القاعدة السريعة والمضمونة للنجاح في عالم تحكمه الرأسمالية هي كلما كشفت الفتاة من أعضائها أكثر مما أخفت... كلما زادت شهرتها... وبمقدار جمال ما تكشف.. تتحدد درجة قبولها من طبقات المجتمع المختلفة.. وتختلف تسميتها؛ فقليلة الجمال ما تكشفه يعكس مدى سوء أخلاقها وانحرافها.. والجميلة كلما ازداد ما تعرض.. كلما زاد انفتاحها وثقافتها العالية المتحررة من الانغلاق!وفي الأخير فكلتاهما تحققان الشهرة المرغوبة.تلك القاعدة هي ما جعلت تطبيقات مثل (التيك توك ميوزكلي) تستقطب المئات من الفتيات الباحثات عن زيادة عدد المعجبين والمتابعين بلا أي موهبة أو قبول أو خصائص تفرق بينهن سوى نوعية ما يرتدين من ملابس ومقدار ما يبرزن من مفاتن... فتلاحقهن الكثير من المشاهدات المغلفة بالكثير من الاحتقار لكنها كافية لتحقيق ما ترغبن فيه من شهرة كافية في نظرهن... لتقبل سيل التعليقات الخارجة المسيئة. وحتي الشباب أصابتهم لعنة الرغبة في جذب الأنظار فتنافسوا في تقديم المحتوي التافه وغير هادف ومثير للاشمئزاز لجمع اللايكات وكسب ود الفتيات.التطبيق الذي ظهر قبل 3 سنوات فقط، حصد في الربع الثالث من 2019 أكثر من 176 مليون تنزيل في متجري "جوجل بلاي" و"آب ستور"، علما بأن هذه الأرقام لا تتضمن ما تم تنزيله عبر المتاجر الأخرى للتطبيقات في الصين.ويمثل "تيك توك" خطرا كبيرا على فيسبوك تحديدا نظرا لشعبيته الكبيرة وسط المراهقين وهي الشريحة العمرية، التي يسعى فيسبوك لاستهدافها بشكل أكبر، كما أنه التطبيق الوحيد الذي لا يمتلكه فيسبوك في مجموعة الـ 5 الكبار والتي تضم (واتساب وميسنجر وتيك توك إنستغرام وفيسبوك).يعرف تيك توك (ميوزكلي سابقا ) بأنه عبارة عن تطبيق اجتماعي متخصص بنشر الفيديوهات بين رواده، حيث يقوم مستخدم المنصة بنشر فيديو أو مقطع قصير مع أصدقائه لمشاركته لحظات حياته بكل سهولة.. ومع الوقت تحول لسلة مهملات كبيرة تحوي العديد من الفيديوهات ذات العناوين المثيرة.. مستهدفة الشباب تحت السن القانوني ومخاطبة لرغباتهم في تحقيق الشهرة والسريعة التي تكفل لهم الظهور على باقي زملائهم.وامتلأت بقية وسائل التواصل الاجتماعي بفيديوهات تجميعية مستقاة من تطبيق تيك توك تحصل علي آلاف وملايين من المشاهدات، ثم ظهر نوع آخر لشخص يقوم بعرض المقاطع ويصور ردود أفعاله وتعليقاته عليها ويقوم بعرضها علي فيسبوك أو يوتيوب.المرعب هو مشاهدة هذا التحول في سلوكيات الفتيات والشباب في هذا التطبيق لتصبح أكثر جرأة وتحررًا من أي تطبيق اخر علي السوشيال ميديا.. سواء في حركات الرقص على الأغاني خاصة الشعبية أو حتي اختيار المقاطع الصوتية التي تحوي علي إيحاءات غير أخلاقية..والأكثر رعبا أن بعض الآباء ممن أبيضت شعور لحاهم انساقوا أيضًا خلف سحر الشهرة .. فبدأوا بمشاركة أطفالهم تلك المقاطع والظهور معهم وبعضهم من يصور زوجته ومن يصور أمه وأخيرا من يصور نفسه في غرفة نومه أو حمامه الخاص في أوضاع غير أخلاقية.حلم النجاح والشهرة يراود الجميع، لكن في عصر السرعة والنظر لما في أيدي الغير.. تحول كل شئ إلي وجبة سريعة يجب الانتهاء منها بأي طريقة للانتقال لما بعدها لتجميع كل ما يمكن جمعه في زمن الحياة القصير... والهدف دومًا هنا يصير مبررًا للوسيلة!بنظرة أشمل لهؤلاء الشباب فهم يعانون من ضغط نفسي يمثله غياب المعنى والهدف وغياب المثل التي ترسم لهم الطريق.. يتوهمون الحرية رغم القيود التي تحجب أفكارهم وتجعلهم يدورون حول أنفسهم في مدارات لا تنتهي إلى أي هدف يرضي ما يبحثون عنه.. هم أحق بالشفقة أكثر من الغضب والاستياء لوجودهم في عالم مجنون لا يعرف القواعد ولا الأعراف ولا يعترف بالمبادئ والتقاليد.الخطورة هنا هي على الجيل الأصغر فالطفل دومًا يحب التقليد.. وعند مشاهدتهم لتلك المقاطع المسكوت عنها.. يراودهم شعور بالرغبة أيضًا في التقليد والظهور مثلهم في هذه التطبيقات.. يتخذون منهم قدوة لغياب القدوة في المنزل وفي المدرسة ودور العبادة. إذا لم ينتبه الآباء والأمهات لهذا فالعصر القادم ينذر باختفاء القيم وظهور جيل ينتهي به الأمر بداخل المصحات النفسية أو السجون.
مشاركة :