حكم قضائي مصري يساوي بين المسيحيين الذكور والإناث في الميراث

  • 11/27/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أصدرت محكمة حلوان لشؤون الأسرة في مصر، الاثنين، حكما يعتبر الأول من نوعه ويقضي بالتساوي بين الورثة المسيحيين ذكورا وإناثا في الميراث، إثر قضية رفعتها المحامية هدى رشاد برسوم نصرالله، قد استمرت عاما كاملا، في تطور جديد ربما يحل أزمة كانت سببا في تفكك العشرات من الأسر وانفراط عقدها. وتقول نصرالله، إن القضية التي رفعتها تمنح آلاف المسيحيات حقوقهن كاملة دون إثارة مشكلات مع عائلاتهن، فمعرفة كل طرف بحقوقه يلغي النزاع، كما يتماشى مع اللائحة الكنسية الصادرة عام 1938 التي تساوي في المواريث. وظلت قضية الميراث بابا مفتوحا للتفكك الأسري بين المسيحيين في مصر، مع معاملتهم وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية بحصول الإناث على نصف ما للذكور، في حال الخلاف حول التركة، رغم وجود لائحة كنسية تقضي بالمساواة الكاملة بين الورثة. وتوجد عشرات الآلاف من الأسر المسيحية التي يقاطع فيها الأشقاء بعضهم بعد وفاة الوالدين بسبب تمسك الذكور بتطبيق الشريعة الإسلامية بمنطق غائي بحت باعتبارها تمكنهم من الحصول على ضعف حصة الإناث، ودون الاعتداد باللوائح الكنسية المنظمة التي لا تأخذ بها غالبية المحاكم في حيثياتها. وتلجأ الأسر المسيحية عادة إلى التراضي بعيدا عن دوائر المحاكم أو توزيع الأب ميراثه بين أبنائه وبناته في حياته تجنبا للمشكلات المستقبلية، وحال موافقة الورثة على المساواة يصدر “إعلان الوراثة” بمنح الذكر ضعف ما للأنثى ويظل التطبيق هو المحك. وتضيف نصرالله لـ”العرب”، أن المشكلة تتفاقم في المجتمعات المغلقة، مثل جنوب مصر التي يرفض فيه الذكور، سواء أكانوا مسلمين أم مسيحيين، منح الشقيقات حقوقهن كاملة، بزعم أن أملاك العائلة لا يجب أن تذهب للغرباء (أزواج الشقيقات). وكانت ماريان م، من المنيا بجنوب مصر، من بين النساء اللاتي تعرضن للظلم في الميراث من قبل أشقائهن الذكور، وذلك قبل خمس سنوات، ورفضوا منحها حقوقها في الأرض والمنزل، وخيروها بين الحصول على مبلغ مالي هزيل أو اللجوء إلى المحاكم والاستمرار في دعاوى تستمر لسنوات. وأكدت ماريان، لـ”العرب”، أنها حينما لجأت إلى القضاء كانت النتيجة تعرضها للمقاطعة من جميع أشقائها واضطرارها للانتقال إلى مدينة أخرى مع زوجها تحاشيا للاعتداء عليه، وحتى في المناسبات يلتقي الطرفان وجها لوجه، ولا يتبادلان التحية. وتتعرض 35 بالمئة من السيدات اللاتي حرمن من ميراثهن للإيذاء الجسدي من قبل الذكور حال رفعهن دعاوى قضائية، و50 بالمئة منهن يجبرن على التنازل عبر الابتزاز المعنوي خوفا من قطع صلة الرحم، وفقا لإحصائيات رسمية. وأطلقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (منظمة حقوقية) قبل أشهر حملة بعنوان “مسيحيات في البطاقة.. مسلمات في الإرث” لتسليط الضوء على معاناة آلاف النساء المحرومات من الحق في الاحتكام إلى مبادئ شريعتهن بخصوص توزيع منابات الإرث وباتت المواريث مشكلة مزمنة مع تسيد النزعة المالية على العلاقات الإنسانية والأسرية، وتستقبل المحاكم المصرية سنويا 144 ألف دعوى قضائية بين أشقاء حول خلافات الميراث، وغالبا ما تكون المرأة العنصر الرئيسي فيها. واضطر مجلس النواب المصري إلى إجراء تعديلات قانونية قبل عامين تقضي بمعاقبة كل من امتنع عمدا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث، بالحبس أو الغرامة المالية، لكن غالبا ما تتنازل النساء الصادر لصالحهن الحكم خوفا من وصمة حبس الأشقاء. وتصبح المشكلة أكثر تعقيدا عندما يكون الحرمان من الأم وليس الأشقاء الذكور، فوفقا لتفصيلات دعاوى الميراث المرفوعة أمام المحاكم المصرية كانت نصف الدعاوى مُقسمة بين تعنت الأمهات في توريث بناتهن أو لجوء الآباء إلى توزيع التركة على الذكور فقط قبل الوفاة. وتطمح مسيحيات بمصر إلى أن يخلق تراكم الدعاوى القضائية التي تطالب بالاحتكام للشريعة المسيحية في قضايا الأحوال الشخصية والمواريث تغييرا في العرف الأسري السائد. وأشارت الناشطة فيولا فهمي لـ”العرب”، إلى أن الحكم من شأنه ردع طمع الذكور داخل الأسر المسيحية بوجه عام، ففي بعض الحالات يلجأ الأخوال والأعمام إلى القضاء في محاولة لمشاركة الأنثى ميراثها من والديها، في حال عدم وجود شقيق ذكر، لكن تأثير حكم المساواة مرهون بصدور المزيد من الأحكام التي تجعله قضية عامة. وربما تصطدم رغبة المسيحيات بإشكاليات قانونية، مثل لجوء بعض الذكور للطعن في الحكم بعدم دستوريته مستندين إلى أن الدستور ينص على أن الشريعة الإسلامية، هي الشريعة العامة، وتطبق في حال غياب نص تشريعي عن شرائع غير المسلمين في أحكام المواريث. وتصر معظم المحاكم المصرية على تطبيق المادة الثانية من الدستور التي تقضي بأن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع دون الاعتداد بالمادة الثالثة التي تنص على أن مبادئ شرائع أتباع الديانات السماوية المصدر الرئيسي للتشريع في أمور تخص أحوالهم الشخصية، واختيار قياداتهم الروحية. وأوضح المحامي أحمد مهران، لـ”العرب”، أن الحكم الجدي سيفتح نزاعات كثيرة تزيد المشكلات الأسرية بدلا من تقليلها، فبعض حالات الميراث تحصل فيها المرأة على حصة أكبر من الرجل، وفي حال المساواة ستجد مسيحيات أنفسهن متضررات، ما يزيد اللغط داخل الأسر. ويقول المحامي نجيب جبرائيل، لـ”العرب”، إن الحكم يمتد أثره إلى النزاعات القضائية التي سبق الحكم فيها، وبالتالي يحمل إنصافا لآلاف السيدات اللاتي تعرضن للظلم من أسرهن.

مشاركة :