يحظى ليستر سيتي اليوم بعدد أكبر من النقاط عما كان لديه في مثل هذه المرحلة من موسم 2015 - 2016، الذي فاز فيه باللقب. ومع أنه من غير المحتمل أن يكرر النادي هذا النجاح الذي لم يكن تتجاوز احتمالات حدوثه 1 إلى 5 آلاف فإنه يشكل المنافس الأقرب لليفربول. وبعد سلسلة من خمسة انتصارات متوالية اخترق خلالها هدف واحد فقط شباك ليستر سيتي، يقف اليوم النادي في المركز الثاني بجدول ترتيب أندية البطولة متفوقاً بفارق نقطة واحدة على البطل حامل اللقب، مانشستر سيتي الذي يسعى للدفاع عن لقبه هذا الموسم. الواضح أن مدرب الفريق بريندان رودجرز يبلي بلاءً رائعاً، فمنذ انضمامه إلى النادي في فبراير (شباط)، لم يحصل فريق آخر على عدد أكبر من النقاط عن ليستر سيتي (46) سوى ليفربول (65) ومانشستر سيتي (58). وربما يبدو هدف الفوز باللقب للمرة الثانية في غضون خمس سنوات ـ والثانية على مر تاريخ النادي ـ بعيد المنال، لكن التأهل لبطولة دوري أبطال أوروبا يبدو هدفاً واقعياً تماماً. في الواقع، يستحق رودجرز كل الثناء الذي انهال عليه، وكذلك الحال مع الثنائي الهجومي جيمي فاردي وجيمس ماديسون. جدير بالذكر أن فاردي أكبر هداف بالبطولة بإجمالي 12 هدفاً، بينما نجح ماديسون في الحصول على مكان له في المنتخب الإنجليزي الأول في وقت سابق من الشهر الجاري بفضل مستوى أدائه الرائع. في خط الدفاع، شكل شالار سوينغو وجوني إيفانز شراكة متينة، بينما لا يكاد يظهر تأثير لرحيل هاري ماغواير. وعلى مدار المباريات الـ13 التي خاضها ليستر سيتي حتى الآن، دخل شباكه ثمانية أهداف فقط، المعدل الأقل على مستوى بطولة الدوري. ولم يدخل شباك الفريق أي أهداف خلال مبارياته الأربع الأخيرة. واستحوذ فاردي وماديسون وسوينغو على العناوين الرئيسية للأخبار، لكن يبقى نجم المشهد الذي لم ينل حظه المستحق من التقدير بعد ويلفريد نديدي. كان ليستر سيتي قد ضم لاعب خط الوسط من نادي غينك مقابل 15 مليون جنيه إسترليني في يناير (كانون الثاني) 2017 على أمل أن يحل محل نيغولو كانتي في دور اللاعب القادر على الفوز بالكرة في قلب الملعب. وقدم اللاعب النيجيري الدولي بداية طيبة مع ليستر سيتي، لكنه قدم مستوى جديدا تماماً من التألق هذا الموسم في ظل قيادة رودجرز. ويتولى نديدي حماية الدفاع، والسماح للاعبي الهجوم بالتألق. الملاحظ أن رودجرز يحظى بوفرة في لاعبي الهجوم، مع نجاح كل من آيوزي بيريز ويوري تيليمانز وهارفي بارنيز في ترسيخ وجودهم بالفريق هذا العام وتكميل الدور الذي يضطلع به كل من ماديسون وفاردي. وكون بيريز شراكة ممتازة مع ريكاردو بيريرا على الجناح الأيمن، مع بناء بارنيز شراكة مشابهة مع بين تشيلويل على الجناح الأيسر. ويعتبر لاعبو مركز ظهير ـ الجانب في ليستر سيتي الأفضل على مستوى بطولة الدوري الممتاز بالنظر لقدرتهم على توفير منافذ هجومية من نقاط بالعمق. وبإمكان جميع هؤلاء اللاعبين الهجوميين معاقبة المنافسين بفضل تمركز نديدي خلفهم، ذلك أنه ينطلق عبر وسط الملعب، ويستعيد الكرة ليعيد الاستحواذ عليها من جديد. ويعتبر مشهد نديدي وهو يطارد خصما واحدا من المشاهد التي لن تمل منها جماهير ليستر سيتي بكل تأكيد. إلا أنه ينبغي الانتباه هنا إلى أن نديدي ليس في الفريق من أجل خلق فرص. في الواقع، يتسم دور نديدي بالبساطة، لكن هذه البساطة لا ينبغي أن تقلل من أهميته في الفريق. في الحقيقة، التنسيق بين مثل هذا العدد الكبير من لاعبي الهجوم داخل فريق ببطولة الدوري الممتاز أمر يتعذر تخيله لولا تأثير نديدي القوي باعتباره رمانة الميزان بقلب الملعب. الملاحظ أن نديدي يتبع أسلوباً متزناً تجاه إبقاء لاعبي الخصوم بعيداً. وتشير الأرقام إلى أنه ارتكب 19 مخالفة هذا الموسم (17 لاعباً فقط بالدوري ارتكبوا مخالفات أكثر)، لكنه تعرض للإنذار مرة واحدة خلال 12 مباراة شارك بها، ما يوحي أنه يلعب بذكاء. في الواقع، يبدي هذا اللاعب قدراً هائلاً من النضج. الصيف الماضي، وقع ليستر سيتي مع نيديدي عقداً لمدة ستة سنوات، ما يبدو أنها خطوة حكيمة. وإذا عاد النادي إلى دوري أبطال أوروبا، فإنه سيحتاج إلى نديدي بشدة في وسط الملعب لتعقب الخصوم وبدء الهجمات.
مشاركة :