تفاقمت ظاهرة الانتحار الجماعي التي اتسعت مؤخرًا بتركيا في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد منذ العام الماضي، والذي شهد انهيار الليرة التركية وارتفاع التضخم والبطالة ومعدلات إفلاس الشركات، وتتفاقم ظاهرة الانتحار في تركيا بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً بين الشباب، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية. وتصاعدت حالات الانتحار الجماعي في تركيا بشكل كبير خلال الأسابيع الأخيرة نتيجة الضغوط الاقتصادية الشديدة وارتفاع تكاليف المعيشة وفقدان الأمل في تحسن الأوضاع في المدى المتوسط، وبدأت سلسلة حوادث الانتحار الجماعي بانتحار أسرة بكاملها مكونة من الزوج والزوجة وطفليهما بعد معاناتهم من الاكتئاب نتيجة تراكم الديون، وقبل ذلك سجل انتحار عائلة مكونة من أربعة أشقاء وايضًا في تركيا، ثم انتحار أب وابنته في أنقرة، وفي كل هذه الحالات كان القاسم المشترك بين أصحابها هو تدهور الأوضاع الاقتصادية ، والانتحار بمادة «السيانيد» السامة ذات المفعول السريع، التي تؤدي إلى الموت خلال 2-5 دقائق. الجدير بالذكر أن خبراء الاجتماع وعلم النفس يؤكدون بأن النسبة الكبرى من حالات الانتحار جاءت بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية في انقره وهو ما تحاول الحكومة إنكاره بشتى الطرق، وفوق ذلك هناك محاولات للتعتيم على حالات الانتحار في البلاد، والدليل على ذلك تصريح النائبة عن حزب الشعوب الديمقراطي "أيهان بيلجين": "هناك صحافيون اعتقلوا لأنهم نشروا أخباراً عن موضوع زيادة حالات الانتحار"، مما جعل تركيا أكبر سجن للصحفيين بسبب القمع الأردوغاني. وشهدت تركيا 3 آلاف و69 حالة انتحار خلال عام 2017م من بينها 233 حالة، بسبب ضيق المعيشة والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تشهدها البلاد، وفي 2018م جاء أعلى معدلات الانتحار بسبب الأوضاع الاقتصادية في انقرة بواقع 34 حالة، و20 في إزمير، و14 في بورصة، و13 بالعاصمة أنقرة، و12 في أنطاليا، و9 في مرسين، و8 في كونيا، و7 في غازي عنتاب و7 في أضنة، إلى جانب حالات في مدن أخرى. تزايدت حالات الانتحار في تركيا بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، وفي خلال الفترة الممتدة بين عامي 2014م و2017م بلغ 9 آلاف و479 شخصاً، غالبية حالات الانتحار وقعت في إسطنبول. ولم تحرك الحكومة التركية ساكنًا عدى دراسة حظر بيع مادة «السيانيد» السامة لمواجهة تزايد حالات الانتحار، وقال مراد كوروم وزير البيئة والتخطيط العمراني التركي: "نقوم حالياً بإجراء تعديلات تشريعية لحظر بيع المنتجات التي تحتوي على مادة السيانيد السامة في السوق وعبر الإنترنت لمواجهة حالات الانتحار التي تزايدت مؤخراً". ضغوطات كبيرة يعيشها الشعب التركي نتيجة فشل نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقف التدهور الاقتصادي الذي يعاني منه الشعب التركي بكافة طوائفه، وبعد وقائع الانتحار الجماعي المتتالية في الأيام الأخيرة بسبب تراكم الديون على الشعب التركي، فالحكومة التركية لا تزال تدرس حظر مادة السيانيد السامة, دون حلول جذرية لمحاربة البطالة والفقر للشعب التركي المسكين.
مشاركة :