تقف الواقعية السياسية حاجزاً أكثر من أي وقت مضى بين القضاء الدولي والمسؤولين عن الفظاعات التي ترتكب في سوريا، رغم تراكم الأدلة منذ أكثر من أربع سنوات من النزاع في هذا البلد، برأي المحللين . وقامت منظمات غير حكومية بتوثيق الجرائم التي وقعت خلال النزاع فيما أعلنت مجموعة من المحققين الدوليين، أمس، أن لديها ما يكفي من الأدلة لملاحقة الرئيس السوري بشار الأسد ومعاونين بارزين له . لكن إن كان محققو لجنة العدالة والمساءلة الدولية يؤكدون إعداد ثلاث قضايا ضد نظام دمشق بسبب ارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية، فإن الأسرة الدولية ليست على استعداد لمقاضاة دمشق . وتمنع أسباب سياسية أي محكمة من النظر في أخطر الجرائم التي ارتكبت في هذا النزاع الذي أوقع أكثر من 220 ألف قتيل بينهم ما لا يقل عن 67 ألف مدني و11 ألف طفل . وقال مارك كيرستن الخبير في القانون الدولي ومقره في لندن "من المرجح أن يكون هذا أول نزاع يثير هذا العدد من التحقيقات في ارتكاب فظاعات وجرائم حرب وجرائم بحق الإنسانية، من غير أن يؤدي ذلك إلى إنزال العدالة" . فالمحكمة الجنائية الدولية التي تنظر في أخطر الجرائم، لا تملك أي صلاحيات في سوريا التي ليست من دولها الأعضاء، كما أن روسيا حليفة دمشق ستستخدم حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي لمنعه من إصدار قرار يجيز للمحكمة الجنائية فتح تحقيق . إضافة إلى ذلك، بات العديدون يعتبرون بشار الأسد "شراً لا بد منه" من أجل التوصل إلى حل سلمي للنزاع، ما يجعل من المستبعد كلياً تشكيل محكمة خاصة على غرار المحكمة التي أنشئت بعد حروب يوغوسلافيا السابقة في مطلع التسعينات أو الإبادة في رواندا عام 1994 . كما أن الصلاحية العالمية التي منحتها بعض الدول لنفسها من أجل النظر في الجرائم المرتكبة خارج أراضيها لا تبدو خياراً ممكناً في حالة سوريا . (أ ف ب)
مشاركة :