العالم على شفا كارثة مناخية

  • 11/27/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حذّرت الأمم المتحدة في تقييمها السنوي حول غازات الاحتباس الحراري الذي نشر الثلاثاء من أن العالم سيفوّت فرصة لتفادي كارثة مناخية إذا لم يقم بخفض فوري وشبه مستحيل في انبعاثات الوقود الأحفوري. وقال برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إن الانبعاثات العالمية يجب أن تنخفض بنسبة 7.6 بالمئة سنويا حتى العام 2030 من أجل احتواء ارتفاع درجات الحرارة دون 1.5 درجة مئوية. لكنّ الحقيقة القاسية أن انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري ارتفع إلى مستوى قياسي العام الماضي، وأن درجات حرارة كوكب الأرض قد ترتفع لأكثر من مثلي الحد المتفق عليه دوليا إذا لم يُتخذ إجراء، وفق تقرير فجوة الانبعاثات. وقال أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، “منذ عشر سنوات، كان تقرير فجوة الانبعاثات يدق ناقوس الخطر ولمدة عشرة أعوام زاد العالم من انبعاثاته”. الحرارة في ارتفاع تقرير فجوة الانبعاثات واحد من عدة تقارير صدرت قبل محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ المقررة في مدريد الأسبوع المقبل والتي تهدف إلى تشجيع زعماء العالم على الحد من تغيّر المناخ. وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية الاثنين، إن تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي سجلت رقما قياسيا في العام 2018. وتشير نشرة غازات الاحتباس الحراري الصادرة عن المنظمة، إلى أن المتوسط العالمي لتركيزات ثاني أكسيد الكربون قد بلغ 407.8 جزء في المليون في 2018، مرتفعا من 405.5 جزء في المليون في 2017. وقال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بيتري تالاس، “تجدر الإشارة إلى أن آخر مرة شهدت الأرض فيها تركيزات مماثلة لثاني أكسيد الكربون كانت قبل 3 إلى 5 ملايين سنة. ففي ذلك الوقت كانت درجات الحرارة أعلى من الآن بدرجتين إلى ثلاث درجات مئوية، وكان مستوى سطح البحر أعلى بمقدار 10 أمتار إلى 20 مترا”. منذ عشر سنوات، كان تقرير فجوة الانبعاثات يدق ناقوس الخطر، ولمدة عشرة أعوام زاد العالم من انبعاثاته، أمر ينذر بمخاطر في المستقبل واستطرد تالاس قائلاً “إذا لم نفعل شيئا، ستزيد درجات الحرارة بما بين ثلاث وخمس درجات مئوية بحلول نهاية هذا القرن”. ويعني هذا الاتجاه المستمر على المدى الطويل أن الأجيال القادمة ستواجه تأثيرات حادة ومتزايدة لتغير المناخ، من بينها ارتفاع درجات الحرارة وطقس أكثر تطرفاً وإجهاد مائي وارتفاع مستوى سطح البحر واختلال الأنظمة الإيكولوجية البحرية والبرية. وقال جون كريستنسن المعد الرئيسي لتقرير فجوة الانبعاثات، في مؤتمر صحافي “باعتباري جَدّا… لا نريد أن نترك ذلك لأحفادنا”. ويبقى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لقرون وقد يبقى في المحيطات لفترة أطول. كما ارتفعت تركيزات الميثان وأكسيد النيتروز بكميات أعلى مما كانت عليه خلال العقد الماضي، وفقاً لعمليات الرصد الصادرة عن الشبكة العالمية لمراقبة الغلاف الجوي التي تضم محطات في المنطقة القطبية الشمالية والمناطق الجبلية والجزر المدارية النائية. وتضمنت نشرة المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التركيز على الدور المهيمن لاحتراق الوقود الأحفوري في زيادة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، فهناك دلائل عديدة على أن زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي مرتبطة باحتراق الوقود الأحفوري. محادثات مدريد تقرير فجوة الانبعاثات واحد من عدة تقارير صدرت قبل محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ المقررة في مدريد الأسبوع المقبل والتي تهدف إلى تشجيع زعماء العالم على الحد من تغيّر المناخ. وستعقد المحادثات، المعروفة باسم مؤتمر الأطراف الخامس والعشرين والذي يشار إليه اختصارا باسم (سي.أو.بي 25) في الفترة من 2 إلى 13 ديسمبر. ويهدف المؤتمر إلى توضيح التفاصيل الخاصة بوضع اتفاق باريس المناخي موضع التنفيذ، وسط دعوات من جانب جماعات مدافعة عن البيئة ومتظاهرين مناهضين لتغير المناخ. ويقيس التقرير حجم خفض الانبعاثات المطلوب للحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى مستوى 1.5 درجة مئوية فوق مستوياتها قبل الثورة الصناعية وفقا لاتفاق باريس الموقع عام 2015. ولبلوغ هذا الهدف، توافق الدول على الحاجة إلى خفض الانبعاثات والعمل من أجل عالم منخفض الكربون خلال عقود، لكن الأمم المتحدة توصلت إلى أنه حتى لو أخذنا في الاعتبار تعهدات باريس الحالية، فإن العالم يمضي نحو ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 3.2 درجة مئوية، وهو أمر يخشى العلماء أن يمزق نسيج المجتمعات. وحذرت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أن تجاوز الحرارة 1.5 درجة مئوية سيزيد من تواتر وشدة تأثيرات المناخ، مثل التعرض لموجات الحر والعواصف التي شهدتها جميع أنحاء العالم في السنوات القليلة الماضية. وسيصدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة تقرير فجوة الانبعاثات بشكل منفصل ومكمل في 26 نوفمبر. ويقيِّم التقرير، في عامه العاشر حاليا، أحدث الدراسات العلمية بشأن الانبعاثات الحالية والمقدرة مستقبلاً لغازات الاحتباس الحراري، كما يقارن هذه الانبعاثات مع مستويات الانبعاثات المسموح بها بغية إحراز تقدم عالمي على المسار الأقل تكلفة نحو تحقيق أهداف اتفاق باريس. ويُعرف الفرق بين “المستويات التي يرجّح أننا فيها، وتلك التي يتعيّن علينا بلوغها” بفجوة الانبعاثات. وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن القمة قد “عززت الزخم والتعاون وما نطمح إليه، ولكن لا يزال الطريق طويلا”. وسينهض بهذا الأمر الآن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في مدريد.‏ التقارير في هذه الفترة الحرجة تشير إلى اتجاه واضح وهو ضرورة أن يتخذ العالم إجراءات ملموسة ومكثفة بشأن الانبعاثات وخلصت الأمم المتحدة إلى أن تقييمها “قاتم”، وفيما أصرت على أن بلوغ هدف 1.5 درجة مئوية لا يزال قابلا للتحقيق، وأقرت بأن هذا سيتطلب حدوث ثورة غير مسبوقة ومنسقة للاقتصاد العالمي الذي لا يزال يغذيه بشكل كبير النمو الناجم عن النفط والغاز. ويفيد ملخص التقرير الذي أعده برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة بأن “بقاء الحال على ما هو عليه ينذر بارتفاع درجات الحرارة بـ3.2 درجة مئوية خلال القرن الحالي مما قد يحدث تأثيرات واسعة النطاق ومدمرة”. وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن، “نحن نفشل في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري”. وأضافت، “إن نتائج نشرة غازات الاحتباس الحراري الصادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وتقرير فجوة الانبعاثات الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة يشيران، في هذه الفترة الحرجة، إلى اتجاه واضح وهو ضرورة أن يتخذ العالم إجراءات ملموسة ومكثفة بشأن الانبعاثات”. وتابعت، “نحن نواجه خياراً قاسياً، إما البدء في إجراءات عاجلة الآن وننجز خفضا كبيرا للغاية في الانبعاثات العالمية نحتاجه الآن، وإما مواجهة عواقب تغيّر الكوكب بشكل جذري بفعل تغير المناخ”. تقاعس الحكومات عرض تقرير فجوة الانبعاثات، الذي يصدر للعام العاشر، أيضا تكلفة عقد من تقاعس الحكومات عن العمل. وذكر أنه لو اتخذت الحكومات إجراءات مناخية جادة في 2010، بعد قمة كوبنهاغن التي بثت حياة جديدة في النقاش بشأن المناخ، لكانت الانخفاضات السنوية المطلوبة للانبعاثات 0.7 بالمئة لارتفاع حراري من درجتين و3.3 بالمئة لارتفاع حراري من 1.5درجة مئوية. وقالت أندرسن “لقد قادتنا 10 سنوات من التسويف المناخي إلى ما نحن عليه اليوم”. ورغم تباين النصائح الموجهة للدول، فإن الموضوع واضح، التخلص التدريجي التام من الفحم والتخلص من النفط والغاز بشكل كبير والبناء على الطاقة المتجددة بشكل واسع. واعتبر التقرير مجموعة العشرين من المتقاعسين، فرغم أنها تنتج حوالي 78 بالمئة من إجمالي الانبعاثات، إلا أن 15 دولة غنية فقط هي التي وضعت خططا لتكون الانبعاثات معدومة. وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أبلغت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأمم المتحدة رسميا بأن الولايات المتحدة سوف تنسحب من اتفاق باريس للمناخ واتخذت خطوات لتعزيز إنتاج الوقود الأحفوري بما في ذلك دعم تكنولوجيا لالتقاط وتخزين انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من محطات توليد الطاقة. وإجمالا، يجب على البلدان زيادة مساهماتها في مكافحة تغير المناخ خمس مرات لتحقيق الخفض اللازم للوصول إلى 1.5 درجة مئوية. في العام الماضي، أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، الهيئة العلمية الرائدة في العالم حول هذا الملف، تحذيرا صارخا بأن تجاوز الاحترار 1.5 درجة مئوية سيزيد من شدة وتتابع موجات الحرارة والعواصف الكبيرة والفيضانات. مع ارتفاع الاحترار درجة مئوية فقط حتى الآن، من المتوقع أن يكون عام 2019 هو ثاني أكثر الأعوام حرارة في تاريخ البشرية، وهو بالفعل شهد حرائق غابات قاتلة وأعاصير باتت أكثر تواترا مع ارتفاع درجات الحرارة. وعلى الرغم من الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، مع استمرار ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة لسنوات، أقرت الأمم المتحدة الثلاثاء “أنه لا يوجد ما يشير إلى أن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري ستنخفض في السنوات القليلة المقبلة”. وقال مدير السياسات في اتحاد العلماء المهتمين بتغير المناخ ألدن ماير، إنّ نقطة التحول كان يجب أن تأتي قبل سنوات. وأضاف، “الوقت لا ينفد.. الوقت نفد بالفعل”. وجاء في التقرير، أنّ الانبعاثات ستحتاج إلى انخفاض بنسبة 55 بالمئة بحلول العام 2030 ليبقى الاحترار على مسار 1.5 درجة مئوية، وهو ما سيكون انخفاضا غير مسبوق في ظل نمو عالمي. وأعرب جون فيرغسون، مدير التحليل في صحيفة “الإيكونوميست” البريطانية، عن تشاؤمه من قدرة الدول على خفض انبعاثاتها في الوقت المطلوب. وأفاد، “هناك فجوة في الانبعاثات، لكن هناك أيضا فجوة بين الكلام والأفعال، وتوضح هذه الفجوة تشاؤمي بأننا لن نتمكن من حصرها عند 1.5 درجة مئوية”. ووفقا لتقارير البرنامج البيئي الأممي فإن خفض الانبعاثات على مستوى الدول، والذي يمكن أن يساهم في تحقيق الهدف الثاني والأكثر طموحا، يجب أن يزداد بواقع خمسة أضعاف على الأقل وهو ما يامله الخبراء من القادة السياسيين.

مشاركة :