احتجاجات لبنان.. هل تأخذ منحى مشابها للعراق؟

  • 11/27/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تعددت أوجه التشابه بين احتجاجات لبنان والعراق لكن اختلف منحى كل منهما. الاشتباكات الأخيرة بين المتظاهرين وأنصار حزب الله وحركة أمل، طرحت تساؤلات ومخاوف من تحول الاحتجاجات نحو العنف وبالتالي انتهاء "حلم" تجاوز الطائفية؟ ثمة قواسم مشتركة بين لبنان والعراق، وهو ما ظهر جليَاً من خلال المطالب التي حملها المتظاهرون خلال الاحتجاجات في الشارعين اللبناني والعراقي. وإلى جانب الاستياء العميق تجاه الطبقة الحاكمة والظروف الاقتصادية الصعبة والفساد، تقف الطائفية على قمة أولوليات ما يجب إزاحته من المشهد في كلا البلدين. ب يد أنه يبدو أن الاحتجاجات في العراق أخذت منحى أكثر عنفاً مقارنة بمثيلتها في لبنان، حيث ظلت الاحتجاجات سلمية إلى حد كبير. وحرص المتظاهرون على رفع أعلام الدولة والابتعاد عن الشعارات الحزبية والطائفية في اتجاه التغلب على الحدود الطائفية التي مزقت البلد، غير أن ما حدث خلال الاشتباكات الأخيرة بين متظاهرين معارضين للحكومة ومؤيدين لحزب الله وحركة أمل، دفع مراقبين ومحللين إلى التساؤل، هل يحدث الآن العكس؟ ففي الساعات الأولى من صباح يوم أمس الإثنين (25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019) أظهر بث مباشر على محطات تلفزيونية لبنانية اشتباكات بين متظاهرين معارضين للحكومة ومؤيدين لحركتي حزب الله وأمل الشيعيتين بالعاصمة اللبنانية بيروت. وذلك بعدما زاد التوتر بين الطرفين عندما أغلق المتظاهرون جسراً رئيسيا بوسط المدينة. واتهم المتظاهرون المعارضون مؤيدي الحركتين الشيعين باقتحام ساحات الاعتصام والاعتداء عليهم. كما ذكرت ثلاث محطات تلفزيونية محلية أن قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود. ولوح أنصار حزب الله وحركة أمل بأعلام الحركتين ورددوا قائلين "شيعة شيعة" وكذلك شعارات مؤيدة للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. وعلى الجانب الآخر، ردد المتظاهرون قائلين "ثورة ثورة". تصاعدت الاستفزازات من الجانبين وتعرضت عشرات السيارات والمحلات التجارية للتخريب. كما ذكرت الوكالة الوطنية للأنباء في لبنان أن الاشتباكات بين أنصار رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري وحركتي حزب الله وأمل تطورت إلى إطلاق نار في بيروت في وقت متأخر يوم أمس. وذكر الدفاع المدني اللبناني على حسابه بموقع "تويتر" أن عشرة جرحى هي حصيلة التظاهرات الاحتجاجية التي حصلت أمس في ساحة رياض الصلح وجسر فؤاد شهاب في بيروت. من جانبه دعا مجلس الأمن الدولي في بيان إلى الحفاظ على "الطابع السلمي للاحتجاجات" في لبنان. وطلب من جميع الأطراف الفاعلة إجراء حوار وطني مكثف واحترام الحق في الاحتجاج من خلال التجمع بشكل سلمي. في الاتجاه غير السلمي؟ التصعيد غير المسبوق الذي شهدته الاحتجاجات في لبنان، والتي دخلت يومها الأربعين وظلت سلمية إلى حد كبير، أثار موجة غضب لدى اللبنانيين، كما انعكس ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي. وعبر عدد من اللبنانيين عن استيائهم من ما حدث، بعد الطابع السلمي الذي اتسمت به الاحتجاجات، كما كتب مغرد يعرف عن نفسه بـ Mhmd على حسابه الخاص على موقع "تويتر". من ناحية أخرى احتفظ عدد من اللبنانيين بالأمل في تجاوز هذا التصعيد الأخير، الذي لم يتسبب سوى بـ "الكره"، كما كتب الإعلامي اللبناني طاهر بركة في تغريد على حسابه على موقع "تويتر"، والتي قال فيها: "ربما من السهل قمع تظاهرة واحدة، ولكن من المستحيل قمع ثورة كاملة(...)". من خلال صورة لخيمة تحمل شعار "خلينا نتحاور سوا" تعرضت للتخريب، عبر Rouy عن ردة فعله مما حدث للاحتجاجات السلمية. في المقابل يرى مراقبون أن هذه الاشتباكات قد تنذر بتحويل الاحتجاجات التي يغلب عليها الطابع السلمي إلى منحى دموي، كما  حدث خلال احتجاجات العراق، غير أن للكاتب الصحفي، محمد قواص، نظرة تحليلية أخرى، كما عبر عنها في حوار معDW عربية: "الاحتجاجات في لبنان قد تذهب في الاتجاه غير السلمي، لكن لن تصل للشكل الدموي. من يملك قرار أن يبقى الحراك سلمياً أو أن يُقابل بأعمال شغب هو حزب الله، لأنه من يملك السلاح في لبنان وبالتالي القرار بيده، ومع ذلك لا أعتقد أن هذا الحراك بإمكانه أن يذهب إلى العنف على الطريقة العراقية". ويضيف قواص أن السبب في ذلك يعود إلى أن طبيعة لبنان تختلف، إذ إن هناك 18 طائفة في لبنان بينما يبدو الحراك في العراق "شيعيا شيعيا وأن حزب الله بطبيعته الطائفية لا يمكن أن يجابه كل الطوائف في لبنان". ويضيف الكاتب الصحفي، المقيم في لندن: "أعتقد أن حزب الله لو أراد أن يذهب بالتصعيد إلى منحى عسكري، لكان ذهب كما حدث في السابع من أيار عام 2008 باستخدامه السلاح لكنه يحاول الضغط من خلال حراك جمهوره ضد الجمهور الاحتجاجي المعارض ولا أعتقد أن الصراع سيتحول إلى شكل دموي خطير". من جانبه يرى يواخيم باول، مدير مكتب مؤسسة هاينريش بول في بيروت، أن المشهد في لبنان يختلف عن باقي البلدان الأخرى التي شهدت الربيع العربي: "في لبنان هناك حرية التعبير وحرية الصحافة والتحدث علانية دون أن تُسجن على الفور كما كان الحال في تلك البلدان. لكن يبقى من الصعب الإجابة عن كيف يمكن أن تسير الأمور في هذا البلد، لأنه يشهد نوعاً من الجمود السياسي". ويضيف باول قائلا إن "حزب الله، بالإضافة إلى القوى السياسية الأخرى، وعلى رأسها حركة أمل، ذات الخلفية الشيعية وكذلك الحزب الرئاسي (حزب الرئيس ميشال عون) ليست مهتمة بالاستجابة بأي شكل من الأشكال لمطالب المتظاهرين الذين يطالبون بتشكيل حكومة تكنوقراط لا يتم فيها تمثيل النخب السياسية الحالية والآن وصل لبنان إلى طريق مسدود". نهاية حلم تجاوز الطائفية؟ ويرى يواخيم باول أن للطائفية دورا كبيرا في لبنان على جميع المستويات وفي جميع المجالات. وأنه في حين يسعى البعض نحو مجتمع أكثر انفتاحا حيث يتم التغلب فيه على الطائفية خطوة بخطوة، ترى الحركات والأحزاب السياسية القائمة الأخرى في  الطائفية "ضمانا لها للاحتفاظ بنفوذها السياسي". ويبقى التساؤل الأخير حول ما إن كانت الاشتباكات الأخيرة ستكتب نهاية حلم تجاوز الطائفية الذي كان على قمة أولوليات ما يجب إزاحته من المشهد خلال الاحتجاجات؟ يقول قواص: "لا أحد لديه أوهام بأن هذا الحراك بالذات بإمكانه أن يشكل فاصلة كبرى لتجاوز الطائفية في لبنان، لكنه كان بإمكانه أن يضع المدماك الأول على طريق ما هو مسجل في الدستور واتفاق الطائف من اجراءات لتجاوز الطائفية. ما جرى في لبنان هو لحظة تاريخية لم يشهدها البلد منذ استقلاله بحيث أن كل المدن وكل الطوائف والمذاهب تتحدث بلغة واحدة ضد سلطة واحدة في محاولة لفرض معايير جديدة لإقامة جمهورية تتجاوز الطائفية". ويضيف الكاتب الصحفي: "لا أعتقد أننا تجاوزنا هذا الحلم، لكن الذهاب إلى هذا الهدف سيتم من خلال مراحل وأننا حاليا مازلنا في المراحل الأولى...أعتقد أن هناك شيئا كبيرا حصل في هذا البلد وأن النظام السياسي برمته وأصحاب هذا النظام أدركوا تماماً حجم هذه التحولات التي أنتجها المجتمع اللبناني". إيمان ملوك/ كريستن كنيب

مشاركة :