلك يكون بإمكان أنزيمات بروتين «كاس 9» قطع شرائط الحمض النووي، وإيقاف عمل جين معين بشكل فعال، أو إزالة أجزاء من الحمض النووي ليتم استبدالها بتسلسلات كريسبر، لتغيير الجين وتعديله ثم إنتاجه من جديد.لكن المخاوف المتعلقة باستخدام تلك التكنولوجيا في خلايا التكاثر البشرية أو الأجنة بمراحلها المبكرة تتمثل في أن التغييرات ستنتقل للأجيال التالية، كما قد تستخدم لإنتاج ما يطلق عليه «أطفال وفق الطلب»، كما يجب التأكد من أن تقنية كريسبر آمنة، وأن التعديل الجيني فعّال، وأنه لا يؤدي إلى إحداث أي تغييرات في مكان آخر في الجينوم، ما قد يؤدي إلى أضرار جسيمة.
مشاركة :