الكتاب موضة قديمة . الكتاب ذلك الاكتشاف الذي وجد منذ ملايين السنين، وإن اختلفت أشكاله ليكون هو الجسر الممتد بين الشعوب، والتاريخ، والقصص وحيوات تعيشها من دون أن تكون جزءاً ماضياً فيها لتصبح جزءاً حاضراً منها اليوم وأنت في مكانك.الكتاب ذلك الذي يولد من عصارة الأفكار ووقت صاحب القلم وروحه التي يتجرد فيها من كل شيء ليكتب ما في فكره وفي يقينه الصادق أنه ينقل الكثير لكي يعيشه الآخرون فيتعلموا من دون أن يعيدوا التجربة فيكتسبوا كل التجارب باختصار الوقت والأماكن. اليوم، وفي نقاش سريع بعد عرس معرض أبوظبي للكتاب الذي أسدل ستاره الأربعاء الماضي في احتفالية جميلة بمرور 25 عاماً على انطلاقته، نجد أن الزخم الموجود في المكتبات كبير جداً باختلاف المواضيع والثقافات وباختلاف ثقافة الكاتب نفسه. الكتب أصبحت أسهل الأشياء توفراً بعد أن كانت في الماضي ثروة يمتلكها البعض من المفكرين. هي المولود الذي يولد على الرفوف ويكبر في حضن الأيام بين يدي القارئ ولا يشيخ إلا عند بعضهم ، فقد سمعت أحدهم يقول الكتاب موضة قديمة، ولا نقول إنه مخطئ. في ثورة الوسائل الاجتماعية وفي زحمة الوقت الذي يضيع كثيراً للبعض فيما لا يمكن أن يحسب لهم في المستقبل فإننا نقف أمام حقيقة: من يقرأ اليوم كتاباً؟ ولا أقصد الكتاب البسيط العادي الذي قد لا يتعدى في صفحاته ال100 بل من يقرأ في اليوم كتاباً ويحصد في شهره صفحات تفوق ال500؟ هل فعلاً ما يقوله صحيح وبات الورق يتيماً على الرفوف ينشد محباً يمضي فيوقفه بخجل سائلاً متى اللقاء؟ ليس فينا من قد ينكر أن لا حياة حقيقية لمن لا يقرأ ولا طموح يكبر لمن يتكاسل، ولا نجاح لمن يتباطأ، ولا وجود لعقل مبدع لمن لا يتشرب التجارب ويحللها. لا نعيب هذا الوقت أو الجيل فقد أصبحنا كلنا أو لنقل بعضنا لا ينفك يترك جهازه سواء الآي باد أو الهاتف الذكي ساعة ويندمج في كتاب. صرنا نفتقد لتلك الروحانية الخاصة التي تمنحنها إياها أوراق الكتاب واسترسالاتنا العميقة وتفهمنا لما بين السطور ولما لم يقل. أحياناً نقول: هل سيأتي يوم وتبقى دور النشر في معارض الكتاب خاملة لا يأتيها أحد؟ لا أعتقد، فالكتاب لن يصبح موضة قديمة، فهو مخلد عبر العصور والأمم. مازلنا نجد تلك الحياة الأخرى حين نغلق كل شيء ونترك كل شيء ونتنفس الحب بين دفتي كتاب ونمتزج في التاريخ بين أوراق قديمة تحكي عن ملوك وقصور. أنت في عالمك وهو في عالمه تلتقيان في ساعات اختلاء تبقيك هادئاً وتملك بعدها رؤية أخرى. لن يكون الكتاب يوماً موضة قديمة وإن كان اليوم بعضهم جعله كذلك وهو لا يدرك أنه يفتقد في حياته الحياة. Mar_alblooshi@hotmail.com
مشاركة :