تشتهر مدينة تدمر الأثرية المهددة من قبل تنظيم داعش بأعمدتها الرومانية ومعابدها ومدافنها الملكية التي تشهد على عظمة تاريخها. وتعد المواقع الأثرية في مدينة تدمر المعروفة باسم لؤلؤة الصحراء، واحدة من ستة مواقع سورية أدرجتها منظمة اليونسكو على لائحة التراث العالمي. وتتوسط آثار تدمر التي تبعد مسافة 210 كلم شمال شرقي دمشق، بادية الشام وتمتد على مساحة كبيرة. وقد ظهر اسمها للمرة الأولى على مخطوطة يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر قبل الميلاد عندما كانت نقطة عبور للقوافل بين الخليج والبحر المتوسط وإحدى محطات طريق الحرير. لكن تدمر عرفت أوج ازدهارها إبان الغزو الروماني بدءاً من القرن الأول قبل الميلاد وخلال أربعة قرون متلاحقة. وباتت تعرف في اللغات الإغريقية واللاتينية باسم بالميرا المشتق من معنى النخيل باللغات الأجنبية. وقد ذاع صيت تدمر بوصفها واحة خصبة وفاخرة في وسط الصحراء، بفضل ازدهار تجارة التوابل والعطورات والحرير والعاج من الشرق، والتماثيل والزجاجيات من فينيقيا. في عام 129، منح الامبراطور الروماني ادريان تدمر وضع المدينة الحرة وعرفت آنذاك باسمه ادريانا بالميرا. وفي هذه المرحلة بالتحديد، تم بناء أبرز معابد تدمر كمعبد بعل (بل) وساحة اغورا. وكان سكان المدينة قبل وصول المسيحية في القرن الثاني بعد الميلاد، يعبدون الثالوث المؤلف من الإله بعل ويرحبول (الشمس) وعجلبول (القمر). واستغلت تدمر الصعوبات التي واجهتها الامبراطورية الرومانية في القرن الثالث لإعلان قيام مملكة تمكنت من هزم الفرس وباتت زنوبيا ملكتها. واحتلت زنوبيا عام 270 بلاد الشام كلها وجزءاً من مصر ووصلت إلى آسيا الصغرى، لكن الإمبراطور الروماني أورليان تمكن من استعادة السيطرة على تدمر واقتيدت الملكة زنوبيا إلى روما فيما انحسر نفوذ المدينة. وقبل اندلاع النزاع السوري في منتصف شهر مارس 2011، شكلت تدمر وجهة سياحية بارزة إذ كان يقصدها أكثر من 150 ألف سائح سنوياً لمشاهدة آثارها التي تضم أكثر من ألف عامود وتماثيل ومعابد ومقابر برجية مزخرفة، تعرض بعضها للنهب أخيراً، إضافة إلى قوس نصر وحمامات ومسرح وساحة كبرى. وأدت الاشتباكات التي اندلعت بين قوات النظام وفصائل المعارضة في الفترة الممتدة بين فبراير وسبتمبر 2013 في تدمر إلى انهيار بعض الأعمدة ذات التيجان الكورنثية. (أ.ف.ب)
مشاركة :