تعتزم الحكومة الألمانية حظر أنشطة حزب الله على أراضيها، ويرتقب أن يصدر قرار بهذا الخصوص خلال الأسبوع المقبل، في خطوة من شأنها أن تضيق الخناق على الحزب اللبناني، وتعمق مأزقه في ظل احتجاجات صاخبة يشهدها لبنان منذ أكتوبر الماضي، تطالب بكنس كل السلطة الحاكمة التي يعد الحزب أبرز أضلاعها. ونقل موقع “شبيغل أونلاين” الألماني عن مصادر داخل الحكومة الاتحادية، قولها إن وزارة الخارجية اتفقت مع كل من وزارتي الداخلية والعدل على حظر حزب الله الأسبوع الماضي. وأن وزارة العدل منحت المدعي العام الضوء الأخضر للتحقيق في نشاطات الحزب داخل هذا البلد الأوروبي. وأكد الموقع أنه من المحتمل أن يصدر قرار يكون ساري المفعول في هذا الشأن، خلال مؤتمر لوزراء داخلية الولايات ووزارة الداخلية الاتحادية، المقرر عقده الأسبوع المقبل. وحسب مصادر “شبيغل أونلاين”، فإن القرار سيساوي فور اتخاذه أنشطة الحزب اللبناني وأعضائه في ألمانيا بأنشطة كل من حزب العمال الكردستاني وتنظيم الدولة الإسلامية. وتصنف كل من الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وهولندا وعدد من الدول العربية، حزب الله بشقيه السياسي والعسكري منظمة إرهابية. في المقابل يفصل الاتحاد الأوروبي بين الذراع السياسية للحزب وجناحه العسكري الذي كان أدرجه على قائمته للإرهاب في العام 2013. وصنفت بريطانيا الحزب في مارس الماضي على أنه منظمة إرهابية بالكامل، لتلحق بها كل من هولندا وكندا. وفي المقابل ترى الحكومة الألمانية أن حزب الله طرف سياسي في لبنان، حيث إنه ممثل في البرلمان والحكومة، وبالتالي حظره بشكل كلي ستكون له تداعيات على كيفية التعامل مع لبنان، وهذه الحجة لا تلقى صدى لدى الولايات المتحدة، ويبدو أن برلين نفسها لم تعد مقتنعة بها، في ظل تنامي تهديدات الحزب. ولطالما حثت واشنطن برلين على حظر أنشطة حزب الله بجناحيه، بسبب أنشطته الإجرامية على المستوى الدولي وأجندته المزعزعة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وآخر الدعوات الأميركية تلك التي صدرت عن السفير الأميركي في برلين ريتشارد غرينل في مقال نشره في صحيفة “دي فيلت” الألمانية في سبتمبر الماضي حيث قال فيه “بصرف النظر عن موقف الاتحاد الأوروبي، يمكن لألمانيا أن تعلن على غرار هولندا وبريطانيا حظرا تاما لحزب الله”. واعتبر السفير الأميركي أن هذه الخطوة “لن تدرأ فقط حزب الله عن البحث عن أنصار وأموال تبرعات في ألمانيا. بل إن ألمانيا نفسها سوف تبعث أيضا إشارة قوية بأنه لا تسامح مع العنف والإرهاب ومعاداة السامية في أوروبا”. ورأى غرينل أن ربط حضور حزب الله في الحكومة والبرلمان ليس ذريعة مقنعة، وأن ذلك ليس الطريقة الوحيدة للحفاظ على التواصل مع الحكومة اللبنانية، وقدم مثالا في هذا الخصوص “هولندا وبريطانيا والولايات المتحدة تقيم علاقات متينة مع لبنان. ويحصل منا هذا البلد على مساعدات تنموية أكثر من أي دولة أخرى في العالم، لكن في الوقت نفسه نظل مخلصين لمبادئنا ونصف حزب الله بما هو عليه: بأنه منظمة إرهابية”. ويتعرض حزب الله لضغوط شديدة من قبل الإدارة الأميركية الحالية، وبلغ عدد الأعضاء والكيانات المرتبطين بالحزب والمدرجين على لائحة الإرهاب الأميركية، أكثر من 50 منذ العام 2017، وضمت القائمة كذلك نوابا عن الحزب في البرلمان اللبناني. ويقول محللون إن الولايات المتحدة قد تكون لعبت دورا في توجه ألمانيا نحو إدراج حزب الله بكامله منظمة إرهابية، خاصة وأن واشنطن لطالما وجهت انتقادات لسياسات برلين وعدم تفاعلها مع مسرح الأحداث في العالم، بيد أنه لا يمكن اعتبار أن ذلك السبب الرئيسي الوحيد فهناك اعتبارات داخلية من بينها تنامي نفوذ حزب الله داخل ألمانيا الأمر الذي بات مدعاة قلق كبير. وكشف تقرير استخباراتي نشر في الصائفة الماضية عن وجود أكثر من ألف عنصر ينتمي إلى حزب الله على الأراضي الألمانية. وأكد التقرير الصادر عن المخابرات في ولاية ساكسونيا السفلى أن عدد أعضاء الحزب وأنصاره ارتفع من 950 في عام 2017 إلى 1050 في عام 2018. ولفت التقرير المكون من 192 صفحة، والذي أعده عملاء المخابرات من جهاز أمن الدولة، إلى وجود 150 من عناصر حزب الله في ولاية سكسونيا السفلى وحدها. وبين أن “في ألمانيا، يحافظ أتباع حزب الله على تنظيمهم وأيديولوجيتهم وتماسكهم في جمعيات مرتبطة بالمساجد المحلية التي يتم تمويلها بشكل أساسي من خلال التبرعات”. وعلى ضوء ذلك التقرير حث حزب البديل اليميني في ألمانيا البرلمان إلى إصدار توصية للحكومة الاتحادية الألمانية، بضرورة حظر حزب الله بالكامل، من دون التفريق بين جناحيه العسكري والسياسي. وحزب الله هو ميليشيا مسلحة تشكلت في العام 1983 خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وأصبح الحزب الذراع الخارجية الرئيسية التي تراهن عليها إيران في تنفيذ أجندتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، حيث للحزب وجود في كل من العراق واليمن وخاصة سوريا.
مشاركة :