بدءاً من مواقف المملكة وسياساتها وتقاليدها الدبلوماسية الراسخة، مروراً بعلاقات المملكة الدولية، ووصولاً إلى المستجدات على الشأنين السياسي والإعلامي والقواسم المشتركة بينهما؛ طاف الزميل الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة بوفد طلاب الدبلوم العالي في الإعلام السياسي الذي أطلقته كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حول كثير من الشئون الدولية والدبلوماسية السعودية، انطلاقاً من تجربته الطويلة في مرافقة ملوك المملكة العربية السعودية في زياراتهم الخارجية، مجيباً عن أسئلة وفد الدارسين في زيارتهم لمقر صحيفة الجزيرة، يتقدمهم أستاذ الدبلوماسية والعلاقات الدولية الدكتور فهد بن عبدالرحمن المليكي. وقد استهل المالك اللقاء بالحديث عن التقلبات السياسية الكثيرة التي تشهدها المنطقة وفقاً لمصالح الدول وتوجهاتها وأجندات المسؤولين فيها.. فأشار إلى أن المملكة اليوم في موقع يمكنها من التأثير في السياسات العالمية، سواء اقتصادياً أو أمنياً، بوصفها دولة بها الحرمان الشريفان، وهي قبلة المسلمين، وكذلك من حيث موقع المملكة وأهميته، ومواقفها التاريخية من مختلف القضايا الساخنة في المنطقة والعالم، ولذلك نجد -يقول المالك- أنفسنا دائماً حاضرين بدور إيجابي في كل مشكلة، ولنا دور نسهم به في حل مشاكل الدول. وأكثر ما يهم المملكة استقرار الدول المجارة لنا، فعلى سبيل المثال في قضية مثل المشكلة اليمنية، لم يكن في وسعنا أن نترك إيران تدبر ما تريد لتؤثر على أمن المملكة وتتدخل في شئونها الداخلية.. وكما قال سمو ولي العهد: إننا إن لم نذهب للدفاع عن أنفسنا في أرض اليمن فستكون الحرب داخل المملكة العربية السعودية، وهو الهدف الإيراني.. لذا نقول لمن قد يتساءلون لماذا تتدخل المملكة في اليمن وتتكبد الخسائر هناك..؟، نقول لهم: إن خسائرنا ستكون أضعاف خسائرنا الآن لو لم نتدخل.. فإيران تتوغل وتتقوى في اليمن التي تربطنا بها حدودٌ طويلة، براً وبحراً. الأمر نفسه بالنسبة إلى سوريا والعراق ولبنان، أو أيّ من دول المنطقة، لا يمكن للمملكة أن تكون بموقعها ومكانتها مجرد دولة متفرجة، أو أن يكون دورها سلبياً، لهذا نجد أن يدها تمتد لهذه الدول بالعون والمساعدة مادياً واقتصادياً وسياسياً وأمنياً. وأضاف المالك: «إجمالاً فإن السياسة تتغير وفق مصالح كل دولة، لذا فالمملكة تبحث عن مصالحها، فعلى سبيل المثال فإن مقاطعة المملكة لقطر لم تأت من فراغ، وإنما بعد محاولات كثيرة مع قطر لتنأى بنفسها عن احتضان الإرهابيين، و»الإخوان المسلمين»، ومجموعة من العناصر التي لا تريد الخير لمنطقتنا ولدولنا، فضلاً أن للمملكة موقفاً لا تراجع عنه من التدخل الإيراني والتأثير الإيراني على قطر، ومثله التأثير التركي على قطر لما يشكله تدخل الدولتين من أضرار بالمملكة ودول الخليج.. فلتركيا طموحات في المنطقة شأنها شأن إيران، فهذه تريد عودة الدولة العثمانية من جديد، وهذه تريد إقامة الإمبراطورية الفارسية من جديد أيضاً، ولهذا فإن المملكة تجد نفسها مجبرة على اتخاذ موقف كما حدث مع قطر». وأشار رئيس تحرير الجزيرة إلى أن تبني معهد الأمير سعود الفيصل بالتعاون مع جامعة الإمام إتاحة الفرصة لدبلوم متخصص في الإعلام السياسي، وأن تكون قطاعات الدولة مشاركة بموظفيها في هذا المشروع عمل جيد، «لأننا حين نتحدث عن الاستخبارات والمباحث فهما ذراعان من الأذرعة السياسية، فلا يمكن لأحدنا العمل في الاستخبارات أو المباحث وهو خالي الذهن من اللعبة السياسية، ولذا نقول إنه في السياسة يدخل الاقتصاد، ويدخل الإعلام، وغيرهما، فجميعها جزء من اللعبة السياسية. وأرى على صعيد العمل الدبلوماسي السعودي، أن الوضع في المملكة بدأ يتغيّر، فأصبح لدينا سفيرات.. سفيرتان حتى الآن. وكنت أتمنى أن يكون في هذه الدورة من الدبلوم مجموعة من الطالبات خريجات الجامعة». إثر ذلك أعطى المالك الكلمة للدكتور فهد المليكي الذي استهل كلمته بالشكر للإعلامي خالد المالك لاستضافة فريق برنامج «الإعلام السياسي»، موضحاً أنه «برنامج خاص بجامعة الإمام محمد بن سعود الكبير تحت مظلة كلية الاتصال والإعلام بعمادة صاحب السمو الأستاذ الدكتور سعد بن سعود». وكشف الدكتور فهد المليكي بصفته مدرس مادة الدبلوماسية والعلاقات الدولية، عن أن هناك مواد أخرى تدرس في البرنامج، وأن البرنامج ليس له علاقة بوزارة الخارجية أو المعهد، وأنه منفصل تماماً عن سياسة المعهد أو طريقة التدريس فيه، «فمعظم القائمين على التدريس في البرنامج من عدة جامعات وجهات علمية». وبيّن الدكتور فهد المليكي أن البرنامج يتطرق إلى البروتوكول وكيف أن الدبلوماسية لها دور كبير في رؤية 2030 لخدمة العلاقات الدولية في المملكة العربية السعودية، موضحاً أن جامعة الإمام هي الجامعة الوحيدة في المملكة التي بادرت بهذا البرنامج «المهم جداً»، الأمر الذي علق عليه المالك بأن جامعة الإمام هي الجامعة الوحيدة التي لديها كلية للإعلام، وأن بقية الجامعات بها أقسام للإعلام. ثم أهاب الدكتور فهد بالطلاب أن يستفيدوا من حضورهم بين يدي رئيس تحرير صحيفة الجزيرة.. واصفاً إياه بأنه «موسوعة سياسية واجتماعية» ويتعلموا من خبراته الطويلة من خلال توجيه الأسئلة التي بدأت بسؤال دار حول مرافقة خالد المالك لملوك المملكة ضمن وفود إعلامية في رحلات دبلوماسية كبيرة الوفد الإعلامي بما إن دوره تغطية الزيارة إلا أن له دوراً كبيراً بوصفه قوة ناعمة لتوطيد العلاقات مع الجانب الآخر؛ فنود لو تحدثنا عن مساهمات الوفد الإعلامي السعودي في زيارات رؤساء الدول والملوك في توثيق العلاقة وبناء الاتفاقيات بتزويدهم بالعلاقات الصحيحة عن المملكة ومواقفها. فأفاد المالك قائلاً: «عادة ما توضع لنا برامج لزيارة المؤسسات الصحفية، ونجري معهم الأحاديث، كذلك نزور بعض المؤسسات الحكومية مجالس النواب، وأسواق المال، والشركات الكبرى؛ فنلتقي بشرائح كثيرة، نتحدث إليهم ونسمع منهم، ودائماً ما نسمع منهم أن للمملكة ولقياداتها وزن كبير، وشعور لديهم بأن المملكة مؤثرة في العالم، بحكم مقومات كثيرة تتوفر فيها ولا تتوفر في غيرها، فالعلاقات الدولية بين المملكة ودول العالم لها سمة معينة.. فالمملكة ليست من الدول التي لها في كل يوم صديق وفي كل يوم عدو، إذ إن لها حسابات معينة في توثيق العلاقات مع الدول؛ لذلك فمع كل زيارة من زيارات ملوك المملكة أو ولي العهد دائماً ما تسفر عن اتفاقيات فيها خدمة للمملكة والدولة المضيفة، وهذا الانطباع يكتب عنه في الصحف ويعرض في وسائل الإعلام. وحول سؤال عن دور الدبلوماسية في رؤية 2030 فيما يخص العلاقات الدولية السعودية، أفاد المالك بأن «من يقرأ رؤية المملكة 2030 على صعيد العلاقات الدولية سيجد أن المملكة مرت في علاقاتها الدبلوماسية حول العالم بمراحل كثيرة بدءًا من الملك فيصل حين قاد وزارة الخارجية في بواكير إنشاء الدولة مروراً بعدد من الوزراء، وكلها مراحل مرت وتمت استجابة لطبيعة المتغيرات، والرؤية 2030 تستجيب هي الأخرى لمتغيرات جديدة ليس فقط في البرامج المحلية وإنما أيضاً فيما يتعلق بعلاقاتنا الثنائية مع الدول، ومع المجتمع الدولي من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن.. وأتصور أن وزارة الخارجية التي تقود الدبلوماسية هي الآن في مرحلة تغيير وتجديد، فلأول مرة يكون عندنا وزيران لهذه الوزارة، وهذا له مدلول. وحول سؤال بشأن رؤية المالك لاختيار الأمير فيصل بن فرحان الذي يسمى في الغرب رجل المهام الصعبة وزيراً للخارجية أجاب المالك بقوله: تغيير وزير الخارجية لا يعني تغيير السياسة.. فالمملكة تتعامل -دائماً- بمصداقية وأخلاقيات مع الدول، ويدها ممدودة للتعاون في كل مجال.. فليس هناك تغير في سياساتها، إلا بقدر ما يحدث من مواقف ومتغيرات لدى الطرف الآخر؛ كالموقف التركي مثلاً من الأحداث الأخيرة، وما كشفه الرئيس أردوغان من عداء أظهره تجاه المملكة، ما دعا لتغير موقف المملكة من تركيا ورفضها التدخل في شئونها الداخلية، أو أن يساء إليها. ** ** أعضاء وفد جامعة الإمام إبراهيم السند أحمد النويصري عبدالله السيف صالح الزويد محمد بشار الحربي عبدالعزيز الرشيد أحمد قحل عبدالله السعدي صالح الشريف محمد القحطاني طامي السبيعي تركي السلوم فيصل الحربي بندر الشمري عبد الرحمن الأسمري نايف صالح الغامدي أحمد ذعار المحيا باسل العسكر نايف الفضلي
مشاركة :