في خطوة من شأنها أن تحل مشاكل الاتصالات والإنترنت في مصر، احتفت مصر أمس بإطلاق أول قمر صناعي مصري للاتصالات، تحت اسم «طيبة 1».وانطلق القمر بنجاح مساء أول من أمس من قاعدة الإطلاق بمدينة كورو بإقليم جويانا الفرنسية بأميركا الجنوبية، بعد أن كان مقرراً يوم الاثنين الماضي، حيث تأجل الإطلاق بسبب شدة الرياح.ورغم أن تأجيل الإطلاق إجراء طبيعي يتم في أحداث مشابهة لظروف تتعلق بالطقس، فإن حالة القلق التي انتابت المصريين الاثنين الماضي بسبب التأجيل تحولت في اليوم التالي إلى سعادة غامرة مع نجاح عملية الإطلاق، التي بشرهم المسؤولون على إثرها باتصالات لا تنقطع وإنترنت سريع، بسبب الإتاحة المكانية والزمانية، التي توفرها الاتصالات الفضائية.وتستخدم الاتصالات التقليدية الموجات الكهرومغناطيسية لنقل الإشارات والمعلومات بين مرسل ومستقبل، لكن هذه الإشارات تحتاج إلى خط رؤية واضح أمامها حتى تصل بسهولة، غير أنها قد تصطدم بمبانٍ شاهقة وأشجار طويلة، فيكون الحل هو استخدام الأقمار الصناعية لترحيل الإشارة إلى أعلى؛ مما يسمح بالاتصال بين النقاط المنفصلة على نطاق واسع.وقال صلاح عبية، مدير مركز الفوتونات والمواد الذكية بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القمر (طيبة 1) من نوعية الأقمار التي تساعد في حل هذه المشكلة، ليس على مستوى مصر فقط، ولكن يمكن من خلاله تقديم خدمات لبعض البلدان الأفريقية والعربية».ويبعد القمر الصناعي «طيبة 1» نحو 36 ألف كم متر عن سطح الأرض؛ وهو ما يجعل مساحة مصر بالنسبة له مجرد نقطة، وهو يستطيع أن يخدم إلى جوارها دولاً أخرى، وتختلف الأقمار في بينها من حيث المساحة التي يمكن تغطيتها، والتي تعرف باسم «حجم بصمة» القمر، كما يؤكد الدكتور عبية.ورغم أن الهدف الأساسي، الذي أعلنت عنه الحكومة المصرية، هو رفع كفاءة الاتصالات، فإن هذه المهمة تكون إحدى مهام أقمار الاتصالات، والتي يمكن أن تكون مفيدة في مجال جمع المعلومات.يقول عبية، إن «القمر (طيبة 1) يمكن أن يفيد مصر في جمع المعلومات عن التغيرات المناخية، والاستعداد للأحداث المناخية غير المتوقعة، مثل الهطول الشديد للأمطار، الذي شهدته مصر قبل أسابيع، وهي وظيفة مهمة جداً تقدمها أقمار الاتصالات في الدول المتقدمة».إضافة إلى هذه الوظيفة المهمة، التي أشار إليها الدكتور عبية، كان بيان صادر عن وزارة الاتصالات في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، قد أشار إلى فوائد أخرى، إحداها تتعلق بدعم جهود الدولة في مكافحة الإرهاب عن طريق رصد التجمعات الإرهابية، وأخرى تتعلق بدعم جهود التنمية الشاملة عن طريق رصد موارد مصر الطبيعية مثل مناطق تجمعات المياه.ومن المتوقع أن يبدأ التشغيل الفعلي للقمر «طيبة 1» بعد أيام عدة من إطلاقه، حيث انفصل عن الصاروخ «آريان - 5» الذي كان يحمله بعد 34 دقيقة من الإطلاق، وسيصل خلال أيام إلى موقعه الذي سيظل فيه 15 عاماً على بعد 36 ألف كم متر من الأرض.وقبل إطلاق القمر الصناعي بأيام قال الدكتور محمد القوصي، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية، في تصريحات صحافية، إنه «سيعمل على إنهاء الأعطال المتعلقة بالنظم الإلكترونية»، مضيفاً: أن عبارة «(السيستم وقع) سوف تنتهي من القاموس مع (طيبة 1)»، موضحاً أنه بعد 3 أشهر من إطلاقه القمر الصناعي سنتلقى منه الاتصالات والخدمات، وأنه سيؤمّن للمواطنين اتصالات وخدمات إنترنت مستمرة 24 ساعة في اليوم دون انقطاع.وكانت الحكومة المصرية قد استقبلت خبر الإطلاق ببيان أكدت فيه أن «القمر المصري يمثل نقلة نوعية في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ليس للمصريين فحسب، بل لأشقائهم من العرب والأفارقة... كما يمثل حجر زاوية لدعم المشروعات التنموية الكثيرة، التي تبنيها مصر اليوم لتحقق استراتيجية 2030 للتنمية المستدامة».
مشاركة :