أشار صندوق النقد الدولي في بيان إلى وجود مناقشات مع الأردن من أجل احتمالية اعتماد برنامج اقتصادي جديد مدته ثلاث سنوات يدعمه الصندوق، مشيراً إلى أن السلطات الأردنية اتخذت إجراءات مهمة لتحسين مناخ الأعمال، مما وضع الأردن ضمن قائمة أفضل ثلاثة بلدان في العالم تحسيناً لمناخ الأعمال، وفقاً لتقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدولي.وقامت بعثة من صندوق النقد الدولي يقودها كريس جارفيس، بزيارة العاصمة الأردنية عمّان في الفترة من 11 إلى 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، لإجراء مناقشات في إطار مشاورات المادة الرابعة لعام 2019 ومراجعة أداء الاقتصاد الأردني بموجب الاتفاق الممدد مع الأردن في ظل برنامج «تسهيل الصندوق الممدد».وأصدر الصندوق بياناً، أمس، نقل فيه عن جارفيس قوله: «عقدت البعثة مناقشات مثمرة مع السلطات الأردنية، تناولت آخر المستجدات والتوقعات الاقتصادية والمخاطر المحيطة بالاقتصاد. واتفقنا على أن الأولويات في السنوات المقبلة تتمثل في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، ودعم النمو، وخلق الوظائف، وتعزيز الحماية الاجتماعية. ونظراً إلى عدم إمكانية تحقيق هذه الأولويات بالكامل خلال الشهور القليلة المتبقية من البرنامج الاقتصادي الحالي الذي يدعمه الصندوق، فقد بدأنا المناقشات حول اعتماد برنامج اقتصادي جديد مدته ثلاث سنوات يمكن أن يدعمه الصندوق. وقد حققنا تقدماً جيداً خلال هذه البعثة نحو الاتفاق على الأهداف العامة لمثل هذا البرنامج. ونهدف في الفترة المقبلة لاستكمال هذه المناقشات والاتفاق على السياسات المحددة اللازمة. ولذلك، نتوقع العودة إلى عمان في أواخر شهر يناير (كانون الثاني) المقبل لاستكمال المناقشات».وأشار جارفيس إلى أن الحكومة الأردنية أكدت «التزامها وعزمها على مواصلة عملية الإصلاح والتغلب على العقبات الحالية أمام النمو. وقد أحرزت السلطات في السنوات الأخيرة تقدماً ملحوظاً في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي. حيث يتمثل ذلك بانخفاض التضخم، وتحسن ميزان المدفوعات، كما سجلت الاحتياطيات الدولية تعافياً في الآونة الأخيرة. وبالإضافة إلى ذلك، لا يزال القطاع المالي مستقراً، واتخذت السلطات إجراءات مهمة لتحسين مناخ الأعمال، مما وضع الأردن ضمن قائمة أفضل ثلاثة بلدان في العالم تحسيناً لمناخ الأعمال، وفقاً لما ورد في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدولي».وتابع البيان: «ولا يزال موقف السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف ملائماً، ومستويات احتياطي النقد الأجنبي مريحة. وينبغي أن تواصل السلطات تعديل أسعار الفائدة حسب الحاجة لضمان استقرار العملة والحفاظ على الثقة بها... ورغم هذه الجهود، لا تزال هنالك تحديات قائمة. فمتوسط نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لا يزال في حدود 2 إلى 2.5% فقط منذ عام 2010، والبطالة لا تزال مرتفعة، خصوصاً بين فئتي الشباب والنساء. كذلك لا تزال وتيرة الإصلاح المالي أبطأ مما كان متوقعاً. أما العائدات المتوقعة من جهود زيادة الإيرادات وتوسيع القاعدة الضريبية فإنها لم ترقَ إلى المستويات المنشودة لدعم الاحتياجات المالية للأردن، مما أدى إلى لجوء السلطات إلى خفض النفقات عن طريق تخفيض الاستثمارات العامة. وكانت الانحرافات عن المسار المتوقع ملحوظة بصفة خاصة في عام 2019، ولا يزال الدين العام مرتفعاً للغاية. وفي هذا الشأن، فإن الحيز المالي المتاح سيكون محدوداً، مما يعني ضرورة زيادة المساعدات الدولية لمواصلة الإصلاح الداعم للنمو».وأشار جارفيس إلى أنه «في المرحلة المقبلة، سيكون من المهم مواصلة الجهود للحد من مواطن الضعف، وزيادة منعة الاقتصاد، والدفع إلى تحقيق نمو أقوى. ولبلوغ هذا الهدف، نوصي بمزيج من الإصلاحات الهيكلية العميقة مع الاستمرار بالإصلاح المالي تدريجياً وبعملية منتظمة لتضع الدين العام بصورة موثوقة على مسار تنازلي في المدى المتوسط، مع تحسين إجراءات الحماية الاجتماعية... وينبغي دعم استراتيجية المالية العامة بجهود متواصلة لتقوية الإدارة الضريبية والجمركية، بالإضافة إلى إجراءات لتعزيز إدارة المالية العامة، وشفافيتها، وتحسين الحوكمة».كما أكد أن «إصلاحات الكهرباء تتسم بأهمية بالغة. حيث تمثل خريطة طريق قطاع الكهرباء خطوة أولى ضرورية لوضع شركة الكهرباء الوطنية على مسار أكثر ثباتاً؛ ولكن ينبغي إكمال هذه الخطوة بمزيد من الجهود للحد من الخسائر، مع تخفيض التعريفات المطبقة على القطاعات المنتجة بما يؤثر على تنافسية مؤسسات الأعمال في الأردن... كما أننا نشجع السلطات على مواصلة تعزيز نمو القطاع الخاص على نطاق أوسع. وقد وضعت السلطات، بمساعدة البنك الدولي وشركاء آخرين، مصفوفة محددة للإصلاحات التي يتوقع لها -إذا نُفِّذت على وجه السرعة- أن تحقق الكثير في مجال تحسين مناخ الأعمال وتعزيز التنافسية. وبالإضافة إلى ذلك، ستكون الإصلاحات المؤدية إلى التوظيف عاملاً حاسماً لتحقيق النمو الشامل وتعزيز الاستقرار الاقتصادي. حيث تمثل التعديلات الأخيرة في قانون الضمان الاجتماعي تطوراً جديراً بالترحيب. وبالنسبة إلى الحزمة الجديدة من الحوافز النقدية القائمة على التوظيف، والتي تم تصميمها لزيادة خلق الوظائف وتعزيز النمو، من المهم أن تُراعى الشفافية في تنفيذ هذه الإجراءات، وأن تأخذ في الاعتبار قيود المالية العامة الضاغطة في الأردن. أما إجراءات دعم تنمية القطاع المالي فهي عامل أساسي أيضاً في دعم النمو الشامل، وسيساعد الاستمرار في تنفيذ استراتيجية السلطات للشمول المالي على التوسع في إتاحة الخدمات المالية، خصوصاً للنساء والطبقات الفقيرة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة».وأوضح رئيس البعثة في البيان أنه «يمكن للأردن مواصلة الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وتعزيز النمو استناداً إلى استراتيجية جيدة التصميم وجديرة بالثقة، يدعمها المجتمع الدولي. ولا يزال الصندوق ملتزماً بدعم السلطات في سعيها لتحقيق نمو أقوى وأكثر استدامة، والتقليل من عدم توازن المالية العامة، وتعزيز بيئة الأعمال، وزيادة الشفافية، وتحسين مستويات المعيشة، وضمان حماية الفئات الأضعف في المجتمع الأردني»، مشيراً إلى أن «زيارتنا أتاحت الفرصة للالتقاء مع مجموعة كبيرة من النظراء، ومنهم دولة الدكتور عمر الرزاز رئيس الوزراء، والدكتور محمد العسعس وزير المالية، والدكتور زياد فريز محافظ البنك المركزي، وعدد آخر من الوزراء، وأعضاء مجلس الأمة، وممثلين للقطاع الخاص والمجتمع المدني والمجتمع الدولي. ونود الإعراب عن امتناننا للمحادثات التي اتسمت بدرجة كبيرة من الإيجابية والصراحة، ولاستمرار تعاون السلطات وكرم ضيافتها».
مشاركة :